|
تصويب لا بد منه
الاب الدكتور بهنام سوني عدت من مدينة ريميني الايطالية في شهر ايلول من عام 2006، لقضاء فترة راحة قصيرة في العراق. شكرت الله على التقدم العمراني في بغديدا "مدينة البيَع". الحركة العمرانية في ترميم وصيانة البيًع كانت هي الاخرى على قدم وساق. مثل هذا النشاط العمراني يثلج الصدور ويبرهن على محبة تراب الوطن وتاريخه. زرت بيعة القديسة شموني بية شموني "بشموني" في بغديدا. واغطبت لدى مشاهدتي حلتها القشيبة التي تستحقها. موضع نصب الشماس يلدا الشهير كان خاليا من لوح النصب. بعد استفساري عنه، قيل لي انه موجود في دار كاهن الرعية الاب اسحق باباوي. زرت هذا الكاهن الفاضل وشاهدت النصب المذكور. لقد اجريت على هذا النصب في بلدة برطلة عملية "التنظيف" من شوائب الجص والكلس وما شابه ذلك.
امعنت النظر في كتابة اللوح، فوجدت تاريخ وفاة الشماس يلدا يختلف تماما عن التاريخ الذي ذكرته في مقال طويل نشرته على صفحات مجلة شراع السريان (العدد 4، السنة الثانية، آب 2005 صحيفة 43-48). لا بد من ان اذكّر القاريء بان المقال الآنف الذكر كان قد دغدغ مشاعرنا التراثية في بغديدا وفي المنطقة.. كان لزاما تصويب "قرائتي الخاطئة" للنصب المذكور الذي سميته "اقدم نصب مسيحي مؤرّخ في بغديدا وفي المنطقة ولعله في العراق". وهذا ما جرى بالفعل. القراءة الخاطئة والمغلوطة سببها تشويه النص ورداءة الخط. وقد نوهت في نفس المقال عن امكانية قراءة النص بصورة اخرى. مع الاسف لم يتم تنظيف اللوح بصورة حسنة في حينه. ان الصورة التي اخذت للنصب وقراءة النص من قبلي ومن قبل العديدين حملتني على مثل هذه القراءة "المغلوطة". هذا نص اللوح ونص قرائته حسب ما جاء في مقالنا المذكور: بشم ءءؤا حيا ومحينا دميّةا.نفق من علما ارعنا وشني لعلما روحنا عليما نكفا ونب.. ؤويو يلدا مشمشنا داةقطل بيد إووميا دلا إح..ولا حوس..اةفسق من إوميا .. لؤ ..ينا اةقطل لبر من قريةؤ ولا ارجشو بؤ لبؤوؤي ولا شمعو بؤ بني جنسؤ ولا احوؤي ولا احينوؤي بشنة ايد بمنبنا دءلكسندروس ذو قرننا كل دقرا لؤن عوؤدنا نامر مريا حننا .. محسينا. واةقطل كؤ ةشرين قدم بسم الله الحي ومحيي الموتى. خرج من العالم الارضي وانتقل الى العالم الروحي الشاب العفيف.. يلدا الشماس الذي قتل بايادي الرومان بدون رحمة ولا شفقة قطع من قبل الرومان ..وقتل خارج قريته ولم يشعر به اهله ولم يسمع به ابناء جنسه ولا اخوته ولا اقرباؤه في سنة 1014 بموجب حساب الاسكندر ذي القرنين. كل من يقرأ هذا التذكار ليقل ايها الرب الحنان الغافر. وقتل في 25 تشرين الاول اليكم قراءة النص الحالي وتعريبه: ؤنا عوؤدنا؟؟ بنيشا دمري اف.. قديشا بشم ءءؤا حيا ومحينا دميّةا.نفق من علما ارعنا وشني لعلما روحنا عليما نكفا ونب.. ؤويو يلدا مشمشنا داةقطل بيدّي ةوإكيا دلا إح..