مشاركات نسرين عبدالرحمن الخياط
دير مار بهنام الشهيد وأخته سارة الجبْ (الجزء الثاني)
يقع الجب الى الجنوب الشرقي من الدير وعلى مسافة نحو 60م، تجدد باب الجب المحفوظ فيه رفات مار بهنام الشهيد واخته سارة والأربعين شهيدا في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1926م وفي هذا الموضع استشهدوا سنة 352م، كان أخر تجديد للجبْ عام 1985م. وهو بناءا مستطيلا تليه قبة في سفح تل تضم آثارا خالدة وذكريات جميلة. ويتألف مزار الجب من بنائين احدهما امامي مستطيل تليه قبة مستديرة. أما البناء الامامي فيتكون من غرفتين احدهما بداخل الثانية يصل بينهما باب مقوّس، وفيها مدخلان ينحدر اليهما بثلاث درجات يفضيان الى دهليزين متناظرين تحت الارض طول كل منهما 9م وارتفاعهما 1,75م يلتفان شيئا فشيئا حتى ينضما ويلتقيا معا في صحن الضريح وهو المعروف بالجب. ومزار الضريح يتألف من قبة مثمنة الزوايا، في كل زاويا شبه أواوين متباينة العمق، تحيط بجوانبها السفلى صفائح مرمرية ذهبت عوادي الزمن بها. وكانت تعلو هذه الاواوين حنايا من القرميد وضعت لإزالة الزوايا الحاصلة من اتصال الاضلاع وجعل أعلى الجدار مستديرا، وقد ركبت القبة فوق هذه الدائرة. قطر القبة من الداخل 7,25م وإرتفاعها 9,50م ينفذ اليها النور من كوتين في أعلى السقف من الجانب الشمالي الغربي. وقد اُضيف مؤخرا على القبة من الخارج بحدود 3م عما كانت سابقا أثناء تجديدها من قبل الخورأسقف فرنسسيس جحولا(رئيس دير مار بهنام) عام 1986م أي بعد الاحتفال اليوبيلي المئوي السادس عشر لدير مار بهنام. إن سبب تسمية هذا المزار بالجب وحسب ما جاء في سيرة مار بهنام الشهيد، بينما كان الجنود محاولين إضرام النار في أجساد القديسين حدث اضطراب وزلزال أنشقت الارض على أثرهما وابتلعت أشلاء الشهداء. ويستنتج من هذا وجود جب أو بئر قديم مهجور في تلك البقعة أنشق على أثر زلزال أخفى أجساد القديسين. في عام 1986م اٌجريت تنقيبات على الجهة الشرقية للتل واخذت عينات خزفية، وجرى تحليلها علميا وتأكد للمنقبين ان آثار التل تعود الى الألف السادس قبل الميلاد. وروى الأثرى الفرنسي فيكتور بلاس، وكان قد زار الدير عام 1852م بأن دير مار بهنام شيد على انقاض أثر ساساني.
ضريح مار بهنام يستدل من كتابة أثرية محفورة في جدار كنيسة دير مار بهنام الشهيد ان هذه الذخائر كان محفوظة في هذه الكنيسة يوم اجتاحت الجحافل التترية هذه الديار عام 1295م، والاكثر برهانا الكتابة الاسطرنجيلية الموجودة على الضريح الحالي وترجمته ( رُكبت هذه الحجارة المنحوتة في ضريح مار بهنام....في سلخ كانون الثاني سنة 1611يونانية 1300م) ويستنتج من ذلك ان هذه الذخائر قد نقلت بعد هذا الحدث الى الجب واقيم لها هذا الضريح. يقع الضريح في الجدار الشرقي من مزار الجب، وهو على هيئة مذبح من الرخام المحلي الصقيل اللامع، ضمن حنية داخلة في سمك الجدار 60سم منعطف السطح الى الامام. ارتفاع الرخام الذي يحيط بالضريح 4م وعرضه 2,40م وطول لوحة الرخام التي على الضريح 1,20م وعرضها 70سم وعلو الضريح عن مستوى الارض1م. فيه رفات القديس مار بهنام واخته سارة والاربعين شهيدا (الذين استشهدوا سنة 352م). تزين أطراف هذا الضريح صفوف من الكتابات الاسطرنجيلية والعربية والتركية القديمة المعروفة بالايغورية.
