مواعظ على مدار السنة الطقسية 2007 ـ 2008
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
القداس ذبيحة العهد الجديـد " هذا هو دمي، دم العهد الجديد الذي يهراق عن كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى6: 28) الدين عهدُ صداقة ومحبة وألفة بين الله وبين الإنسان. هذه الفكرة برزت بصورة خاصة في العهد القديم أكثر من سواها. فذكرتها الكتب المقدسة وعاشها الشعب المختار دون سواه من الشعوب الوثنية. فالعلاقة الدينية لدى شعوب الأرض كانت علاقة عبودية: كان الإله الصنم هو السيد والإنسان هو العبد. وعندما كشف الإله الحقيقي نفسه لإبراهيم ولذريته من بعده، أي شعبه المختار، أصبحت هذه العلاقة عهد محبة أقامه الله مع إبراهيم وفقا للرتبة المرعية في ذاك الزمان. والرتبة المرعية في عقد معاهدة صداقة أوصلح وسلام، كانت ضحية تذبح ثم تؤكل سوية من قبل الطرفين المتعاهدين أو المتعاقديَن. هكذا صنع ابراهيم وهكذا صنع موسى و هكذا صنع يشوع وغيرهم. (تكوين15 ، تثنية6: 5 ، يشوع 24: 27) تلك كانت عهودا وذبائح أقامها الله مع شعبه، لتكون رمزا للعهد الحقيقي الذي سيقيمه مع البشرية كلها، عندما تتسع معاهدته، بذبيحة ابنه، لتشمل جميع البشر بجميع أجيالهم وقبائلهم وأزمنتهم والوانهم وأجناسهم. وتصبح الشرية عائلة واحدة تربطها معاهدة واحدة، مختومة بدم يسوع ذبيحةِ العهد الجديد. وهذا ما تحقق فعلا عندما جاء الإبن الوحيد، وصار هو خروفَ المعاهدة وذبيحةَ المصالحة وطعامَ المحبة وسلاماً على الأرض بين الإنسان وأخيه الإنسان وبينه وبين الله . ولما كنا نحن البشر أحد طرفي هذه المعاهدة الجديدة. فقد أوصانا المسيح نفسُه أن نشترك في حياة الله بأكلنا جسده وشربنا دمه. والذبيحة الإلهية هي خير رباط يتحدنا بالله. يسوع المسيح هو ذبيحة العهد الجديد. لأنه هو الحقيقة التي إليها رمزَت وأشارت قرابينُ وذبائح العهد القديم. تلك كانت من عجول وثيران وغنم وطير . أما قربانُنا الجديد نحن فهو جسد ودم ابن الله الوحيد يسوع المسيح. بَطُلَت كل القرابين القديمة . ولم يعُد الرب يرضى قربانا إلا قربانَ ابنه الذي قدمه لنا مأكلا ومشربا. وهكذا وبما أن ذبيحة المعاهدة مع الرب هي القربان الأقدس الذي يقرَّب ضمن القداس، فأنه أصبح لزاما على كل من يريد الدحول في عهد صداقة مع الله، أن يشترك بالقربان ويتناول جسد المسيح الذي هو حقا ختم الصداقة مع الله. اخوتي الاشتراك بالذبيحة الإلهية جيد ومكمل لوصية الكنيسة. ولكن حضور القداس دون التناول هو كمن يدعى إلى عزيمة وياتي إليها . ولكن عندما يحضر الأكل لا يقبل أن يأكل . أليس هذا أمر غريب ؟ . صحيح إن حضور القداس يوم الأحد يكفي لتميم وصية الكنيسة، ولكن كمال الذبيحة هو في التناول. علينا إذن أن نقترب من جسد الرب مرات عدة في السنة. ويا ليت نقترب منه كل مرة حضرنا القداس. فنجني لأنفسنا الحياة الحقيقة التي وعدنا بها يسوع عندما قال: " من يأكل جسدي ويشرب دمي له الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير". آمين
|