عيد القيامة المجيد 2006
(موعظة سيادة راعي الابرشية المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى القاها في كنيسة الطاهرة الكبرى صباح اليوم الثاني من عيد القيامة)
1. مدخل: تهنئة v من جديد وسنة اخرى نقول لبعضنا البعض وبنشوة الفرع والسلام: قام المسيح ـ حقاً قام! v لنهتف سوية: قام المسيح ـ حقا قام! (3) v نعم قام المسيح ـ حقاً قام! هذه البشرى أزفّها اليكم جميعاً، الى كل واحد وواحدة منكم. الى كل اسرة مسيحية. الى الأبرشية كلها. الى كنائس العراق. الى العراق الوطن والأرض والتاريخ. الى شعب العراق لينال اخيراً نعمة القيامة والفرح والتجدد. الى العالم اجمع انطلاقاً من هذه الكنيسة. v هتاف الفرح هذا اتمنى ان يدخل كل بيت ويدخل معه الرجاء والأمل بايام افضل.. فتعيّدون بقلوب طافحة بالبهجة، وبركة الرب تدخل بيوتكم وتبارك اطفالكم وعوائلكم وارزاقكم وتشفي مرضاكم وترحم موتاكم وتجبر قلوبكم وتطمئنها على الغائبين والمغتربين. 2. الفرح في الرتبة اعزائي، في رتبة القيامة والسلام نفتتح بهما عيد القيامة نجد نبرة فرح عارمة تسري كالعدوى من ترتيلة الى اخرى حتى تدّق ابواب القلوب لتدخلها وتأخذها في تيارها: v يقول مزمور البداية عند اخراج الصليب من القبر: "استيقظ الرب كما يستيقظ النائم. وكالرجل الذي هزّته خمرته". v ويقول اللحن التالي المرتل بالسريانية: قام ربنا من القبر. وألقى الفزع بين الحرّاس، وابهج الجموع السماوي، فرّح جوق التلاميذ واضاء الاقطار الأربعة". v وتقول الترتيلة الموزونة على لحن انا خبز الحياة: "ها قد قام القتيل من القبر ونهض ابن الله. فأخزى شعب المتآمرين واخفض رأس الصالبين. اما الكنيسة المقدسة فلقد ارتفع صوتها بالتمجيد قائلة: استيقظ الرب كما يستيقظ النائم، وكالرجل الذي هزّته خمرته، وبعث الفرح في الأرض والسماء". v بعدها تتم الدورة بترتيلة حوار مفعم بالعذوبة والطراوة يضعه الشاعر على لسان مريم المجدلية الباحثة عن معلمها، فتخاطب من تظنه البستاني حتى تكتشف هويته الحقيقية، فتلتمس منه ان يجيء ليمسح الحزن عن تلاميذه وأحبابه الضائعين من دونه:- "اذن تعال وامسح الحزن عن احبائك الجالسين كلهم مكتئبين! - " سآتي الى حيث هم جالسون، فيراني كل اخوتي واحبائي". v ثم تأتي رتبة السلام. والسلام والمصالحة ذاتهما يبعثان الفرح والسعادة في قلوب المتسالمين والمتصالحين. v يقول احد البيوت على لحن (الفخاري): "السلام معكم يا أحبائي قال ربنا لتلاميذه في العلية يوم قيامته فطرد عنهم الكآبة والحزن وغمرهم بالرجاء والفرح..." v ويقول مار افرام في طلبته: "انت هو السلام المبهج الذي سالم ما بين السماء والارض. انت هو الحب الصافي الذي وضع الفرح في البحر واليبس في هذا اليوم المقدس هبنا سلاماً مقدساً كي لا نقبّل بعضنا بعضاً بالكذب، بل نتحاضن بصفاء القلوب". "في هذا اليوم تفرح السماء والارض جميعاً لأن ربنا قام فيه من القبر...". v اما ترتيلة دورة السلام، فأحد بيوتها يقول على لحن : "ارقصي وافرحي ايتها الكنيسة المقدسة بقيامة الأبن الوحيد. وادعي اولادك ليفرحوا بعرس ابن سيد الكل". v اما في ختام الدورة فيتناوب الكهنة والشمامسة هذه الأهزوجة: "افرحوا اليوم افرحوا. يا جميع الأمم. مريم تهتف قائلة: قام المسيح. حقاً قد قام". 