آسف، أحبك جدا
زهير بردى
في الحلم،
اسمعني
اطلُّ عليك
بلا جسد وعيون
ولأن إيقاع الحروف
لم يكن مرّتَباً في النص
فقد صعدت اليك الخرافات
بلا نبض
ولأني كنت وحدي
في منتصف الطيش
فقد تركت طعنة مزخرفة بدم
على همزة الشفتين
ومن طولك
طرزت كل العمر
بالنور
وابتليت بالفتنة
زرقة حديقتك في الليل
امرأة باردة
تفيض بالدفء والمطر
وحمرة عينيك في عسلي
بركان لم يفطم من نار
ماذا يعني
أن أرقد ثانية في الحب؟
كدولفين
وقطرة دم
وامضي بالنهر
من يديه الطريتين
إلى عشبة يابسة،
في الضفاف
ونمضي معاً
إلى أن يوقظني هو
من صحوي وأفعالي الغريبة
ماذا يعني
أن أخرج من لوحات متحف؟
تأويني ألوانه
في رشاقتها...ومفاتنها
وأطفئ من تحت الأمطار فيها
ناراً تبثها حقائب الليل
التعاويذ
تخرج من نهديك
هذا المساء
حيث لم يزل يشهق فيها
طائر رخ
كما لم تزل
ترقد سماء فيها
وشجرة لم تخضر
ترتعش هناك
بوجه خجول
ومن جسدك الشاهق
المنهمر بعسل كثيف
من أبريق نحاس
تهلُّ منه إشعاعات
تتسرب بطقوس جميلة
وصولجان وملائكة
ما هذا
أهلّةٌ تجلس في متحف وجهك
وحقول تخرج من بيارات جلدك
وأفواه خمرية
تلمع بالبرق
كغيم النجوم والعصافير والغيوم
تذبل تاؤك
حين تمدّين عشرين عيناً
تطلع من ومض النبض
ومن لوعة حمراء
لأظلَّ أنا
بارداً
ومحترقاً كقديس
لأغفو
حتى الفجر نهوضاَ
منتظراً
قمر القرن
وعين الشاعر
ومرارة أيوب
وسرب فرارات
تطلع من خضرتك المكتظة بأميرات
جئن لك بالتاج من الجان
من أنس وحسن
تتعقبني أزمنة عذراء
بعلامة ثري
ووشم رغيف
وعسل حروب
ما تمت
وما زال يفوح من فم الرمل
بارودها
والقامة ما زالت نبعاً
ينتهي بدخان الحروب
المراثي – تلك – التي
نسمعها في الفجر
تركها مجنون في سريري الحجري
ليخفي ما يشبهك من النوتات
عزفها قبل أن يمسه مس جن
لم تكن تلك
إلا أنت معي
قبل وردة من الربيع في جفنيك
ليمطر في آخر الليل
زجاج المصابيح برقاً
بين صدر العشب
وفم الندى والفراشات
باتجاه قوس نباتات
تتسلق حرفك المليء
بأدغال براءتك
إنحدرت من وديانك الوفيرة الغدائر
لماذا تأخرت الصنوج هذا المساء؟
قبل أن تفر الأفاعي بالخرافات
حيث انهمرت من لذة كفيك
لماذا تأخرت في صحوي؟
وما زال ما ملكته من مساءاتي
مليئاً بحشد المشيعين المنتظرين قامتي
حيث خرجوا من صور الحائط
متكئين على نعوش
ألقت بعزلتها من ثقب الموت
وارتمت في الأبجدية القديمة
أشياء لامعة فيك
لم أرها
إلا في الموت
وقبل ضوء يتريث في النزول إلينا
ليتركك تفيضين بثلج
يتعرّى أول الأمر
في أقفاص عزلتي
وفي آخر الفجر
في أوراق عينيك
- هل أن تلك القبلة
خرجت منك
- أو تلك التماثيل كذلك؟
جاءت لتقيس لحظة الشوق
وتشير إلى أصداف
تبدأ بالهذيان من النشوة
وتكتب بالأحرف
تعويذة راحتيك
وتلك الورود أيضاً
حاصرتها تحت عيون التراب
وزرقة السماء فوق
وبينهما الرطوبة
- ماذا إذن تقرأ
تلك التماثيل؟
وماذا تفعل الوردة؟
في مشهد تتويجك
الموسيقى حتماً
ستخرج من شفتيك
ظل يلبط تحتهما
وبين ثقوب أصابعك العشرين
أبواق وشموع وأدغال حمراء
ولكن...رغم ذبولي
أتنفس رئة الليل
الحرب تضج ببياضك
ونارك غيمة دف تظللني
من غروب الأصابع
في مناخك المستبد هذا
حتى فجر الحلم
الطفل يبقى ولا يكبر
فتعالي كي أمجدّك
في يقظتي
واشتعال شروقي
ومهابة نعشي
وأنا أخطُّ نقوشي
على كل حي
تخلّت عنه اللغات
وببراءة وردة
انفرط..ورقة..ورقة
أتلو صلاتي
قدام كهنة الرب جميعاً
في السماء والأرض
آسف أحبك جداً
فريضة كل جريح
تحرقه كلمات يؤرخها المجانين
في الشعر تصلين قبلي إلى الكون
وتولدين من دمعة
وقرب النهر
تعمدين النجوم التي
سقطت أمس على جسدك كي يضيء
حينها
أبدّل جسدي باثنين
مجنون يقرأ في دفتر الشمس
بفم راهب
وسكير يتعبد في معبدك
بفم من شمع وصلصال
فأدفئ فيك
وأسيل بين شقوق تمرك
والزيتون والتين والفراشات
فيلمّني أعمى
يجس حلمي وذاكرتي ومخيلتي
وعبارات نبض وامرأة تدعى ....
أطردها...فتنام
وألوذ بسواد العيون
فيلوذ بي مطر
بطبعه المشاكس اللذيذ
ينقرني كي تفيض من ثقوب جسدي كلها
وكلك أيضاً من قمة شفتيك
حتى قمة أحلامك الممغنطة
فأفرّ أليك كمن به عطش أزلي
أتصوّف بعدك
لا أملك ماء
للوصول إلى قمتك كبرق
إلا رنين وقتي ولمعان هذياني
وأناملي التي أنبش بها جسدك
لا تخافي
فملمسها أصابع راهبة
وأضل هكذا
أقدّ من الحرف زخرفته
وبلاغته
وتشكيلاته المبدعة
ومن الكون لوعته
وبراءته...ووسعه
كي أفيض
وأكتب ببلادة
آسف
أحبك جداً
اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للاخ زهير بردى