مواعظ على مدار السنة الطقسية 2007 ـ 2008
المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
صلاة المسيح وصلاتنـا " وخرج يسوع إلى الجبل ليصلّي، وأمضى الليلةَ في الصلاة" (لوقا 9: 12). قد يخال لنا غريبا أن يحتاج يسوع إلى صلاة، وهو مَن إليه تُرفع الصلاة. لأنه كلمة الآب ومخلص العالم والشافع فيهم . المسيح المتَّحد أبديا بأبيه، لم يكن بحاجة إلى صلاة. ولكنه أراد بتجسده أن يكون قريبا منا ويعلمنا كيف نتوجه إلى الله، نحن الضعفاء المحتاجين. لقد أراد أن يكون لنا مثالا في الصلاة أيضا. هو صام وصلى أربعين يوما قبل عماده، وقبل البدء برسالته العلنية. وكان خلال بشارته ينفردُ من حين إلى آخر للصلاة، في الجبل أو في القفر. ليفهمَنا ضرورةَ الصلاة وفعاليتَها. ولتأثر التلاميذ بمثل يسوع الذي يعطي أهمية كبيرة للصلاة ألحّوا عليه : يا معلم علمنا أن نصلي. فعلمهم يسوع أعظم وأحلى صلاة هي صلاة : الـ " أبانا ". وإذا كانت الصلاة هي توجه الفكر والقلب والنية نحو الله، القادر على كل شيء، فهي لذلك الطريق الصحيح والضروري الذي علينا سلوكه، لنحضى بما نرغب من النعم ومن العون في أعمالنا ومشاريعنا. وأهم هذه المشاريع هو الاهتمام الصالح بمنافع عائلتنا وتربية أولادنا، والسير في سبل الصلاح والرحمة والمحبة. يسوع نفسه يدلنا على سلوك هذا المنحى عندما يقول لنا: " أطلبوا تجدوا، إسألوا تعطوا ، اقرعوا يفتح لكم ..." فالصلاة أكانت شكرا أم تسبيحا أم تضرعا أم ندَماً، هي واجب وضرورة لكل إنسان. كونه بدون الله لا يستطيع أن يفعل شيئا. فلا بدَّ من الصلاة للاستغفار عن الذنوب، والندم عن الشرور والعودة إلى البيت الأبوي، بعد الضياع. تماما كما فعل الإبن الشاطر. هذا عدا عن أنها أيضا ضرورة لازمة لتجنب التجارب وتحمّل ثقل الحياة و مآسيها : " اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في التجربة(متى 26: 41) . ولا تدخلنا في التجربة لكن نجنا من الشرير". صلوا ولا تملوا..." . تذكروا أيضا مَثَل الصَديق اللجوج الذي يقصد صديقه عند منتصف الليل ليقرض منه خبزا...ويضيف يسوع " وأقول لكم : وإن لم يقم ويعطيه لكونه صديقه، فإنه ينهض للجاجته، ويعطيه كل ما يحتاج إليه ( لوقا 11 :5-8). الصلاة الفعالة والصادقة هي تلك التي توجَّه إلى الله بتواضع. إذ إن التواضع هو شرط أساس للصلاة وقد بيَّنه يسوع في مثل الفريسي والعشار. ثم لابد أن يكون الإيمان هو الأساس من كل صلاة لكي تكون مستجابة : " كل ما تسألونه في الصلاة، آمنوا أنّكم تنالونه فيكون لكم" (مرقس 11: 24). فالصلاة إذن مناجاة بين الله والإنسان. إنها حوار الحب الذي يجعلنا نغرق في الله. فننسى همومنا ومشاكلنا وضعفَنَا وفقرَنا. ونصبح أغنياء بالله وسعداء به. وبما أن المسيح هو وسيطنا الأوحد والأقدر فسنغدو نحن على مثاله متحدين أبدا بالثالوث الأقدس. فليسُدْ قلوبَكم سلام المسيح، ذاك السلام الذي إليه دعيتم لتصيروا جسداواحدا، وكونوا شاكرين" آمين .( قول3: 15)
|