|
عيد الميلاد الابيض
White Christmas
سألني أحدُهم قبل أيام، هل تحتفل بعيد الميلاد؟ أجبتُه: ولمَ لا أحتفل؟ إنه عيدي أنا، وعيدك أنت وعيد الإنسانية كلِّها! وأردَفَ سائلاً: وهل لإحتفالات الميلاد ذكرٌ في الكتاب المقدس؟ أجبتُه بدون تردُّد: أجل، الذكر واضح في الكتاب المقدس: فلقد إحتفلت الأرض والسماء بمولده. والملائكة تردد بفرح عظيم نشيد الظفر القائل:
إني أحتفل مع ملايين البشر في العالَم أجمع بعيد الميلاد، ولا يهمني إنْ كان ثمة نفر من الناس يرفضون بل يحرِّضون لعدم الإحتفال بهذا العيد. لم يتوقف سائلي، بل واصلَ قائلاً: لكن الإحتفال ليس له طابع ديني؛ ماذا تقول؟ وهنا أدركتُ أنْ لا أطيل مثل هذه المناقشة غير المجدية، فكررتُ القول بأن ذلك لا يهمني. المهم جداً أنْ ترى ملايين ملايين البشر وهم يحتفلون بالميلاد، وبالذات في موعده المحدد لشهر كانون أول من كل عام. حتى وإن لا يكون بعض منهم من المؤمنين، وهم فرحون في سرور لا حد له؛ ويكفي أن هؤلاء حيث يحتفلون يأتي إسم يسوع الطفل حاضراً معهم يشارك إحتفالهم به، والكل يلهج بذكر إسمه المقدَّس على ألسِنتهم! وأضفتُ لسائلي: ألا تشعر بسرور وأنت تسمع ذكر يسوع في ميلاده من خلال الإذاعات والتلفزيونات ووسائل الإتصال بأشكالها، ومن خلال زينة شجرة الميلاد؟ وإختتمتُ حديثي معه: مبارك لك عيد الميلاد المجيد!
ومن بيت لحم إنها حقاً كانت ليلة صامتة Silent Night
Silent night,
holy night,
Silent night,
holy night,
في صمت تلك الليلة الليلاء، إنطلق النور الإلهي البهي، لتتغلغل شعاعاته بين ثنايا الأرض المغطّاة بالثلوج البيضاء. والجَمْع المُلتَف حول الرضيع داخل المغارة، الوالدَين الحنونَن، والزوّار القادمين من الشرق بتيجانهم المرصًّعة والرُعاة بأغنامهم وقطيع ماشيتهم: ينفخون للوليد دفئاً في تلك الليلة الباردة المثلِجة. والملائكة تنفُخ في الصُور (البوق) وتنبر على أوتار العود وهم يُنشدون:
. ونقيم المغارة في بيوتنا، فنكلِّلها بالقطن الأبيض تيمُّناً بتلك الليلة الباردة التي شهدت أعظم ميلاد في التاريخ: لقد كانت ليلة مجلَّلة ببياض الثلوج، والسماء يخترقها بريق النجم الذي أرشد القادمين من الشرق إلى حيث { يولد الملك }
وهكذا إنطلق الإبداع الإنساني في تصوير الحدَث لوحاتٍ فنيَّة لأعظم الفنانين على مر الزمن، تصويراً للميلاد الأبيض { White Christmas}.
ويسوع وُلِدَ طفلاً؛ ما هي حصَّة أطفالنا في العراق من إحتفالية الميلاد؟ فنلتجئ إلى الأمِّ التي إرتضَت حملَ الإبن الإلهي بين أحشائها:
على الأبوابِ أطفالٌ لهم في العمر آمال! إليك الورد يا مريم 1. إليك الوَردُ يا مريم يهُدى من أيادينا هلُّمي واقبلي منٌا عُربونَ حُبٍّ أكيدٍ مع تهانينا 2. على الأبوابِ أطفالٌ لهم في العمر آمال يذوبُ القلبُ إنْ قالوا جُودوا علينا فإنَّ الجوعََ يُضنينا
3.
حروبٌ تملأ
الأرضَ
وضيقٌ فيه لا نرضى
أترى البياض جاء إعتباطاً؟ أليس هو رمز من رموز الميلاد ورب الميلاد: رمز النقاء والصفاء – والمسرَّة لبني البشر.
مَن كان الذين أنشدوا النشيد الربّاني العظيم: إنها جوقة الملائكة ببياض حلّلِهم وصفاء وجوههم، إجتمعوا حول المذوَد ينشدون نشيد البشارة العظيم.
ويتكرر السؤال قائماً عن مغزى وجدوى الإحتفال بالميلاد. وأنتم معي ومع غيري نردد منشدين بأعلى صوتنا:
نجمٌ يُضيءُ في وسَطِ الظلامِ صوتٌ يُرنِّمُ لحـــنَ السلام بُشرى تُزَفُّ لكُلِّ الأنامِ قد وُلِدَ المسيحْ الردَّة: مجِّدوهُ سبِّحوهُ إِنه الربُّ الإِلـه عظِّموهُ كرِّموهُ كُلَّ أيامِ الحـياة يا لإِتِّضاعِ الإلهِ العظيمِ يولَدُ طِفلٌ في مهْدٍ كئيبْ فاقَ بِحُبِّـهِ كلَّ حبيبٍ قد وُلِدَ المسيحْ الردَّة يا مَن ظلَلتَ في وادي الحياةِ أُنظُر محبَّةَ ذاكَ الإلـه ها قد أتاكَ فيه النجاةِ قد وُلِدَ المسيحْ مجِّدوهُ سبِّحوهُ إِنه الربُّ الإِلـه عظِّموهُ كرِّموهُ كُلَّ أيامِ الحـياة
وحين كنّاً صغاراً، نتهيّأ للإستيقاظ مبكِّراً قبل الفجر، للذهاب مع أهلينا إلى الكنيسة لحضور القداس الكبير ليلة الميلاد. فنعتمر الملابس السميكة التي تحمينا من البرد القارص.
ونقترب من الميلاد وإذ يقترب الخامس والعشرون من كانون أول لهذا العام، تتراءى أمام ناظرَينا رؤىً يمتزج بها اللون والطعم والحركة والسمع. فهي بتركيبتها هذه قوس قُزَحٍ واسع المدى متعدد الألوان، يزيِّن وجه السماء بحُلَّةٍ وكأنها تاج يتربَّع في ذُرى الأعالي. والجرس يجلجلُ في يدي بابا نويل، وهو يجزل الهدايا للأطفال المحلِّقين حوله، ويعلو الغناء من حناجر الناس في كل مكان:
Jingle Bells
Dashing through the snow, in a one-horse open sleigh,
Chorus
واحد من أقواس القُزَح التي تظهر فوق سماء نيوزيلندا
لكن الميلاد في بلدنا نيوزيلندا، ليس أبيضاً؛ فالعيد لدينا يأتي في موسم الصيف، فلا نستشعر جمالية الميلاد الأبيض؛ قد يجوز إعتباره (عيد الميلاد على شاطئ البحر) لكنه يبقى أبيضاً.
أجل أنتم وأنا وغيرنا يحتفل بعيد الميلاد.
هالليلويا الاستاذ باسم حنا بطرس
|