ولا حوس..اةفسق من إوميا .. لؤ ..ينا اةقطل لبر من قريةؤ ولا ارجشو بؤ لبؤوؤي ولا شمعو بؤ بني جنسؤ ولا احوؤي ولا احينوؤي بشنة اففو؟ بمنينا دءلكسندروس ذو قرننا كل دقرا لؤن عوؤدنا نامر مريا حننا نؤا.. محسينا. واةقطل كؤ ةشرين قدم هذا التذكار؟ بوزن مار افرام القديس بسم الله الحي ومحيي الموتى. خرج من العالم الارضي وانتقل الى العالم الروحي الشاب العفيف.. يلدا الشماس الذي قتل بايادي الاتراك بدون رحمة ولا شفقة قطع من قبل الرومان ..وقتل خارج قريته ولم يشعر به اهله ولم يسمع به ابناء جنسه ولا اخوته ولا اقرباؤه في سنة1886؟ بموجب حساب الاسكندر ذي القرنين. كل من يقرأ هذا التذكار ليقل ايها الرب الحنان كن له غافرا. وقتل في 25 تشرين الاول بعد تنظيف النص، وجدنا سطرا كان مطموسا في الجدار وقت كتابة مقالنا. هذا تعريبه: "هذا التذكار بوزن مار افرام القديس". يُقصد بهذه العبارة ان الشعر المُهدى للشماش يلدا موزون على الوزن السباعي المنسوب الى مار افرام السرياني. مرتبة الآحاد في السنة مكسورة وغير واضحة للقراءة فهي تتراوح بين: الرقم 1-9، فتكون سنة وفاة الشماس يلدا سنة 1571-1579 ميلادية. ويعتبر نصب الشماس يلدا اقدم نصب في بيعة بشموني، وليس اقدم نصب مؤرخ في المنطقة كما ورد في مقالنا. نريد ان نؤكد في مقالنا باننا لم نرغب أبداً ان نغرر بالقاريء، ولا ان نقوّل ما لا يقوله النص، وبرهانا على موقفنا هذا، فاننا نصوّب قراءة النص بدافع "النزاهة" التاريخية بعد ان اتضحت بعض الشيء كتابة لوح هذا النصب. اننا ابدينا راينا يوم نشرنا مقالنا بقولنا عند قرائتنا للنص: "حسب ظننا"، او "لو صحت قراءتنا" نعتبر هذا النصب اقدم نصب مؤرخ في المنطقة. ما حملنا على كتابة هذا التصويب اذاً هو حبنا للحقيقة التي تحرر من يكتب في التاريخ، وتحرر ايضا من يقرأ التاريخ. وهذه هي صفة المؤرخ الحقيقي. لا نريد مطلقا ان يظلل مقالنا بسبب تشويش نصه القديم مَن يبحثون في تاريخ بغديدا، كما نؤكد بان بغديدا ليست بحاجة الى "بدع" تاريخية للدلالة على قدمها، لانها ارفع من مثل هذا المستوى الذي لا تطيقه النزاهة التاريخية. تحدث مثل هذه "الامور" الخارجة عن الارادة، ونعتبرها "فرصة" جريئة على تصويبها. لقد اشرنا في مقالنا مثلا الى اختلاف النظريات في قراءة نص تجديد بيعة بشموني. هناك من يؤكد بان البيعة جُددت سنة ااب 1102 يونانية، أي سنة 790/791 ميلادية. وهناك من يعتبر سنة التجديد سنة 2002 يونانية أي 1690/1691 ميلادية. لا يزال الجدال على سنة التجديد قائما الى يومنا هذا. هذا ما لا نريد ان يتكرر في مقالنا. ومن الله التوفيق وهو وحده الكامل ومصدر الكمال. بغديدا 29 أيلول سنة 2006
نتاجات أخرى للاب الدكتور بهنام سوني |
