مار
نيقولاوس (مار زَوْخي بالسريانية)
Saint Nicholas
ويعتبر مار
نيقولاوس شفيع الأحداث وصيادي السمك والبّحارة والمسافرين في البحر
والبر، كما يعتبر شفيع المؤمنين في روسيا.
نشأته
ولد مار نيقولاوس في أواخر القرن الثالث للميلاد في
بلدة باتار في آسيا الصغرى (تركيا). وكان أبوه أبيفانيوس وأمه تونة، من
أغنياء القوم في بلدهما واشتهرا بمخافة الله، وعمل الصلاح وتوزيع
الصدقات، وكانا عاقرين، يواصلان الصلاة إلى الله والطلبات منه تعالى كي
يرزقهما طفلاً. فاستجيبت صلاتهما وولد لهما ولد سميّاه نيقولاوس،
وبالسريانية "زَوْخي" واهتما بتربيته التربية المسيحية الصالحة،
وبتلقينه العلوم الروحية إلى جانب العلوم الدنيوية. وشعر معلموه بقوة
النعمة الإلهية التي أسبغت عليه بوفرة، إذ سبق رفاقه في تحصيل العلم
وفي ممارسة أعمال الفضيلة، منذ نعومة أضافره، فرُسِمَ شماساً ثم ترهّب
في دير كان ابن عمه رئيساً له، فأظهر فيه من النسك والعبادة ما تعجز
عنه طاقة البشر
مثال لعمل الرحمة
على أثر وفاة والديه وزّع مار نيقولاوس أمواله الطائلة
على الفقراء والمحتاجين. سمع يوماً عن رجل غني عصفت بأمواله ريح
الدهر، وكان له ثلاث بنات جميلات
كدن يهوين في وهدة الرذيلة.
ولإنقاذ أفراد العائلة من
الجوع والفاقة ذهب إليه مار نيقولاوس ليلاً، ورمى إليه من النافذة صرّة
من المال، وتوارى عن الأنظار. فلما استفاق الرجل صباحاً وجد المال، فعد
ذلك هبة من الله، فتاب إلى الله وشكره على عنايته الالهية. وجهز ابنته
الكبرى بهذا المال، وزوّجها من شاب يخاف الله. فلما سمع مار نيقولاوس
بذلك فرح كثيراً، وأعاد الكرة ورمى صرة ثانية من المال، استخدمه الرجل
لزواج ابنته الثانية.
لكنه تاق إلى معرفة السر الكامن وراء هذا الاحسان
الكبير، أخذ يسهر الليالي، مترقباً .... وإذ عاد مار نيقولاوس للمرة
الثالثة، ورمى بصرة المال من الكوة، فلحق به الرجل وأمسكه. وعندما عرفه
سجد له شاكراً. فطلب مار نيقولاوس أن يكتم السر وألا يخبر أحداً لأن
الرب أوصى في ميدان الاحسان،
ألا يُعلِم
الإنسان شماله ما تفعله يمينه.
أما ذلك الرجل، فلم يتمكن من كتم الخبر، إذ راح ينشره بين أصدقائه
وجيرانه، فعطّر
اسم مار نيقولاوس تلك المنطقة بكاملها.
رئيس
الدير
رحل مار نيقولاوس إلى
بلدة ميرا اذ كان خاله اسقفاً، فرسمه خاله كاهناً وأقامه رئيساً على
دير في الضواحي،
وقد
حدثت بواسطته أعجوبة، ذلك أن زوجين فقدا ابنهما الوحيد، وأنفقا
أموالهما وهما يبحثان عنه دون جدوى. وبعد سنين عديدة قصدا الدير وهما
يائسان، وطلبا من رئيس الدير مار نيقولاوس الصلاة لأجلهما، فأمر رئيس
الدير الرهبان بالإجتماع لإقامة صلاة خاصة على نية هذين الزوجين
المعذبين. فاستجاب الله الصلاة، وأحضر ملاك الرب الصبي الذي كان
اختُطِفَ وبِيعَ عبداً لأناس باعوه بدورهم إلى أحد كبار الرجال في مصر،
فاختطفه ملاك الرب وأتى به إلى الدير، فسلمه مار نيقولاوس إلى والديه
زيارة
الأماكن المقدسة
قام مار نيقولاوس بزيارة الى الأماكن المقدسة
عن طريق البحر، وخلال الرحلة هاجت الأمواج، وعصفت الرياح، وكادت
السفينة أن تتكسر وتغرق، فطلب القبطان إلى مار نيقولاوس أن يصلي إلى
الله ليرحمهم، ففعل مار نيقولاوس وهدأ البحر. وكان أحد طاقم البحارة قد
سقط من السارية ومات. فصلّى مار نيقولاوس إلى الله، فأعاده إلى الحياة
اسقف ميرا
كان خال مار نيقولاوس قد انتقل إلى جوار ربِّه
وقام مكانه اسقف آخر. فبعد عودة مار نيقولاوس من زيارة الأماكن المقدسة
رأى ذات ليلة حلماً عجيباً.. كأنّ حُلةً حبرية زاهية قُدمت إليه ليتشح
بها، كما رأى عرشاً رفيعاً ورجلاً يقول له: تفضل اجلس على هذا العرش.
