السنة الطقسية  2008-2009    أحـد العنصـرة يوحنا 16: 4-15

 فضيلة القوة       

"الرب نوري وخلاصي فممن أخاف".  فضيلة القوة هي فضيلة أدبية وهي هبة من الله لأن القوة هي

التسامي عن الأمور الصغيرة والصمود بوجه الإغراءات دون خوف. ذلك بأن الخير الذي نريده لا نفعله والخطيئة التي

لا نريد إياها نفعل. هذا ما كان يتألم منه مار بولس فيقول: " أشعر في أعضائي بشريعة أخرى تحارب

شريعة عقلي وتجعلني أسيرا لشريعة الخطيئة، تلك الشريعة التي هي في أعضائي... " (رومية7: 25) .

فما دمنا في الجسد فنحن معرضون لموانع كثيرة. عقبات مزروعة في طريقنا وتحديات لا تهدأ في القيام

 أمامنا هنا وهناك ، ومع الأشخاص الذين ما كنا لننتظر منهم موقفا مزعجا. فضيلة القوة هي التي تملي

علينا موقفا ملائما لكل من هذه الحالات. وبقدر ما تواجهنا الحالات على غفلة منا بقدر ذلك نحتاج إلى

 قوة للتوازن والصمود. والذي يصمد إلى المنتهى فهذا يخلص. هكذا قال ربنا في إنجيله المقدس.

 ألا تعلمون كيف أن كثير ا من الملوك والسلاطين والحكام قد اهتدوا بعد أن عذبوا وقتلوا المئات من

 الشهداء، فدهشوا لصمودهم واهتدوا بمثالهم .

فضيلة القوة هي أيضا أن نعرف كيف نصبر ونحتمل ونقاوم فينا الضعف الذي يدفعنا هنا للإنزلاق في التجربة وهناك للانتقام ممن يؤذينا. وهي في ظروف أخرى التزام الهدوء والرصانة بوجه الحوادث الطبيعية من برد أوحر أو جوع أوعطش . أو من أي حرمان أو ألم أو تعب أو مرض أو إخفاق . دون أن نفقد الهدوء بوجه المعتدئين علينا. وبمقابلة سوءهم بالمسامحة قدر المستطاع. في كل هذه الأحداث التي هي نسيج حياتنا البشرية اليومية نحتاج إلى قوة روحية. قوة هادئة، لا هجمة غير واعية تحطم و تدمر فتزيد الشر وتوقد عداوات يطول أمدها. وهي في كل الأحوال لا تحل مشكلة، ولا هي من شيم المسيح. هذه الفضيلة هي من فعلنا نحن ولكن الله يؤيدها فينا ويسندها لتكون لنا قوة خلاصية. فالله الذي يقوي فينا الإرادة ويعطينا الصمود ويسند ضعفنا يطالبنا بأداء قسطنا من العمل لتكميل مفعولها. فمَن لا يقوم بجهد ولا يريد أن يكلف نفسه مشقة التعاون مع نعمة الرب لا يستطيع اقتناء هذه الفضيلة. تأملوا في ما ترونه اليوم من تخاذل وميوعة وابتعاد عن القيم في مجتماعتنا في هذه البلدان الغربية بصورة خاصة. كل هذا لأن الإنسان لا يريد أن يتكلف مشقة الحياة . يريدها حياة في ظنه سعيد أعني خالية حسب ظنه من كل جهد ومليئة بالراحة والمتعة والأنانية. وثمرة هذا التخلي وهذا الهروب نحو الأسهل والأمتع والممنوع هي التعاسة والوصول أخيرا إلى حائط مسدود. فيلجأ حينذاك إلى التخلص من كربته باللجوء المخدرات وغيرها من وسائل الضياع حتى الانتحار. إن ثمرة النعمة هي الحياة وثمرة الخطيئة هي الموت. ثمرة فضيلة القوة هي الراحة التي نعيشها بعد جهد وصمود. قد جاهدت الجهاد الحسن، يقول مار بولس، وحفظ لي إكليل الشهادة. جاهدوا دون خوف واصمدوا فالنصر مضمون لنا بقوة صليب المسيح. آمين

 

 

م. ج. زائر رسولي

 

الفهرس 2008