مواعظ على مدار السنة الطقسية 2008 ـ 2009
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
التفانـي " المحبة تخدم " (1قور 13: 4) كما أن الإيمان بدون أعمال ميت على حد قول يعقوب الرسول، كذلك المحبة هي الأخرى من دون روح الخدمة تبقى ميتة. ويسوع أفهم تلاميذه بوجوب هذه الخدمة عندما غسل أرجلهم وقال لهم : " أنتم تدعونني المعلم والرب، وأصبتم فيما تقولون، فهكذا أنا. فإذا كنت أنا الرب والمعلم قد غسلت أقداكم، فيحب عليكم أنتم أيضا أن يغسل بعضكم أقدام بعض. فقد جعلت لكم من نفسي قدوة لتصنعوا أنتم أيضا ما صنعت إليكم" (يوحنا 13: 13-15). وهكذا فالمحبة لا تقوم بالقول: أنا أحبكَ. بل أنا خادمكَ .علينا أن نحب القريب بعرق جبيننا وتعب ساعدنا. إن اللامبالاة إزاء حاجات القريب هي خطايا ليست أقل جسامة وضررا من غيرها. فالرب سيديننا على الأعمال ضد المحبة وعلى إهمال المحبة أكثر من غيرها من الخطايا والذنوب : " تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم لأني جعت فأطعمتموني وعطشت فسقيتموني إلى آخره... بينما الحكم على المهمِلين هو بهذه الصرامة : " إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية لأني جعت فلم تطعموني وعطشت فلم تسقوني وغريبا كنت فلم تأووني وعريانا فلم تكسوني". الحضارة الحالية تدعي أنها وفَّرت للناس كل لوازم الحياة ولا يعوزها سوى أن تعيش وتتنعم وتسهر وتفرح. صحيح أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي هو اليوم أوفر راحة من ذي قبل. ولكنا نرى الناس وكأنهم أكثر تعبا من ذي قبل إلم نقل أكثر تعاسة. وإحدى أهم أسباب هذه التعاسة هي أن إنسان اليوم لم يعد يستطيع أن يقترب من قريبه ويعرض عليه خدماته. لأن الآخر سيفكر بغير ما تفكر به المحبة المسيحية. ولكن لانتخذ ذلك ذريعة لإهمال القريب. لأن الثقة التي تنشأ بين أبناء المعمل الواحد أو المدرسة الواحدة تخلق جوا صالحا لممارسة خدمة المحبة. هذا ولا ننسى أن أول من يجب علينا محبتهم وخدمتهم هم أفراد عائلتنا، وأيضا أبناء كنيستنا. فنجعل من كنيستنا فرقة عمل وخدمة تُحسس هذا المجتمع بمتطلبات المحبة . لذا توجب علينانحن الشرقيين في هذا البلد ألا نتباعد عن بعضنا ونهمل بعضنا بعضا لأننا هنا كنيسة بتراثها وعاداتها وروحانيتها الشرقية التي يريدنا فيها أساقفة هذا البلد خميرة صالحة وخدمة محبة للمجتمع الغربي الذي نحن فيه. فإن نحن تباعدنا عن بعضنا خسرنا هذه الروحانية وهذه الرسالة وهذه الخدمة. وأصبحنا لا شرقيين ولا غربيين. بل غير صالحين لشيء مثل الملح الذي يفقد طعمه. احزموا أمركم إخوتي وإلى الأمام في رسالة الخدمة التي هي رسالتكم. فهناك نفوس قد قرر الله أن يساعدها بواسطتنا. فإذا قصرنا في مساعدتها تبقى بدون عون ونكون نحن قد رفضنا مخطط الله. الصالح فينا هو من يُفيض نفسه على الآخرين ويعاملهم كما يريد هو أن يعاملوه. ليكن إذن كلامنا صالحا وخدمتنا جاهزة. وروحنا مرحة نرى في القريب الجانب الصالح. ونتقدم بإخلاص إلى خدمته كل مرة احتاج إلى مساعدة. هكذا نعيش المحبة ونشهد للمسيح ربنا. آمين.
الفهرس 2008
الفهرس
2007
|