حدثُ و درسُ عظيم
في هذه الأيام المباركة والمجيدة,نستذكر ونتذكّر بفرح, نعم بفرح و محبة وأيمان ثابت تلك الحادثة
العجيبة...العظيمة والفريدة.ألا وهي تحقيق و أكتمال وعد أللّه تعالى لبني البشر.ذلك الوعد الذي ذكره وأشار
أليه ألأنبياء في العهد القديم.نعم إنه الحدث العظيم ألا وهو ميلاد ربّنا وإلهِنا,مخلصنا وفادينا يسوع المسيح له
المجد,ملك المحبة والسلام,الفداء والوئام,غافر وماحي الخطايا والآثام, وكل الرزايا التي سقط فيها بني البشر
والأنام. بِهِ مُجِّدَ للعلي في الأعالي,ومنه وفيه مُنحَ الأمن و السلام للأرض,بعد أن كانت قد أفتقده ومنذ فترة
طويلة.وعَمّتْ الفرحة والمسّرة بني البشر كلّهم,في أرجاء المعمورة بعد أن كان الحزن والأسى قد مَلاءَ
قلوبهم. و بواسطته مُنح وأعطي للكلِّ الرجاء الصالح.
لهذا كله سُمِعَ نشيد وترتيل الملائكة يقطع هدوء وسكينة تلك الليلة الشتائية الباردة يتردد صداه:
المجدُ للّه في الأعالي وعلى ألأرض السلام وفي الناس المسّرة والرجاء الصالح لبني البشر
لنجعل أخوتي البشر أينما كنتم في الشرق أو الغرب,في الشمال أو الجنوب من هذه الأيام المجيدة لا بل كل
أيام حياتنا هي أعيادَ الميلاد وهي فعلا كذلك كما قال وردّدَ ذلك قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في
مدينة بيت لحم خلال زيارته للأراضي المقدسة إذ قال:
في كل يوم وحتى نهاية العالم,يُحمَلْ بالرّب يسوع في الناصرة, ويولد في بيت لحم...كلَّ يوم هو عيد الميلاد
في قلوب المسيحيين.
وما أحوجنا أخوتي البشر في عالمنا وزماننا الحالي وبالذات نحن في العراق المتألم وشعبه المعذب,أن نحتفل
ونجعل أيامنا كلها أعياد ميلاد,فرح,مسّرة,أمن وسلام. بعد أن فقدنا ومنذ سنين طوال طعم وحلاوة كل هذه
المفردات الجميلة.
إذن لننقي ونطهر عقولنا,أفكارنا,ضمائرنا و قلوبنا .نعم لننظفها من أدران الحقد,الكره,الضغينة والعداء تجاه
أنفسنا وبعضنا البعض, كي تكون مسكناً يليق بالآتي العظيم وبمجده,ونجعلها مغارة يولد ويحضر فيها وأليها
دوماً وكل لحظة من أيام حياتنا يسوع المسيح له المجد.
هذا الذي حضر ونزل من السماء وتجسد من البتول الطاهرة مريم العذراء وعاش بيننا,نعم عاش معنا
ليتحمل ألألآم والعذابات ليفتدينا ويرفعنا معه إلى العلى لكي نتمجد معه ونسجد له كل الدهور في الملكوت
السماوي مع الإبرار والصديقين.
لنتأمل أخوتي البشر في قصة ميلاده المجيد كيف حُبِلَ به في أحشاء البتول الطاهرة مريم وولد في موضع
حقير,مغارة وضيعة ووضع في مذود بسيط كمهدِ له وهو ألإله المتأنس, وضع بين الحيوانات في ذلك الليل
البارد من أيام الشتاء ليتدفأ من نفسها.
يا لعظم هذا الدرس الكبير في التواضع الذي يريد لنا أن نتعلّمه منه نحن البشر المتكبرين,المتجبرين و
المغرورين بسبب جهالتنا ,حماقتنا وسوء فهمنا وعدم أدراكنا لكل ما هو خير لنا و لأخوتنا البشر في هذا
العالم الفاني والزائل لا محالة.إذ أننا لسنا سوى ضيوف هنا,وإن بيتنا الكبير والعتيد و الأزلي هو هناك في
العلى مع رب المجد كله يسوع المسيح الممجد ,لنحاول أخوتي البشر أن نفوز بتلك التي لا فناء ونهاية لها
الى الأبد وهو معنا كما قال ويقول لنا : ها أنا معكم إلى انقضاء الدهر.
14\12\2008
|