مواعظ على مدار السنة الطقسية 2008 ـ 2009
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
فضيلة الرجاء “ لأننا بالرجاء نلنا الخلاص" رومية 18: 24 نتكلم اليوم عن فضيلة الرجاء بإزاء الفشل. كلامنا عن الفشل ليس لتثبيط العزائم ، بل لتفهم واقع الرجاء من جميع نواحيه، واكتشاف فعاليته بوجه مختلف أشكال الضعف البشري. علما بأن الناس لاسيما العلما اعتادوا في بحثهم عن حقائق الأمور بالتفتيش عن نقيضها أو عن السلبيات والأخطاء المضادة لها. فالفشل هو نقيض الرجاء وهو ضده بمقدار ما يقود الإنسان إلى اليأس. وهو من ثَم أحد الأخطار الجسيمة التي تهدد الإنسان. لأنه يشل الحياة ويبعدها عن هدفها. ويتعرض الإنسان إلى حالة الفشل وخمود النشاط عندما يتصرف مُشتتَ الفكر خاليا من الاتزان والسيطرة على ذاته ونزعاته . أو عندما يصاب بأتعاب جسمية أو نفسية مرهقة من جراء الأمراض، أو من تكرار الإخفاقات والمعاكسات. أو إثر صدمات وغير ذلك مما يعاكس ويعترض حياة الإنسان. كيف نواجه هذا الفشل الذي يصيبنا جميعا بنسب متفاوته ولاسباب مختلفة. أو لردات خطيرة عندما يكون ناتجا عن صدمة أو مرض لا سمح الله. في مثل هذه الحالات يبرز دور الرجاء وقدرته كفضيلة إلهية وكعلاج لداء الفشل. فالرجاء فضيلة تدفعنا لنستفيد من قدراتنا الطبيعية، نتعاون بها مع نعمة الرب في معالجة أسباب الفشل وقهرها وإزالتها.: اكانت مرضية أم نفسية أم عرضية. فنضع النظام في حياتنا وندخل ساحات التفاؤل، مستندين في ذلك على الاستنارة بتعاليم المسيح وقراءة الإنجيل ومصارحة الكاهن . فهذه الاستشارات ترسم لنا سبل الخروج من مأزق الفشل. كل إنسان يعرف ساعات ثقيلة وأوقاتا حرجة وأزمنة قاسية. والمسيحي له في معلمه خير دليل ليعرف كيف يتصرف مع هذه الحالات. فهو ليس أفضل من معلمه الذي عرف الضعف البشري واختبر التجارب والمعاكسات والافتراءات والخيانة وأخيرا الآلام والموت على الصليب. وقد نبهنا الرب بكل أمانة قائلا: مَن يريد أن يكون لي تلميذا فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني. إن العالم يبغضكم من أجلي ويضطهدكم. إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح وأنتم ستحزنون ولكن حزنكم يؤول إلى فرح. ويقول مار بولس: " إن كنا نتألم معه فلكي نتمجد معه. وإني أحسب أن آلام هذا الدهر لا توازي المجد المزمع أن يتجلّى فينا" (رومية8: 18). ويضيف في موضع آخر: “ ولذلك لسنا نفشل. لأن ضيقنا الحالي الخفيف ينشىء فينا ثقل مجد أبديا لا حدَّ لسموّه" (2قور4: 17).إن الصعوبات قد وُضعت تدريبا لنا ووضعت لكي تُقهَر. فهي إذن ليست مانعا أمامنا. إنها مثل الحواجز الموضوعة أمام الرياضيين. ونحن الذين تروضنا بتعاليم الإنجيل علينا أن نتحداها. فنحولها من موانع إلى حوافز تجعلنا نعرف ذواتنا ونتعرف على ضعفنا ونختبر قوتنا ونواصل مسيرتنا الإيمانية مستندين على قوة الرب. فلنتمرس بين أحضانه على مقاومة الفشل بتقوية رجاءنا بالذي تجسد واتخذ طبيعتنا وصارع الموت وغلب. فنحن لسنا إلا أبناء إله صار إنسانا من أجلنا. فيا أبناء الله ثقوا إن الله فيكم وهو منكم ومعكم. آمين.
الفهرس 2008
الفهرس
2007
|