فنانونا السريان   الاستاذ الفنان باسم حنا بطرس يعد الملف خصيصا لموقع بخديدا

Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

بريد القراء

موارد السريان

السريان

لويس زنبقة .. والسلام الجمهوري العراقي

(ثورة 14 تموز 1958)

الاستاذ الفنان باسم حنا بطرس

 

أقرأ أيضا 

السلام الوطني في العراق

النشيد الوطني العراقي لمحة تاريخية معاصرة

مع موسيقى نشيد (موطني)

 

 

في شباط 1963، أطاح إنقلاب عسكري بالزعيم عبد الكريم قاسم ونظامه، وتم إلغاء رموز الدولة التي جرى إعتمادها منذ ثورة تموز 1958، وأُستُبدِلَت برموز أخرى؛ من بينها العلَم العراقي، شعار الدولة، والسلام الوطني.

 

إعادة إعتماد النشيد الوطني (السلام الجمهوري)

أوردت وكالات الأنباء خبراً صادرا عن رئاسة الجمهورية، يفيد بإعادة الإعتبار للزعيم عبد الكريم قاسم، ومن بين ذلك: تبني عَلَم وشعار الجمهورية العراقية الأولى (جمهورية 14 تموز)، وهما يعكسان تاريخ ورموز ومكوِّنات الشعب العراقي، و{التخلي عن الرموز المستوردة التي لا تمت إلى العراق بأية صلة}. كذلك تبني النشيد الوطني لجمهورية 14 تموز.
وجعل يوم 14 تموز عيداً وطنياً ويوم 9 شباط من كل عام يوم الشهيد العراقي.

أكتفي بعرض هذا المقطع الوارد في النبأ المذكور، لتناول موضوعة النشيد (أو السلام الجمهوري) العراقي لملحِّنِه لويس زنبقة.

 

لنتعرَّف إلى شخصية ملحِّن السلام الوطني العراقي (لويس زنبقة)

تذكر وثيقة {نبذة تاريخية عن قسم الفنون الموسيقية في معهد الفنون الجميلة منذ تاسيس المعهد حتى تاريخه} الصادرة عن عمادة المعهد بتاريخ 10 نيسان 1979، من إعداد الأستاذين فريد الله ويردي وحمدي صالح قدوري، تذكر نبذة قصيرة مقتضَبَة عن لويس زنبقة، هذا نصُّها:

 

لويس زنبقة:

الإختصاص:  الترومبون Trombone

الشهادات:  خريج دار المعلمين الإبتدائية – دبلوم معهد الفنون الجميلة بالترومبون.

الدراسة الأولى:  دخل المعهد سنة 1944 في فرع الترومبون المسائي، تتلمذ على يد الأستاذ حنا بطرس. تخرَّج في فرع الترومبون سنة 1950.

الدراسة العالية: سافر إلى فيينا (النمسا) لتكملة دراسته العالية في الأكاديمية الموسيقية.

الوظــيفة:  تعيَّن في المعهد سنة 1954 لتدريس آلة الترومبون، ثم إنقطع عن ذلك فيما بعد.

ممارسة الإختصاص: عضو الأوركسترا السمفونية التابعة لجمعية بغداد الفيلهارمونيك سـابقاً. 

                        (الفرقة السمفونية الوطنية العراقية) فيما بعد.

ممارسات أخرى:  له محاولات في التأليف الموسيقي.

 

شيء عن منهجية الدراسة الفنية في قسم الموسيقى (الغربية) في معهد الفنون الجميلة ببغداد فترة الخمسينات

 

كانت الدراسة مسائية في قسم الموسيقى لطلبته المقبولين من خريجي الدراسة الإبتدائية فما فوق، وجميع أقسام المعهد الأخرى (الرسم، النحت، والتمثيل)، مسائية منذ بداياته في العام 1936 ولغاية العام 1959؛ في هذا العام، تقرر تحويل المعهد إلى {معهد لإعداد معلمي النشاط الفني في المدارس}. وقد خُصص سبع سنوات للدراسة في قسم الموسيقى الغربية، وست سنوات لقسم الموسيقى الشرقية. أما أقسام الرسم والنحت والتمثيل، كانت الدراسة في هذه الأقسام لمدة خمس سنوات، يُقبَل فيها خريجو الدراسة المتوسطة فما فوق. وتشتمل الدراسة في الموسيقى الغربية،على يد أساتذة إختصاص من العراقيين والأجانب، على: الآلات الوترية (الكمان والفيولا والجلو والكونترباص) وآلات النفخ الهوائية (النحاسية: الترمبيت Trumpet، الهورن Horn، الترومبون - Trombone) وآلات القرع (الطبول بأشكالها والصنوج)، إلى جانب العلوم الموسيقية للنظريات والتاريخ والكتابة والإملاء الموسيقية وغيرها.

 

هكذا وجدنا لويس طالباً في قسم الترومبون (وهو من فصيلة البوق) يشارك بالعزف في جوق الموسيقى الهوائية مع أقرانه الطلبة والأستاذة. حيث كان الجوق يقدِّم حفلات موسيقية في المناسبات الرسمية والنشاطات الطلابية والإستعراضات الرياضية ومسيرات فرق الفتوَّة والكشافة.

