احتفل غبطة ابينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بقداس عيد مار افرام السرياني في دير الراهبات الأفرامياتعظة ابينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان في قداس عيد مار أفرام السرياني ـ السبت في 28 شباط 2009 في دير الراهبات الأفراميات. - صاحبي السيادة، أخوتي الكهنة وأحباءنا الراهبات والرهبان والمؤمنين. - احتفالنا اليوم بعيد شفيع كنيستنا السريانيّة، مار أفرام، أبن نصيبين، تلميذ أسقفها الشهير "مار يعقوب النصيبيني"، و "شماس الرها" و "معلم" مدرستها اللاهوتية العريقة. - ويتصف أحتفالنا اليوم بالميزة الفريدة، أننا نقرّب الذبيحة الإلهية في دير اخوتنا الراهبات الأفراميات، بنات أم الرحمة، ومع أخوتنا الرهبان الأفراميين. - وكنيستنا السريانية تعلق الأمال الكبيرة على هاتين الجماعتين الرهبانيتين المكرستين، في المشاركة في نهضة الحياة الروحيّة والليترجيّة، والشهادة لإنجيل المحبة بممارسة أعمال الرحمة، في حياة جماعية، يعيشونها ويشهدون لها بالتواضع والوداعة والسعي في طريق الكمال. - للقديس أفرام السرياني تكريم مميز في الكنائس، شرقية كانت أم غربية، وقد خصص له أكثر من عيد وذكرى. كما لقب على مدى العصور بألقاب جميلة ومعبرة، كـ "ملفان الكنيسة الجامعة" و "كنارة الروح القدس" على اعتراف من البابا بنديكتوس الخامس عشر عام 1920. لكن كنيستنا السريانيّة فضلت أن تعيّد هذا القديس الذي تعتبره "شمس السريان" و "عامود البيعة" و "شماس الرها" في السبت ألأول من الصوم الكبير، مذكرة أيانا بارتباط هذا الملفان العظيم، شفيع السريان، بفضائل بطولية ليس أقلها البساطة الإنجيليّة والروحانيّة الصافية اللتان غمرت كيانه وميزت حياته بأسرها، لقد سعى هذا التلميذ إلى التشبه بمعلمه الفادي يسوع، بعيشه روح الصلاة والصوم وأعمال الرحمة، متحررًا من الارضيات، ومتغلبًا بالإماتة الطوعية على أهوائه البشرية، فحقق ما يصبوا إليه كل قديس: التقرب من مخلصه الإلهي حتى الإتحاد به. - تميزت حياة هذا القديس بالكرازة، والتدريس تأليفًا وإنشادًا، كما تزينت خدمته بأعمال الرحمة، وكل ذلك في أوقات عصيبة ملأتها الحروب والإضطهادات والأوبئة. لذلك نرى في القديس أفرام: - قديسًا شاهدًا متعمقًا في الكتاب المقدس ومتبحرًا في أسرار إيماننا. لقد كان أحد أركان مدرسة الرها اللاهوتيّة، إنكب على شرح الأسفار الإلهية وأبدع فيه بأسلوب متجذر في إيمان بسيط وعميق في الآن نفسه، يكشف عن الحقائق اللاهوتيّة بنفس شاعرية مرهفة. - قديسًا شاديًا بارعًا في الأناشيد الصلوات الطقسية، فحق لنا أن ندعوه عامودًا للبيعة ومشيّدًا لتراثها الليترجي، بالمواهب التي حباه الله بها، فأبدع في تأليف الأناشيد متخصصًا بفن "المداريش" والطلبات الملحنة، التي ما زالت تملأ كتبنا الطقسية لتروي عطشنا الروحي وتغذي نفوسنا مغزىً وتشنّف أسماعنا لحنًا. - وقديسًا شاعراً ملهمًا تغنى بالعذراء مريم، والدة الإله بأناشيد غنية بالمعاني تظهر دور الأم السماوية في تاريخ الخلاص. وجميل أن نذكر هنا أنّ البابا بيوس التاسع في إعلانه عقيدة سيدة الحبل بلا دنس الخطيئة الأصلية، قد استشهد بقول مار أفرام : "أنت وحدك ( يا يسوع) ووالدتك أجمل بنى البشر، إذ لا عيب فيك ولا وصمة عار في والدتك" (أناشيد نصيبينية 8: 27). تمثلنا بهذا القديس الشفيع. الرهبان الأفراميون، الراهبات الأفراميات.... "الصوم هو النفس للصلاة، والرحمة هي الحياة للصوم، فالذي يصلي عليه أن يصوم، والذي يصوم عليه أن يشفق" (القديس بطرس الذهبي الفم) لنضع الصوم في اطار دعوتنا المسيحية فلا نحيا بعد لذواتنا، بل للرب الذي بذل نفسه حبًا بنا، فنبادله الحب عينه والذي لا يتصف بالمصداقية، إلا إذا مارسنا أعمال الرحمة نحو القريب المحتاج إلى محبتنا.
|