مواعظ على مدار السنة الطقسية 2007 ـ 2008
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
حضور مريم في الذبيحة الإلهية " وكانوا مثابرين بقلب واحد على الصلاة مع النساء ومريم أم يسوع" (أعمال1:14) لما بشرها الملاك، قبلت مريم كلمة الله في قلبها وفي جسدها. واشتركت مذاك في حياة ابنها وعمله الإلهي ورسالته الخلاصية. الأسفار المقدسة والتقليد المكرّم تظهر دور مريم أم المخلص في تدبير الخلاص. ويزخر طقسنا السرياني، وكل الطقوس الشرقية، بذكر العذراء معطيا إياها المرتبة الثانية بعد يسوع. لأنها أمُّه ترتبط به برباط الأمومة وبعمل الخلاص والقداسة الفائقة. هذا الاتحاد الوثيق بابنها ظاهر منذ ساعة قبولها أن تكون له أماً، حتى يوم موته على الصليب. وكانت هي راضية عن كل ما كان يلحق بابنها من سوء معاملة ومن آلام وعذابات. عاملة بكل أمانة على البقاء معه حتى الصليب، حيث كانت حاضرة وواقفة تحت الصليب نفسه. مشتركة في الذبيحة التي قربها الرب تكفيرا عن خطايا البشر أجمع. ولما كانت ذبيحة القداس هي استمرار لذبيحة الصليب عبر الأجيال، فإن حضور مريم استمر في ذبيحة ابنها بعد صعوده إلى السماء، لتواصل هي حضورها مع التلاميذ في مواصلة ما صنعه يسوع وسلمه لتلاميذه : " اصنعوا هذا لذكري". وبعد صعود يسوع بقيت مريم مع ابنها في كنيسته الجديدة الناشئة، تقتسم مع التلاميذ خبز الحياة الذي هو جسد ابنها يسوع . " وكانوا مثابرين بقلب واحد على الصلاة مع النساء ومريم أم يسوع". " وكانوا يتابعون تعليم الرسل والحياة المشتركة وكسر الخبز والصلاة" . أعظم فرح لمريم كان عشاء الرب . لأنها كانت تجتمع بابنها يسوع الذي غادرها بالجسد إلى السماء. وكانت سعادتها جزيلة بمقدار إيمانها العميق بقداسة وقوة هذا السر الذي يخلد بقاء ابنها يسوع بين البشر. هذا الدور العظيم هو نعمة من الله لمريم التي اختارها أماً لكلمته وزينها من لحظة الحبل بها بمواهب تناسب دورها. فصاغها خليقة جديدة . حواء جديدة لتعطي البشر ثمرة الحياة تحت شجرة الصليب عوضا عن حواء التي أعطتهم ثمرة الموت تحت تلك الشجرة المشؤومة. قبول مريم بمخطط الرب وتعاونها مع إرادته المقدسة، ومرافقتها ابنها يسوع في جميع أطوار حياته يتجدد يوميا بحضور جسد ابنها يسوع في الكنيسة . وكأنها كل يوم تقول ها أنا أمة الرب. لأن يسوع يتجسد كل يوم في سر القربان . كلما اجمع اثنان أوثلاثة باسمي فأنا أكون بينهم. فإذا كان يسوع حاضرا في قلب جماعته المؤمنة فمريم تكون حاضرة لأنها دوما مع ابنها في عمل الخلاص. والآن مريم أيضا حاضرة في هذه الذبيحة كما هي حاضرة في كل ذبيحة تقدم في العالم، منذ يوم صلب المسيح حتى يوم القيامة. إنها حاضرة لتلد ابنها في قلب كل واحد منا. وهي ما تزال مع ابنها تلد البشر إلى حياة النعمة. لنطلب منها أن تعلمنا كيف نبقى نحن أيضا متحدين بيسوع. وإن نحن ضفنا فهي حاضرة كأم حنون ترتب أمورنا. وتحنو علينا لأننا مفديين بدم ابنها. ولأن ابنها ساكن فينا بقوة صليبه وبقدرة جسده ودمه وبجميع أسراره المقدسة . آمين .
|