مواعظ على مدار السنة الطقسية 2007 ـ 2008
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
القداس هو لقاء شعب الله حول ذبيحة المسيحلما كان القداس الإلهي هو ذبيحة العهد الجديد أي استمراراً لذبيحة المسيح على الصليب. تلك التي بها وقَّع الصلحَ بين أبيه وبين اخوته البشر. فهذه الذبيحة الإلهية التي تتم في القداس هي إذن لقاء مستمر للمحبة والصداقة التي حققها يسوع لمن افتداهم فاتخذهم له شعبا مقدسا. إنها لقاء جماعة المؤمنين الذين يؤلفون شعب الله حول مائدة قربان ابنه. هذا اللقاء ليس لقاء فرد لوحده مع الله. بل لقاء جماعة كل الذين خلقهم وفداهم. فنحن عندما نشترك بذبيحة القداس، لا نشترك على أساس فرد يحضر ثم يذهب. لا . نحن نحضر ونشترك كشعب واحد، يوحدهم حضور المسيح الذي يستمر معهم وفيهم وبينهم: " وها أنا معكم حتى انقضاء الدهر" . "وحيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون بينهم". الكنيسة المقدسة هي مجموع المؤمنين بيسوع. وكلمة كنيسة منبثقة من السرياني كْنَشْ=جَمَع . وكنوشتو= جماعة. هذه الجماعة، التي تؤلف الكنيسة بأساقفتها وكهنتها وعلمانييها، هي جماعة مَن نالوا نفسَ المعمودية، وآمنوا بنفس الإيمان، وانظوَوا إلى إلى أحضان الله بنفس المحبة، وتغذوا من نفس الذبيحة. لذا فالكنيسة تجتمع، في القداس حول ذبيحة الخلاص، بكل أولادها. فمجيئنا اليوم إلى هذه الكنيسة ليس مجرد حضور مشهد يلذ لعيوننا . أو سماع تراتيل تشنف آذاننا وحسب. بل هو رغبة حقيقية في الاشتراك مع جميع اخوتنا بتقديم الذبيحة المقدسة التي هي أسمى فعل جماعي تقوم به الكنيسة. من هنا على كل مسيحي يقصد الكنيسة أن يأتيها متحليا بالإيمان الثابت بحقيقة هذا السر العظيم. وبأنه مع اخوته في القداس يجتمعون بيسوع كما اجتمع التلاميذ به ليلة العشاء السري. على المؤمن أن يترك وراءه كل هموم الدنيا ومشاغلها. ليتحاشى كل ما يُلهي ويُشغل القلب والفكر. فلا كلام فارغ ولا التبجح بفاخر الأزياء وما إلى ذلك من توافه الدنيا. وإذا تَزيَّنا فليكن ذلك احتراما وتقديرا للقداس. وإذا تكلمنا فليكن ذلك لإصلاح والإرشاد والمحبة. هكذا يصبح اشتراكنا في القداس اشتراكا حقيقيا يتحدنا بيسوع في أوثق أواصر المحبة . ويغدو لنا قداسنا خلاصا وفرحا وسعادة. نتحدى بها كل مشاكل الدنيا وصعوباتها. " أنتم ذرية مختارة وجماعة الملك الكهنوتية وأمة مقدسة وشعب اقتناه الله للإشادة بآيات الذي دعاكم من الظلمات إلى نوره العجيب"(1بطرس 2: 9) . نحن هنا إذن إخوتي في بيتنا الحقيقي جئنا للصلاة ولسماع الكرازة بالإنجيل المقدس وللاحتفال بعشاء الرب حتى نوثّق الأخوة بيننا بواسطة اشتراكنا في جسد الرب ودمه. ففي شركة المذبح حيث تنسجم خدمة الأسقف والكاهن مع اشتراك المؤمنين تتمثل " وحدة الجسد السري التي لا خلاص بدونها. ففينا الآن ، يحضر المسيح، وإن كنا محدودين أو فقراء أو لاجئين. أو كنا مشتتين او خطاة. بقوته نحن نستمر في جنبه الدافئ نُحفظ . وبيمينه نقتحم كل صعوبة آمين.
|