في العام 1948 تم تأسيس (جمعية بغداد الفيلهارمونيك Baghdad Philharmonic Society) لتُلحَق بها الفرقة السمفونية المشكَّلَة في المعهد من الطلبة والأساتذة وعناصر خارجيين. فكان من بينها أعضائها لويس زنبقة.

 

معرفتي بـ لويس زنبقة

عرفتُ لويس من صِغري، قبل دخولي المعهد طالباً؛ فقد كان زميلاً لشقيقى الأكبر (بطرس) الذي كان طالباً ومن ثم أستاذاً لآلة الترومبيت (البوق)، ويتردد على بيتنا في محلَّة (الجنابيين – قرب العقد العريض) وسط بغداد. كان شخصاً هادئاً يميل إلى الصَمت، لكنه ما كان إنعزاليّاً. وقد عزفنا له عام 1954 قطعة صغيرة للفرقة السمفونية.

وبعد تخرجِّه في المعهد، تم تعييه مدرِّساً، فقام بتدريسنا الإملاء الموسيقي.

 

بداياته في التلحـين

أذكر، أن الفرقة السمفونية قامت بسفرة في العام 1952 إلى كركوك، لتقديم حفلة لموسيقى الكلاسيك لدى (شركة نفط العراق - IPC)، وكان لويس من بين أعضائها المشاركين؛ بعد إنتهاء الحفلة، أقيمت له جلسة إستماع إلى قطعة من ألحانه عزفها على البيانو. وهكذا كانت بداياته في التلحين (الذي قالت وثيقة المعهد المذكورة أعلاه، إنها (محاولات في التأليف الموسيقي).

 

 

فرقة بغداد السمفونية على قاعة معهد الفنون الجميلة في الكسرة ببغداد سنة 1952.

كتابة السلام الجمهوري: المدوَّنة الموسيقية الرسمية للسلام الجمهوري العراقي.

 

 

كان للعراق أيام الحكم الملكي (السلام الملكي)، من وضع المشرف على موسيقى الجيش، الكولونيل البريطاني (كولفيلد – Col. Goldfield) لغاية قيام ثورة 14 تموز عام 1958، التي قررت من بعدُ تغيير رموزالدولة الثلاثة: العلَم العراقي وشعار الجمهورية العراقية، والسلام العراقي، وتم الإعلان من خلال الإذاعة والتلفزيون والصحف. وكان وقتها لويس يدرس في فيينا، فاتصل بالسفارة العراقية هناك ليعرض المدوَّنة (النوطة) الموسيقية والتسجيل الصوتي الكامل للسلام الذي أعدَّه للعراق الجديد الذي أدّاه جوق من الأكاديمية هناك، مرفَقاً بكتاب إهداء للجمهورية والزعيم.

على إثر ذلك وإستلام الدولة لتصاميم العلم والشعار، صدر المرسوم الجمهوري القاضي بإعتماد هذه الرموز رسمياً.

إلتقيتُه في العام 1959 في فيينا وحدَّثني عن كيفية كتابته لموسيقى السلام الجمهوري، وأخذني إلى الصالة التي عزفته الأوركسترا وقامت بتسجيله على الشريط.

 

تغيير أنظمة الحكم في العراق

حصلت سلسلة من الإنقلابات العسكرية لتغيير نظام الحكم، منذ مطلع العام 1963، لغاية تموز1968، تغيرت بموجبها الرموز الثلاثة المذكورة.

أذكر في أوائل السبعينات، أنْ تمَّ الإعلان عن مسابقة (لتلحين السلام الجمهوري)، وتم تشكيل لجنة في دائرة الفنون الموسيقية بوزارة الإعلام، لفحص النماذج المقدمة للمسابقة. كان لويس زنبقة في تلك الفترة قد عاد إلى العراق وتم تعيينه للعمل معي في إدارة الفرقة السمفونية الوطنية العراقية. قلنا له: لماذا لا تشارك في هذه المسابقة؟ أجاب بأنه يرفض فكرة المسابقة، لأن السلام الجمهوري الذي ألَّفه وتم إعتماده في العام 1958، ما كان مكرَّساً لنظام معيِّن، بل للعراق الجمهوري. أقنعناه بمقابلة وزير الإعلام فرفع مذكرة إلى الوزير قال فيها ما معناه: أعيد تقديم السلام الجمهوري لعام 1958، وهو صالح لإعتماده مجدداً ودائماً. وإلتقى الوزير الذي وعده برفع المقترح إلى ديوان الرئاسة. وبعد بضعة أشهر عاد إلى فيينا حتى إنقطعت أخباره عنا، لنسمع عن وفاته فيما بعد.

لم يجرِ إعادة إعتماد لحن (لويس) بل تم إستخدام لحن نشيد (والله زمن يا سلاحي) لملحِّنه المصري كمال الطويل، ومن بعده النشيد الوطني العراقي (وطن مدَّ، كلمات الشاعر شفيق الكمالي، وألحان اللبناني وليد غلمية).

 

خاتمة

حقيقة فرحتُ لقرار رئيس الجمهورية العراقية في إعادة إعتماد السلام الجمهوري العراقي، الذي كنا نستمتع بعزفه أو الإستماع إليه؛ فهو الوحيد الملحَّن من قبل فنان عراقي، وإن كان ذلك الفنان مغموراً لم يجرِ التعريف به، بما يستحق.

 

صورة عازف ترومبون