مواعظ على مدار السنة الطقسية 2008 ـ 2009
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
الإيمان مصدر "فرح أراكم من جديد فتفرح قلوبكم ". (يوحنا16: 22) استولى الحزن على التلاميذ عندما أعلن يسوع لهم بقرب ساعة الفراق. وسيستولى الحزن عليهم أكثر عندما سيرفع العريس عنهم. لكن إيمان التلاميذ وصمودهم حوَّل الحزن إلى فرح. “ إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح. إنكم ستحزنون ولكن حزنكم سينقلب إلى فرح” . ذلك بأن القيامة ستلغي كل غصة وتمحو كل هم عن القلوب. فالرب سيعود إلى تلاميذه بالقيامة وسيبقى معهم للأبد ليمسح كل دمعة من عيونهم. سيكون هو سبب فرحهم الدائم: "سأراكم من جديد، فتفرح قلوبكم. وفرحكم هذا لا يقدر أحد أن ينتزعه عنكم" (يوحنا16: 22). لكن هذا الفرح ثمنه غال. وبقدر ما هو غال هو ثابت أبدا. هذا ما عاشه التلاميذ وفهموه شيئا فشيئا. وبقدر ما كان إيمانهم بمعلمهم ينمو ويشتد بقدر ذلك كانت سعادتهم وفرهم بقربه كبيرا بالرغم من تجربة آلامه وصلبه. أجل لقد ضعف التلاميذ وتفرقوا أيام محكمة يسوع وصلبه . ولكنهم بقوا يراقبون من بعيد أو قريب، أين سيصل بهم معلمهم وماذا سيجري له . ومكثوا هكذا حتى قام وتراءى لهم ووبخهم لقلة إيمانهم ثم شجعهم وأرسل لهم الروح القدس فغدوا أبطالا لا يهابون العذاب ولا الموت. كل خلاص لا يتحقق إلا بثمن. فلا أحد منا يستطيع إسعاد عائلته دون أن يتعب ويشقى من أجلها. بعرق جبينك تأكل خبزك. ولا قيامة إلا عن طريق الصليب . فلا تخافوا. كلما شعرتم في حياتكم بصليب خفيف أو ثقيل فاعرفوا بأن القيامة قريبة. هذا هو ما يعلمنا إياه الإيمان بيسوع. لقد عاش هو هذه الخبرة وهو يدري أنكم تعيشونها بإيمان متوكلين على عونه وسنده. فالإيما إذن ينير لنا دروب الحياة الزمنية. إذ يعطيها معناها الحقيقي. ويرفع الإنسان عن أنانيته ويفتحه إلى عالم الله. ويوطد فيه الأمل داخل ظلمات هذا العالم. وعلى ضوء هذا الأمل نكتشف معنى الفرح الحقيقي. ونتحدى كل خوف. المسيحية ديانة فرح لا ديانة خوف. فالبشرى بفرح عظيم لجميع الناس كانت أولى البشارات بميلاد المسيح. وطالما تكررت كلمة "الفرح " على لسان يسوع. كما أن الملكوت الذي جاء ليحققه على الأرض " ليس أكلا وشربا، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس" (رومية 14: 17). افرحوا بالرب وأقول أيضا افرحوا...الفرح الذي يولينا إياه إيماننا المسيحي نابع من كلام يسوع وإيماننا الثابت بوعوده الصادقة. : افرحوا وابتهجوا لأن أسماءكم مكتوبة في السموات". فوجود المسيح معنا: إلاها حيا ومحبا وقادرا يشجعنا ويسندنا على مواصلة سعينا ويقوينا على احتمال آلامنا كونها فرصة ذهبية لزيادة هذا الإيمان وتعميق محبتنا للمسيح. ثقوا أنا غلبتُ العالم يقول يسوع. وهذه الثقة هي التي تخرج الخير من آلامنا وتزرع فيها قيمة فدائية مبهجة تنبىء بالخروج من آلامنا إلى أفراح حياة أنقى وضمير أريح. يؤكد على ذلك مار بطرس في رسالته الأولى فيقول: " فإن كان لا بد لكم الآن من الغم وقتا يسيرا من محن متنوعة، فذلك حتى يكون امتحان إيمانكم مدعاة مديح لكم... ."(1بطرس 1: 6=9). آمنوا بحضور يسوع وستجدون كيف يخيم الفرح في قلوبكم. آمين.
الفهرس 2008
الفهرس
2007
|