المربي التربوي مبارك حنو
لقاء : د. ميخائيل شميس نشر في جريدة صوت بخديدا العدد (6) 2003 المعلم :هذا المربي التربوي والشمعة التي تحترق لتنير الطريق أمام الجموع الزاحفة نحو غدها المشرق .. انه الجندي المجهول الذي يناضل من اجل إيصال العلوم والمعرفة إلى النشء .. انه كالزارع بذرة الحياة في ارضٍ بورٍ ..كالضوء الساطع الذي يبدد دياجير الظلمة .. واعتزازاً من هيئة تحرير جريدة (صوت بخديدا) بأساتذتنا ومعلمينا الأجلاء ارتأينا أن نسبر أغوار وذكريات أحد المربين التربويين في كل عددٍ من أعداد جريدتنا ، لنتوغل معه في ذكريات الماضي . وفي هذا العدد يحدثنا المربي التربوي ( مبارك عبدالله حنو) عن ذكرياته وتجربته مع هذه المهنة الشريفة قائلاً ولدت في بخديدا عام 1940 ودخلت المدرسة الابتدائية عام 1945 ، تخرجت منها عام 1951 ، أتممت الدراسة المتوسطة والإعدادية في كلية الموصل الأهلية وأنهيت الدراسة فيها عام 1956 . وفي العام الدراسي 1957 –1958 نلت شهادة الدورة التربوية ،التي أهلتني كمعلم ، وعينت بتاريخ 8/11/ 1958 معلماً في لواء كركوك آنذاك .. أتذكر ان ذلك اليوم كان يوماً مشهوداً في حياتي ، فعندما وصلت المدرسة بصحبة زملائي استقبلنا الأهالي في القرية استقبالاً حافلاً ، ذلك لان المعلم الجديد كان يشار إليه بالبنان لما له من منزلة رفيعة ومكانة عزيزة يحسد عليها عملت في عدة مدارس منها يالفوز اغاج والتون كوبري وكنهش قديم وكبرلي ومدارس قره قوش : الأولى والثانية والثالثة ، وكانت مدرسة قره قوش الثالثة المحطة الأخيرة إلى إحالتي على التقاعد عام 1989 . بلغت مدة خدمتي في الحقل التربوي (32) عاماً تكللت كلها بالنشاط والحيوية والبذل والعطاء ، نلت خلالها على (27) كتاب شكر . من المتاعب التي صادفتني خلال التدريس ، اختلاف اللغة لأنني عملت في مناطق تتباين لهجاتها ولغاتها كالكردية والتركمانية والسريانية فضلاً عن العربية ، إلا أنني والحمد لله استطعت تقريب المادة إلى أذهان التلاميذ حسب مداركهم واستيعابهم وعن يومه الأخير في حياته التعليمية .. يوم ودع فيه مهنة التعليم قال : عندما أحلت على التقاعد ، انتابني شعور بالألم والمرارة والحسرة ، لأنني فارقت عملي الذي اصبح جزءاً مني خلال اكثر من ثلاثة عقود ونصف .. ولأنني ابتعدت عن عالم صادق بريء لا يعرف الغش والكذب .. اجل التلاميذ الصغار أوراق بيضاء يكتب عليها المعلم ما يشاء .. فالمعلم وتلامذته عالم قائم بذاته .. عالم زاخر بالحضارة والرقي أما اليوم فيخالجني سرور وافتخار بما قدمته للمجتمع من رجال خدموا في معظم ميادينه . انهم كالأفواج التي تمر من أمام منصة التحية ، فكان بينهم الأستاذ الجامعي والضابط والمهندس والمعلم .. وهاأنذا أزيد افتخاراً كلما رأيت أحد تلاميذي وقد وصل إلى مرحلة مرموقة وتبوء مكانة رفيعة
|