وفي ليلة أخرى رأى السيد المسيح يسلِّم إليه الانجيل المقدس والسيدة
العذراء تناوله الحلة الحبرية
ويقال أنه على اثر وفاة
اسقف ميرا، ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في حلم وقال له: إن الرب
اختار مار نيقولاوس ليكون اسقفاً على ميرا. وعندما استيقظ رئيس
الأساقفة، أخبر سائر اساقفة المنطقة، فاعتبروا ذلك أمراً من السماء،
فجاؤوا بمار نيقولاوس ورسموه اسقفاً على ميرا
وتقول رواية أخرى أن ملاك
الرب ظهر لأكثر من اسقف وهم مجتمعون في الكنيسة، صائمين مصلين كي
يلهمهم الرب إلى اختيار الرجل الصالح ليكون اسقفاً على ميرا. فقال ملاك
الرب لمن ظهر لهم في الحلم، إن أول من يدخل الكاتدرائية في صباح اليوم
التالي هو الذي اختاره الله لهذه الرتبة
كما ظهر الملاك لمار
نيقولاوس في حلم، وأمره أن يغادر الدير باكراً جداً ويدخل المدينة
ليصلي صباحاً في كاتدرائيتها، فلما فعل نيقولاوس ما أمره به الملاك،
ووصل إلى باب الكاتدرائية، كان أحد الأساقفة في الانتظار... فأمسك به
وأدخله إلى بقية الأساقفة، فنادوا: " مستحق، مستحق، مستحق " أن يكون
اسقفاً على ميرا، إنه الشخص الذي اختاره الله لهذه الرتبة السامية.
وبعد الانتهاء من مراسم رسامته اسقفاً، صلَّى مار نيقولاوس على انسان
فارق الحياة، فعادت نفسه إلى جسده، وقام حياً !! فتعجب الجميع، وسبحوا
الله على قدرته
عاش
مار نيقولاوس، وهو اسقف، حياة الناسك الزاهد العابد المتقشف. فكان يتشح
بإسكيم الرهبانية ويلبس الصوف الخشن على جسده تحت الحلة الأسقفية
الزاهية، ويواظب على الصلاة ليل نهار، ولا يتناول إلا وجبة واحدة من
الطعام البسيط طوال اليوم، كما أنه لم يذق طعم اللحم أبداً، وأنعم الله
عليه بالحكمة في تدبير رعيته، وكم حاجج الرب بصلوات حارة طالباً إليه
أن يعفيه من حمل رسالته الأسقفية مقدراً جسامة المسئولية. فظهر له الرب
يسوع في حلم وخاطبه قائلاً: لا تخف يا نيقولاوس فإنني لا أتخلى عنك
طالما أنت مكمل واجبات الأسقفية بصدقٍ وأمانة
وكان اهتمام مار
نيقولاوس بالفقراء من رعيته، ظاهراً وملموساً، وهو بذلك كان يمثل عناية
الله تعالى بالمخلوقات كافةً ولا سيما الضعيف منها
مار نيقولاوس المعترف
وفي سنة 303 أثار القيصر
الروماني ديوقلطيانس الاضطهاد على المسيحية، فسام المؤمنين صنوف
العذاب، وأمر بإغلاق كنائسهم وإبادة كتبهم المقدسة، فسجن عدداً كبيراً
منهم، ونفى آخرين، وكان نصيب رعاة الكنيسة من هذا الاظطهاد وافراً
جداً. ومن بين هؤلاء الرعاة الصالحين كان مار نيقولاوس، الذي زجه جنود
قيصر في السجن، وأذاقوه مر الآلام... وهويتحمل كل ذلك بصبرٍ جميلٍ
حباً بالمسيح الفادي. ومكث مار نيقولاوس مسجوناً حتى انتصر قسطنطين
الملك على أعدائه وفتح أبواب السجون، فخرج المعترفون ظافرين، وعاد مار
نيقولاوس إلى أبرشيته ليرعى الشعب الذي ائتمنه على رعايته.