3. الفرح في الكنيسة الاولى v ان سمة الفرح هذه ستلازم التلاميذ والمؤمنين بالمسيح. كيف لا وهم يرون انفسهم مغمورين بنعمة الخلاص والايمان والتحرر من سلاسل الشريعة القديمة الخانقة وتذوق حرية ابناء الله والعيش في الاخوة والسلام. كتاب اعمال الرسل يعكس لنا جو الفرح هذا الذي كانوا يعيشونه، في نصوص عدة، منها: v "وكانوا يكسرون الخبز في البيوت ويتناولون الطعام بابتهاج وسلامة قلب" (2: 46) v بعد اعتقال الرسل من قبل مجمع اليهود واطلاق سراحهم على تدّخل جملائيل: "اما هم (أي الرسل) فانصرفوا من المجلس فرحين بأنهم وجدوا اهلا لأن يهانوا من اجل اسم يسوع" (5: 41) v وزير ملكة الحبشة بعد اعتماده بيد فيليبس: "فسار في طريقه فرحا" (8: 39) v لدى ارسال برنابا الى انطاكيا من قبل الرسل بعد تبشيرها: "فلما وصل ورأى نعمة الله، فرح وحثّهم على التمسك بالرب من صميم القلب" (11: 23) v ولما توجه برنابا نفسه وبولس لتبشير الوثنين: "فلما سمع الوثنيون ذلك، فرحوا ومجدوا كلمة الرب" (13: 48). وكذلك التلاميذ بهذه البشرة وانتشارها: "وأما التلاميذ فكانوا ممتلئين من الفرح ومن الروح القدس" (13: 52). وقد عمّت هذه الفرحة جميع الأخوة: "فاجتاز برنابا وبولس فينيقية والسامرة يروون خبر اهتداء الوثنين، فيفّرحون الأخوة كلهم فرحاً عظيماً" (15: 3). وكذلك لما استلمت كنيسة انطاكيا رسالة الرسل المجتمعين في اورشليم في شمولية قبول الغرباء في شركة المسيحيين الجدد: "فجمعوا الجماعة وسلموا اليهم الرسالة: فقرأوها ففرحوا بما فيه من تأييد" (15: 31). 4. تطبيق واليوم، نحن تلاميذ المسيح، وابناء الكنيسة: v فرح الايمان بيسوع المسيح. v فرح الانتماء الى جماعة تلاميذ المسيح ـ الى الكنيسة. v فرح المخلّصين الذين يسندهم الايمان بيسوع وسط الشدائد والمحن. الايمان الذي يعطي معنى لهذه الشدائد، ولكل اعمالنا. v الفرح الداخلي في القلب والضمير المستقيم المستنير بكلمة الله. في الإخوة المتحابين والتصالح وتجديد العهود. v فرح التألم لأجل اسم المسيح: "اعطي لكم لا ان تتمجدوا مع المسيح، بل ان تتألموا من اجله ايضاً "فرح الشهادة ليسوع وانجيله". v فرح الرجاء المسيحي وسط الزمن الصعب الذي نعيشه. والامل الذي يسند قلوبنا ويبقى واثقاً من ان الشمس لا بد من ان تخترق الغيوم فتشرق مجدداً على ارضنا ووطننا ومدينتنا. v هذا الفرح الذي يأتينا من القائم حيا قاهراً الموت، سيقهر الشر وينبت الرجاء في القلوب: قيامتنا من الخوف والارهاب: لا تخافوا انا معكم، يقول الرب... v تذكروا السفينة التي تتلاطمها الامواج ويسوع نائم في احد اركانها: سيقوم يسوع ويزجر العاصفة كما زجر الحمى من حماة بطرس/ كما زجر الخطيئة من قلب المجدلية/ كما طرد الكآبة وزرع الفرح في قلوب التلاميذ بعد القيامة: "ثقوا انا غلبت العالم".. "ها انا معكم طوال الايام".. "اثبتوا في محبتي.. كما انا أثبت في محبة الآب"، "قلت لكم هذه الاشياء ليكون بكم فرحي، فيكون فرحكم تاماً (يو15: 3 ـ 11). v الفرح علامة الحياة التي تنمو وتتكامل وتصعد: كفرح الحصّادين بعد انطمار الحبّة في عتمة الأرض طوال الشتاء. v الفرح علامة الخلاص الاتي من عند الرب: "الذين فداهم الرب يرجعون.. ويكون على رؤوسهم فرح ويرافقهم السرور والفرح وتنهزم عنهم الحسرة والتأوه" (اشعيا 35: 10). v هذا هو فرح القيامة الذي ننتظره لنا ولشعبنا ولبلدنا. v وكل عام وانتم بخير فرح وأمان. آمين عشية العيد 15/4/2006
|