المنفذ السري وهناك في جدار الحنية الغربية منفذ يفضي الى حجرة صغيرة كانت تؤدي قديما (بناء على اسطورة تناقلتها الألسن) الى نفق يتصل بمدينة نمرود وطن مار بهنام، أما اليوم فقد تهدم وانهار وسد كل منفذ منه.
الحفرة الموجودة في منتصف باحة القبة يوجد في منتصف صحن القبة حفرة مستديرة يأخذ منها الزائرون ترابا تبركا وتذكارا لاستشهاد القديسين في هذا المحل، وهي عادة قديمة وتقليد عام في الكنائس الشرقية.
يوجد في الجب تُحفْ أثرية نفيسة لوحة أثرية نفيسة
هذه اللوحة مثبتة في الجدار الجنوبي من الجب طولها 70سم وعرضها 40سم عليها نقش نافر. في وسطها صليب مجنح في آية الدقة والمهارة الفنية، تحف به زخارف أنيقة واقراص خبز منقوشة، يتدلى من ضلعيه عنقودا عنب، تعلوه حنية ضمن إفريز مربع ترتكز على قرصي شهد فوق أصيص زهر، والى الاسفل من كل جانب حمامة مطوقة أمامها قرص خبز مستديرة. ويتفرع من قاعدة الصليب ورق عرعر، وجميع هذه الزخارف ترمز الى سر القربان المقدس. والى الاسفل كتابة ارمنية قديمة محفورة.
قبور الشهداء من آثار الجب التاريخية قبور الاربعين شهيدا (رفاق مار بهنام) في صدر كل إيوان من الاواوين التي حول صحن القبة المثمنة الزاويا، لوحة رخام مزخرفة أو مكتوبة للدلالة على انها مثوى رفات الشهداء الأربعين.
التل الأثري لدير مار بهنام واخته سارة
يبلغ طول التل نحو 130م وعرضه 40م وارتفاعه عن السهل المجاور له نحو 13م، ويرى المرء من قمته وعلى اتجاه نحو الغرب الهضاب الممتدة على ضفاف نهر دجلة وأمامها أطلال نمرود (مدينة الكالح) إحدى العواصم الآشورية. أما التل وما يجاوره من سهول يكتسي في فصل الربيع بحلة بهية خضراء وأصناف الأزهار البرية من بيبون وحندقوقا ونفلة وكف مريم والعديد من النباتات الاخرى، حيث يجذب الزوار والوافدين الى الدير في هذا الموسم.
عين القديسة سارة تقع العين في شرق دير مار بهنام، وعلى مسافة 3كم تقريبا، وتعرف بعين سارة أو بعين الجرب نسبة الى الاميرة سارة الشهيدة التي تعمذت فيها وتطهرت من برصها على يد مار متي الشيخ ، وهي عين ماء عجائبية تفجّرت مياهها بآية سماوية، وقد تعمّذ ايضا الأمير بهنام وأعوانه الأربعون فارسا. وماء هذه العين اصفر اللون راكد تنبعث منه رائحة الكبريت ويعلو سطحه فقاقيع وهو أشبه بمرجل يأخذ بالغليان، ولقد نال الكثيرون الشفاء من امراضهم الجلدية. تٌعيّد الكنيسة السريانية له في 10 ديسمبر(كانون الاول)
سجل الزيارات لقد افتتح البطريرك أفرام الرحماني سجل الزيارات الذهبي الاول في دير مار بهنام الشهيد عام 1911م، ومن الشخصيات التي زارت الدير كل من: زيارة والي الموصل خليل باشا للدير في عام 1917م، زيارة الامير زيد من العائلة الهاشمية للدير في 25-7- 1923م، زيارة الملك فيصل الاول وحاشيته للدير في 10-10-1923م، زيارة الملك علي (الشريف على)والد الوصي علي العرش للدير في 20-8-1926م.
نُقلت بتصرف من دليل الآثار السياحي لدير مار بهنام الشهيد اعداد وتحقيق الخورأسقف فرنسيس جحولا
اُلتقطت الصور بالعدسة الخاصة
دير مار بهنام الشهيد واخته سارة الجزء الاول
|