مطرانية السريان الكاثوليك: المطران باسيليوس جرجس القس موسى راعي أبرشية الموصل للسريان الكاثوليك |
كلمة افتتاح كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش بعد اكمال ترميمها وتجديدها الجمعة 4/11/2005
إخوتي السادة الأساقفة الأجلاء أعزائي كهنة الأبرشية والأبرشيات الشقيقة والراهبات أيها الضيوف الأصدقاء الكرام يا أبناء وبنات قره قوش الأحباء سلام ومحبة وفرح ونشوة الحصّادين عندما يلتقطون الحزمة الأخيرة من الحقل ويرفعوا أياديهم متشابكة بباقات الختام والبركمال. في مثل هذا اليوم، قبل 57 سنة الا 3 ايام، كانت الطاهرة الكبرى الجديدة تعجّ عجّا أيضا كاليوم بالأطفال والصبايا والرجال وزغاريد النساء. وكانت بخديدا في عرس قلّ نظيره عاشته يومئذ كاعراس الملكوت.. طفل في العاشرة من عمره ضائع في صفوف زملائه الطلبة.. توزعوا على جانبي الطريق في مدخل القرية الجنوبي وهم يلوّحون بالأغصان والأيادي ويتمايلون مع حركة أياديهم. وفارس على صهوة جواده الأحمر ذي الحجل الفضي يجوب الشارع ويتبختر بعنفوان ذات اليمين وذات الشمال، محيّيا الحشود على صهيل أصيله.. والكل في حمى الأنتظار لموكب راعي الأبرشية، رجل الله المطران جرجس دلال آنذاك، والقاصد الرسولي ممثل قداسة البابا قادمين من دير مار بهنام مع رهط من مطارنة الأبرشيات الشقيقة، كاليوم تماما، للمشاركة في عرس تكريس أم الكنائس في بخديدا عروسة السريان، بعد 16 عاما من بدء البناء. ويتقدم الموكب على أنغام التراتيل السريانية تتناوبها أجواق الشمامسة، ثملين بخمرة الرب، حتى انحشروا في صحن الكنيسة الرحب. فتمتزج قالاتهم ومزاميرهم وصلصلة صنوجهم بزخات التصفيق وهدير الزغاريد. وحملة الشموع الصغار، بأرجلهم الحافية، ينتقلون مع موكب الآباء الوقورين من مذبح الى مذبح، ومن عمود الى عمود، ومن باب الى باب، يزيّحون ويباركون ويدهنون ويكرسون..وطفل العاشرة مبهوت خارج الزمن..وهو لا يدري أنه بعد 57 سنة سيعيش الزمن ذاته، وسيكون هو خادم العرس الجديد! وهكذا نحن اليوم .. بعد 17 شهرا من العمل الدؤوب تعود الطاهرة الكبرى لتفتح أبوابها وأحضانها من جديد للمؤمنين.. عروسة بأبهى حللها، جذلى بأحبابها.. بل أمّا تجدد شبابها، تستقبل بنيها وبناتها وقد حنّت إليهم باشتياق وحنان. سنة ونصف السنة من العمل الحثيث تحت الأرض أولا.. في أعماق الأسس لتقويتها، وسند الأعمدة الهابطة، وإيقاف التكسّرات الظاهرة في الأقواس وأركان السقوف، للحفاظ على هذا الصرح الأيماني، ببعده العمراني والتراثي وبما يحمله من رموز تاريخ قره قوش الروحي. هذا كان همّنا الأساس منذ الأيام الأولى لخدمتنا الأسقفية. وهو الذي حرّكنا لما بدأنا مشروع ترميم كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش. فدعونا المهندسين لدراسة المشروع من كل جوانبه ولرسم الخرائط وبرمجة مراحل الترميم، في الداخل أولا، ثم الأروقة الخارجية الساندة. وقدّر المهندسون تكاليف العمل سنة 2001 بتسعين ألف دولار أميركي (حوالي 170.000.000 دينار). وفي غضون 2002 مددنا يدنا الى عدد من: الهيئات الكنسية ومجالس الأساقفة في الخارج. فجمعنا مبلغ 78.163 دولار من مؤسسة "الكنيسة في عوز" الألمانية، و"التضامن مع الشرق" البلجيكية، ورئاسة أسقفية ميونيخ الألمانية، وأبرشية استوكهولم الكاثوليكية السويدية، و"مبرة الشرق" الفرنسية، وكنيوا الأميركية، وأبرشية كولونيا الألمانية، ومجمع الكنائس الشرقية في روما، ومجلس أساقفة ايطاليا. ثم أضيف إلى هذا المبلغ سنة 2003 عشرون ألف دولار من محسنين قره قوشيين من أميركا. ولما بدأ العمل في أيار 2004 كانت الحصيلة 98.163 دولار. وكانت الأسعار قد ارتفعت. فاتكلنا على الله وعلى العذراء أمنا شفيعة الكنيسة وباشرنا المشروع واضعين أمام أعيننا الترميمات الكبرى الأساسية في الداخل من معالجة الهبوط وسند الأسس ومعالجة الأرضيات والقنوات وتقويم الأقواس والأعمدة. وأضيف إلى المبلغ السابق أثناء العمل 85.760.000 دينارا من صندوق الكنيسة ذاتها