المغارة
"المجد لله في العلى وعلى الارض السلام" إنّه نشيد الميلاد، نشيد الملائكة في بدء سرِّ الخلاص خلال زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني للأراضي المقدسة وإلى مدينة بيت لحم، قال في كلمته الشهيرة: "اليوم أيضا، وفي كل يوم وحتى نهاية الدهور، يُحمَلُ بالربِّ في الناصرة، ويُولَدُ في بيت لحم... كلُّ يوم في بيت لحم هو عيدُ ميلاد، ولذلك كلُّ يوم هو عيد ميلاد في قلوب المسيحيين". شاءت الظروف أن يولد السيد المسيح في مغارة حقيرة "لأنه لم يكن لهما موضع في المضافة"، وهذه ليست مصادفة فحسب، بل رمز للتنازل الالهي، فقد أصبح السيد المسيح شبيهاً بنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، والكلمة صار بشراً وحل بيننا. لم يولد في قصر عظيم بل في مغارة حقيرة، ولم يولد في بيت دافيء بل في مغارة باردة هادئة صامتة. ولد يسوع في بيت لحم ومعناها بيت الخبز، وهي أصغر مدن اليهوديّة: "وأَنتِ يا بَيتَ لَحمُ، أَرضَ يَهوذا لَسْتِ أَصغَرَ وِلاياتِ يَهوذا فَمِنكِ يَخرُجُ الوالي الَّذي يَرْعى شَعْبي إِسرائيل" متى 2/6.
وها هو يتجسّد في القربانة الصغيرة، وما زال في بيت
الخبز في بيت القربان. "وصعد يوسف من الجليل من مدينة الناصرة الى اليهودية الى مدينة داؤد التي تدعى بيت لحم لأنه كان من بيت داؤد وعشيرته. ليكتب مع مريم خطيبته ، وكانت حُبلى. وبينما هو في بيت لحم جاء وقتها لتلد، فولدت ابنها البكر وقمطتهُ وأضعجتهُ في مذود، لأن لم يكن لهما موضع في المنزل"(لوقا2: 4-7). لم يذكر القديس لوقا المغارة بل المذود لكن التقليد المتعمد في اورشليم اعتبر احدى المغائر التي كانت تستعمل كاسطبل حيوانات كمكان لولادة المسيح وعلى اساسه شُيدت كنيسة المهد في بيت لحم. وهناك بعض الاثار التي تعود الى القرن الثالث والرابع تظهر رسم لميلاد المسيح مع الرعاة والمجوس. اما المغارة التي نعرفها اليوم، يعود الفضل في اطلاقها الى القديس فرنسيس الأسيزي الذي قام بتجسيد اول مغارة حية (فيها كائنات حية) في ميلاد سنة 1223م وانتشرت بعدها بسرعة، عادة تشييد المغائر الرمزية في الكنائس والمنازل. الرموز يسوع الطفل: وهو صاحب العيد يوسف ومريم: رمزا الانسانية كلّها حيث الرجل والمرأة هما معا (صورة الله ومثاله) كما ورد في سفر التكوين: فخلق الله الانسان على صورته، على صورة الله خلق البشر، ذكرا وانثى خلقهم (تك (27:1 الرعاة : وهم يمثلون فئة الفقراء والبسطاء كونهم افقر طبقات الشعب في تلك الايام ويضاف الى ذلك انهم يذكروننا ان المسيح هو الراعي الحقيقي الذي خرج من نسل الملك داؤد الملك الذي وُلد راعيا. المجوس: وهم يمثلون فئة المتعلمين والاغنياء الذين لا قيمة لما يملكونه او يعملونه إن لم يقدهم الى المسيح كما انهم يُذكّروننا أيضا بالمسيح هو ملك الملوك. النجمة : وهي رمز للنجمة التي هدتْ الى المسيح ولنور المسيح المتجسد. البقرة: وهي رمز الغذاء المادي الذي لابد منه الانسان لا ليعيش من اجله وإنما ايساعده ليعيش ويتمكن من خدمة الإله الحقيقي، وهذا رمزُ البقرة التي تقوم بتدفئة المسيح. الحمار: وسيلة النقل البري الاساسية لدى عامة الناس، وهو ايضا رمز الصبر واحتمال المشقات في سبيل الايمان وفي خدمة المخلص. الاغنام: وسيلة للغذاء والتدفئة، وترمز يشكل خاص الى الوحدة الضرورية في جماعة المؤمنين والتي تحافظ على دفء الايمان في قلوبهم. الملائكة: يرمزون الى حضور الله الفعال بين الناس على ان لا تعيقه قساوة القلوب وظُلمة الضمائر. هذه هي العناصر الاساسية ويمكن ان يضاف اليها عناصر اخرى وفق الاستخدام المحلي والمناطقي، على ان تأخذ بعين الاعتبار أمرين وهما: الانسجام مع معاني الفقر والبساطة المتجسدة في المغارة. الهدف الاساسي من المغارة ليس الزينة والديكور وانما اجتماع العائلة حولها للصلاة في زمن الميلاد.
اُقتبس الموضوع من موقع نرساي
اُلتقطت الصور بعدستي الخاصة من متحف العائد لبازيليك سان جوزيف في مونتريال(كندا) المتحف خاص للمغائر من دول مختلفة من العالم
|