اشتراكه في مجمع نيقية
وعندما انعقد
مجمع نيقية سنة 325، حضره مار نيقولاوس، وفنّد مع آباء المجمع بدعة
آريوس معترفاً بالايمان
المستقيم الرأي.
معجزة إكثار الحنطة
وحدث على عهده جوع شديد، وكانت سفن الامبراطور تنقل الحنطة من
الاسكندرية إلى شواطئ آسيا الصغرى. فالتمس مار نيقولاوس قبطان إحدى
السفن ليهبه مائة برميل من الحنطة بغية إعانة أبناء أبرشيته. وحالما
وافق القبطان على ذلك، شاهد الحاضرون ملائكة تفرِّغ الغلة إلى الميناء.
ومما زاد من دهشتهم أن حمولة السفينة لم تنقص أبداً، رغم إنزال الكمية
المطلوبة من الغلة إلى أرض الميناء، فمجدوا الله الذي أنعم على القديس
مار نيقولاوس بعمل المعجزات
انتقاله إلى جوار ربِّه ونقل ضريحه إلى أوروبا
في السادس من شهر كانون
الأول من عام 341، انتقل القديس مار نيقولاوس إلى الأخدار السماوية وله
من العمر ثمانون سنة، قضى منها أكثر من أربعين سنة في خدمة الأسقفية في
ميرا، ودفن جسده الطاهر، بإكرام كبير في أحد مرتفعات مدينة ميرا. حدثت
على ضريحه عجائب عديدة !. فصار ضريحه مزاراً يتبرك به المؤمنون
القادمون من أماكن شتَّى. وكما تشفع به المسيحيون في الشرق، كذلك تشفع
به المسيحيون في الغرب، إذ نقلوا ضريحه الطاهر عام 1087 من مدينة ميرا
عاصمة إقليم ليفيا في جنوب تركيا، إلى مدينة باري في إقليم ايوليا في
إيطاليا، وتعيِّد له الكنيسة في 6 كانون الأول المصادف 10 كيهك القبطي
بعض
الدول الاوروبية تُعيّد له في 5 كانون الاول وهو عيد كبير بالأخص
بالنسبة للاطفال حيث يقام الاحتفالات .Saint
Claus
للاطفال من قبل شخص يرمز ل
وتوزع هدايا
مار نيقولاوس في الكنيسة السريانية
تُكَرِّم كنيستنا
السريانية القديس نيقولاوس أي مار زوخي مع سائر القديسين السريان
وشُيِدت كنائس عديدة على اسمه في أماكن شتى. وقد جاء في السنكسار
القبطي الأرثوذكسي ما يأتي: اليوم الخامس عشر من شهر برمودة المبارك
تَُعيّد الكنيسة بتذكار أول هيكل بناه السريان المقيمون في أرض مصر
للقديس نيقولاوس أسقف ميرا، وهو أحد آباء مجمع نيقية الثلاثمائة
والثمانية عشر
الخاتمة
إن سيرة مار نيقولاوس حافلة
بالأمور الغريبة العجيبة التي لا تخلو من اللغو والمبالغة ومن إضافات
دسّها النسَّاخ فشوَّهت الحقائق وأربكت المؤرخين وشكَّكت أحياناً
المؤمنين. ومع ذلك، فالقصة مليئة بالمعجزات الباهرات التي تعتبر حقائق
تاريخية صادقة، اتفقت على صحتها نصوص القصة بلغات شتَّى. ولكثرة
العجائب التي أجراها الله تعالى على يد القديس مار نيقولاوس في حياته،
وبشفاعته بعد انتقاله إلى كنيسة الأبكار المكتوبة أسماؤهم في السماء،
نقول: لكثرة هذه العجائب، دُعيَ القديس مار نيقولاوس بـ (صانع
العجائب)، فقد أقام موتى، وأشبع جياعاً، وهدَّأَ بحراً هائجاً. كما
اشتهر بعمل الاحسان وتوزيع الصدقات على الفقراء. فقد باع كل ما كان له،
وما ورثه عن والديه، ووزعه على المساكين، طبقا لوصية الرب إلى الراغبين
في الكمال، كما اهتم
بالمعوزين وهو اسقف. ومن وحي
سيرته الفاضلة وأعمال الرحمة التي قام بها، ومن محبته للأحداث، اتخِذَ
كشخص وهمي يوزّع الهدايا في
عيد الميلاد المقدس، وسُميّ (سانتا كلوز) أو(بابا نوئيل).
Saint Nicholas
والاسم سانتا كلوز
جاء من اسمه
بالانكليزية سانت نيكولاس
Saint Claus
وقد حور هذا الاسم الى سانت كلوز
واسمه السرياني (مار زَوْخي)، يعني: الفاضل المنتصر والظافر والنقي
الطاهر.
|