مواعظ على مدار السنة الطقسية 2007 ـ 2008
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
العماد المقدس ولادة جديدة "مَن لم يولَد من الماء والروح لن يدخلَ ملكوت السموات" (يوحنا 3:5) الحياة المسيحية هي اتحاد بالله واشتراك في عمل الخلاص الذي حققه يسوع المسيح. وكما بالولادة تبدأ كل حياة على الأرض ، هكذا ولادتنا إلى الحياة الجديدة بيسوع تبدأ بالعماد، الذي فيه يموت الإنسان من جسد الخطيئة ليولد من بطن المياه خليقة جديدة، لابسة حياة جديدة، هي حياة النعمة بيسوع المسيح، حسب قول بولس الرسول : " لست أنا أحيا بل المسيح هو الذي يحيا فيَّ "(غل2: 20). بماء المعمودية إذن يغرق إنساننا العتيق ويموت، ليخرج إلى حياة نظيفة، مولودا من لله. يعود بولس الرسول فيقول: " أنتم يا مَن اعتمدتم بالمسيح المسيحَ لبستم...أتجهلون أننا نحن الذين اعتدنا بيسوع المسيح بموته اعتمدنا. فقد دفنا معه في المعمودية للموت. لكي نكون كما قام المسيح من بين الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في تجديد الحياة "(غلا 3: 2). بعد العماد يصبح للإنسان حياتان في شخص واحد. حياة طبيعية، بشرية. وحياة روحية فائقة الطبيعة، هي حياة النعمة. تلك التي كان الله قد دعانا إليها في فجر الانسانية، وفقدها أبوانا الأولان في الفردوس. هذه الحياة الروحية المفقودة . أعادها إلينا يسوع بموته على الصليب، وقيامته وتأسيسة الأسرار المقدسة، التي هي بمثابة القنوات التي تحمل إلينا حياة النعمة وتغذينا منها. فالعماد هو مفتاح لهذه الحياة الروحية. هكذا أراد يسوع عندما قال : اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدان" (مرقس16: 26). " فإن لم يولد أحد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت السموات" (يو3: 5). وهكذا فالعماذ هو ولادة جديدة إلى حياة الله. وترمز طقوسنا الشرقية إلى هذه الولادة بغطس الطفل في جرن مياه المعمودية ليموت عن إنسانه القديم ويولد كَمِن رَحمٍ إلى حياة جديدة هي حياة الله. ولما كان لسر العماد كل هذه الأهمية، وجب علينا أن نوليَه كلَّ اهتمامنا مصحّحين نظرتنا القديمة إليه. فالعماذ ليس عملية غسل أو طمس. ولا هو مجرد حفلة عائلية، يجتمع فيها الأصدقاء ويتسلون. بل العماد سر مقدس يمنح حياة النعمة والمشاركة بحياة المسيح. فيه نصبح اخوة ليسوع وأبناء للآب السماوي وأعضاء في الكنيسة المقدسة. إنه لسر عظيم هذا الذي به نلبس حياة الله ونتأهل للاقتراب من جميع الأسرار الأخرى. أحبائي، نعرف همومكم الجديدة ومشاكلكم الحديثة بحكم هجرتكم وصعوبة تأقلمكم في محيط وبيئة مختلفة عما كنتم عليه في بلد منشأكم. حيث كانت الكنيسة والكاهن في متناول يدكم. ولكن اعرفوا أن الولادة الحقيقة لأطفالكم لا تتم فقط بالولادة من رحم الأم، بل بالولادة الثانية، أي ولادة المعمودية، التي تكمل الأولى وتقدسها محولةً الطفلَ إلى أخ ليسوع. فالأولى جيدة ومبروكة ولكن الأولى من دون الثانية تبقى محرومة من حياة الله وعقيمة لا تأتي ثمرا. فلا تتهاونوا وتتأخروا بعماد أولادكم. لا تحرموهم أشهرا وسنين عن حياة المسيح. هم أمانة بيدكم فحافظوا على الأمانة واحترموها. ليبارككم الرب. آمين.
|