مواعظ على مدار السنة الطقسية 2006 ـ 2007
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
وآمن به تلاميذهبما أن قدرة الله تجلَّت في هذه الأعجوبة ، وتظهر لأيضا في أعاجيب أخرى سنسمعها في إنجيل كل أحد من آحاد الصوم المبارك. وبما أن الباعث إليها هو إحياء الإيمان بالله وبيسوع المسيح رب الكل. لذا سيدور الكلام في مواعظنا خلال هذا الصوم حول القسم الأول من قانون الإيمان : " نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل. خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى وبرب واحد يسوع المسيح ". أيها الأحباء ، الإيمان كما تعلمون هو فعل عقلي به يصدق الإنسان قولا أو خبرا . وتصديق الشخص أو منحه ثقتنا يعني أننا نستسلم لقولة ونسلم بما ينقله إلينا كحقيقة وواقع لا يشوبه غش . فنقول عنه أن هذا الإنسان هو رجل ثقة. هذا التصديق هو فعل صالح ولكنه ليس فضيلة إلهية. لأن موضوعه ليس إلهيا. أما الإيمان المسيحي - الإيمان الفضيلة - هو فعلٌ عقليٌ به نصدق قول الله نفسه مباشرة أو بواسطة الرسل والأنبياء أو بواسطة الكنيسة، إنه قبول ما لا نستطيع بعقلنا وفكرنا البشري الوصول إليه. لأن موضوعه إلهي لا يطاله عقلنا البشري . هذا الإيمان هو موهبة من الله وليس أمرا نحصل عليه بقوتنا البشرية. هذا الإيمان الموهبة هو فضيلة الحياة على هذه الأرض . وعندما نصل إلى الله ونتحد به في القيامة ونراه وجها لوجه، عند ذاك يبطل هذا الإيمان، كما يبطل الرجاء أيضا. لأننا نكون قد حصلنا على ما كنا نؤمن به ونرجوه . وتبقى فقط المحبة التي ستكون هي الغذاء الروحي والسعادة الدائمة في حياة دائمة أبدية. فمن آمن خلص ومن لم يؤمن يدان. والكنيسة المقدسة إزاء رفض الكثيرين من مفكري القرن التاسع عشر للحقائق الدينية. وإزاء ادعاآت العقل البشري وتجاهله لبعض المبادىء الدينية، رأت أن تحدد موقفها وتبين للبشرية جمعاء حقيقة الإيمان. فحددته في المجمع المسكوني الفاتيكاني الأول بما يلي : " الإيمان فضيلة فائقة الطبيعة نصل إليها بمساعدة النعمة الإلهية، ونتمسك بحقيقة ما أوحاه الله إلينا. لا لأن عقلنا يدرك كنه الحقيقة بل استنادا إلى سلطان الله الذي لا يمكن أن يغُش ولا أن يُغَش" . هذا التعريف هو صدى لتعليم بولس الرسول القائل: " لذلك لا نزال شاكرين الله لأنكم لما تلقّيتم منا كلمة الله بالسماع، لم تقبلوا كلمة بشر بل كما هي في الحقيقة : كلمة الله الذي يعمل فيكم أنتم المؤمنين" ( تسالونيقي 2: 13). عجائب يسوع التي سنستمع إليها في أناجيل أيام آحاد الصوم الكبير ، هي كما أرادتها كنيستنا السريانية، للتأكيد على أن يسوع هو ابن الله الوحيد القادر على كل شيْ. يسوع الإله الذي يخلق ويشفي ويقيم الموتى. لأنه مساو للآب في الجوهر وبه كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان. ونحن به نوجد ونحيا. وهكذا فإيماننا هو نور لنا في ظلمات هذه الحياة . وهو ملجأ لنا في المخاطر وقوة في الأتعاب. بالإيمان نرى ما لا يرى. ونعيش محررَّين من كل خوف. ومَن يحيا هنا بالإيمان سيحيا هناك مشاهدا الرب وجها لوجه. آمين .
|