وتبرعات أبناء قره قوش هنا في بخديدا ذاتها. وقبلنا أن نطوي حلمنا في معالجة الأروقة الخارجية والفناءات للكلف الباهظة التي هي خارج إمكانياتنا. حتى جاء العون من العناية الربانية على يد المحسن الكبير الأستاذ رابي سركيس اغاجان بتخصيصات سخية تقيسها سعة كرم صاحبها وحسب، وقد بلغت حتى الآن 684.790.000 مما أطلق العمل في تجديد بلاط الكنيسة الداخلي من الكرانيت وتغليف الجدران الداخلية بالمرمر الأبيض ومعالجة الأسقف والشبابيك والأبواب وإضافة السكرستيات في جناحي الهيكل من الخارج، كما كان في التصميم الأساسي للكنيسة، مما أتاح لنا فضائين جديدين لأجواق الشمامسة والمرتلين. وأنجزنا العمل في ألروقة الخارجية انشائيا وهندسيا وفنيا. وبني سياج جديد مع رصف الأفنية بالشتايكر واستحدثت بوابات واسعة جديدة. وعولجت الأسطحة وجلي البنيان كله من الخارج. كما شملت الأعمال ترميم وتجديد قاعة القوناغ القديم. وفي الحوش الداخلي لا زال العمل جاريا في ترميمات كانت ضرورية في كنيسة الطاهرة القديمة لتعود الى صورتها التراثية القديمة بهمة مهندس حاذق، وقد نقلت اليها رفات عشرة من كهنتنا الأفاضل من مدفن الفناء الخارجي. والعمل جار أيضا في بناء قاعة جديدة أوسع للجمعية الخيرية، وفي تحديث مغارة لورد في الفناء الداخلي. كلمات الشكر التي نصوغها بعمق واعتزاز عاجزة أن تعبّر عن كل ما يودّ القلب أن يقوله للمحسنين وفي مقدمتهم للأستاذ رابي سركيس الذي يغمرنا بأفضاله، جزاه الله خيرا وبركة وصحة ليكمل مشاريعه الكبرى هذه. هذه التي نحتفل بها اليوم وتلك الأخرى التي تزهو بها كل كنائس بخديدا بعرفان جميل .. وكل ما يقوم به في المناطق المسيحية الأخرى. فباسمي شخصيا واسم الأبرشية كلها بكهنتها ومؤمنيها نعبر له عن امتناننا العميق ونستمطر عليه بركات الرب ونعمه. كما نشكر كل المحسنين الذين ساندونا في هذا المشروع الكبير، أصحاب السيادة الأساقفة والهيئات الكنسية في أوربا وأميركا،والمؤمنين المتبرعين من داخل العراق وخارجه.جزاهم الله جميعا خيرا وبركة. ولا بدّ لي في هذه المناسبة أن أوجه شكري وثنائي لكل من عملوا واشتغلوا لإنجاز هذا المشروع وجعل هذا اليوم ممكنا: مهندسين، وعمال ومراقبين، من صغار وكبار، ومجهزين وجنود مجهولين كثيرين، اذا لم تنقش أسماؤهم على حجر هذه الكنيسة، فهي مكتوبة في قلوبنا وفي سجلاتنا. وفي مقدمة هؤلاء دعوني أذكر همة الأب لويس قصاب الذي تابع بقلبه وعينه وذراعه وسهره العمل منذ المعول الأول وحتى النهاية. ترافقه متابعتنا الشخصية ومتابعة اخوته كهنة البلدة. وباذنكم أذكر أيضا متابعة اللجنة المشرفة وحرصها وكفاءتها ونزولها الى ميدان العمل دوما. شكرنا اليهم والى مهندسي الكهرباء ومنفذيه، والى مهندسي الصوت، والى النحاتين والفنانين والرسامين.. شكرنا إلى كل من وضع كفه بكفنا ويده بيدنا وكلمته مع كلمتنا وصلاته مع صلاتنا، لا في إنجاز هذا الصرح ذاته وحسب، بل في كل المشاريع الجارية اليوم في قره قوش-بخديدا. أمدّهم الله جميعا ببركاته ثلاثين وستين ومئة وأختم موجها الشكر إليكم اخوتي السادة المطارنة، السيد المحافظ وأركان المحافظة ومسؤولي القضاء، الكهنة والراهبات والضيوف الكرام من رسميين وأصدقاء وأحزاب ومن شعب بخديدا المباركة والموصل والبلدات الشقيقة المجاورة لحضوركم ومشاركتكم إيانا فرح هذا اليوم السعيد. وتكون كلمتي الأخيرة شكرا خاصا للشمامسة وأجواق التراتيل واللجان التي أعدت هذا الأحتفال وفريق التمثيل الذي سيقدم لنا مشاهد من تاريخ الخلاص . حفظ الله قره قوش – بخديدا منارة للسلام والأمان والخير. ولتبق قريرة العين في حمى أمنا العذراء مريم شفيعتها الكبرى، من على اسمها تقوم هذه الكنيسة. وأنتم يا أبناء بخديدا وبناتها ضموا أياديكم الى بعضها باقة واحدة متحابّة متراصة للبنيان والمحبة حول كنيستكم وبلدتكم وتحت خيمة العراق الواحد، خيمتنا وبيتنا ووطننا وأرض أجدادنا. وشكرا المطران باسيليوس جرجس القس موسى رئيس اساقفة الموصل وتوالعها للسريان الكاثوليك
|