لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف بغديدا هذا اليوم

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

سمير يعقوب ـ المانيا

بـــــــاربــاس

قراءة في مسرحية ـ بارباس ـ تأليف  Klaus Remlinger التي تمّ عرضها مؤخرا في

" مورناوــ المانيا "

بارباس

هو انسان من الامس

وربما حتى من قبل يوم الامس

لكنه دائما ، وفي وقت ما تراه يتجدد

الحرب ، العنف ، الكراهية ، الثأر والمعاقبة مازالوا يظهرون بابهى  الحلل !

ولم يصبحوا بعد موديل قديم 

 

كان السجن كبيراً جدا ومضلماً جدا 

جدران هائلة من الصخر والحديد والنار

انين ، بكاء وصراخ يسمع في كل مكان

سنين طويلة والكثير من البشر ، من البيوت ، من الشوارع والساحات اليه يساقون

من احضان الامهات ينتزعون

الجميع يُؤخذون بجريرة "بارباس" ذلك المدافع عن الحرية والكرامة!

من بين الداخلين قسرا، امرأة بصحبة طفلتها ذو العشرة اعوام

كانت ترى كيف ان الطفلة بدأت تلفظ انفاسها الاخيرة جراء العطش

حملتها بين ذراعيها وتوجهت اليه تخاطبه:

ــ الايعنيك شيئا موت هذه الطفلة؟ كيف يمكن للمرء ان يحارب من اجل الحرية ويرى طفلا يُزج داخل السجن من دون ذنب. كيف تريدنا ان نحارب من اجل الحرية ونحن لانجد ماءً للحياة ؟

ــ كفي عن العويل ايتها المرأة

اجابها شيخ كان هو ايضا من بين الداخلين قسرا واردف يقول :

ــ جربي ان تمنحي طفلك الطمأنينة والسلام .. ماءً لاتقدري انت ان تمنحيه !

اغلقت المرأة عيني الطفلة بهدوء، شئ ما تحطم في داخلها واطلقت على اثره صرخة ارتجت لها جدران السجن

وتسائل الكثيرون بعد ذلك عن الجاني ومن يكون

بارباس ؟

الرومان ؟

الحراس ؟

الظرف ؟

الجميع ام لا احد ؟

كان اليهود يعانون من احتلال الرومان لهم ، ولكن من عمّقَ وزاد هذه المعاناة

هو نفسه بارباس  ذلك الذي اراد ان يحررهم من الاحتلال

هو نفسه الذي اثقل كاهلهم وارغمهم على دفع ، ليس فقط ضريبة المال لتغطية نفقات السلاح وانما ايضا ضريبة الدم

ان سنوات الدفاع الطويلة من "اجل الحرية والكرامة!" كانت كفيلة بان تجعل حياة بارباس

مليئة بالقسوة والعنف وبعيدة كل البعد عن الحق

لقد خلق بارباس كراهية عميقة بين الرومان واليهود انذاك وكان الرومان متشوقين لموته بعد ان تمكنوا منه واودعوه احد سجونهم

لكن المفارقة جاءت عندما منحه بيلاطس الحرية وكانت الفدية هي

صلب الناصري

 لقد صنع اليهود ـ بخنوعهم ونظرتهم الى المصلحة الانية ـ صنعوا من القاتل بطلا عندم صوتوا لصالح الذئب ضد الحمل 

مما لاشك فيه في ان اليهود كانوا قد أُرغِموا على ذلك وكان لبارباس ورفاقه ، وماعرف عنهم من البطش، دورا كبيرا في اقرار ذلك التصويت ، ولكن! ألايمكن ايضا ان يكون اليهود قد اصابهم خيبة امل كبيرة تجاه المسيح ؟

لقد كانوا ينتظرون بطلا مقداما يحررهم من أعدائهم الرومان، وهاهو الناصري يوصيهم بأن يحبوا اعدائهم

بل يتحدث ويتنبأ عن موته هو 

فأيُّ بـطل هذا !

اليس من الافضل اذا ان يصوتوا لصالح من يحمل السيف ويجـزًّ الرقاب؟

تذهب بعض الروايات للقول في "ان المسيح كان قد التقى يوما بارباس

 والذي مهّد لهذا اللقاء هو يهوذا الاسخريوطي الذي كان من المتطرفين ضد الرومان والمؤيدين

 لكفاح بارباس المسلح ومن المؤكد في ان اللقاء ـ اذا كان قد حصل ـ فانه انتهى الى غير وفاق!

فطريق الناصري لم يكن هو نفسه طريق بارباس...

 

 

 

 

تبدأ الاحداث الاساسية للمسرحية في السجن الذي وضع فيه بارباس مع اخرين ، تلكم الذين اخذوا بجريرتة ، ومع المتواجدين

 في السجن صديقه القديم الذي كان قد نهج نهجا غير نهجه، وعلى مدار المسرحية يعمل هذا الصديق القديم وفي مناسبات عديدة ، على انقاذ حياة بارباس

كان يريد ان يجعل منه انساناَ ًحرا

انسان لاتقيده سلاسل ولاتحده قضبان

كان يريد له ان لايعود الى تلك الزنزانة التي خرج منها نتيجة لصلب الناصري .

لقد نجح في ذلك اخيرا ، لكن الثمن كان حياته .

 

بالامس ، اليوم وغداً

نبني الكثير من الجسورلعالم افضل

لعالم جدير بالحياة

نستخدم في انشائها ارقى التكنولوجيا ونختار لها احلى الاسماء والمعها

غير ان النهايات غالبا ما تكون ناقصة و ضائعة

جسورنا مبتورة لااطراف لها

بالرغم من كل التكنولوجيا ، تبقى مشكلة الامس وما قبل الامس قائمة

جســورنا لاتستخدم إلاّ نادراً

هل هو مستحيل ان نعثر على نهايات متينة وامنة لها ؟

من سيعبّد الطرق التي تنتمي الى هذه الجسور؟ 

 من سيعبّد الطرق التي تربط اوصال هذه الجسورمن اجل عالم افضل يعيش فيه البشر اخوة معا؟

لقد علّمنا ذلك في الماضي ، عندما كرّز في البرية وعلى الجبل ... ومازال .

به وحده تكمن كل الاشياء

انه هو نفسه

ذلك الرجل من الناصرة

 

اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للأخ سمير يعقوب