مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
يرسم لنا احتفال الشعانين ملامحَ ملك عاد إلى مدينته ظافرا . لكن مهرجان الشعانين هذا يختلف عن الاستقبالات التي تجري للملوك . فالمسيح يدخل اورشليم وسط هتافات الصغار والبسطاء راكبا جحشا. إنه يرفض أن يدخل على طريقة الملوك والغزاة، لأن مملكته ليست من هذا العالم. ولأن مجيئه هو للخدمة والبذل حتى الدم . لهذا فدخول المسيح له وجه جديد، هو وجه ملك جاء ليعطي الحياة والفرح عن طريق الألم والموت حبا . " وليس من حب أعظم من أن يعطي الانسان حياته من أجل أحبائه " . هذا ما فهمه بسطاء الشعب وصغاره، فانسجموا مع هذا الملك وعبّروا له عن فرحهم بهتافات أوشعنا. بينما أثار هذا الاحتفال لدى الفريسيين حقدا. لأنهم لم ينتظروا مسيحا وديعا متواضعا رغم كل النبؤات التي سبقت فتكلمت عنه بوضوح . لقد كانت أفكارهم جامدة حول مسيح يحررهم سياسيا فيحطم رؤوس الأعداء ويعيد أمجاد الهيكل. هؤلاء لم يكونوا بحاجة إلى معلم يقودهم إلى الله ويموت من أجلهم، فهم كانوا يحسبون أنفسهم كاملين . لذا رفضوا مسيحا يأتيهم متواضعا وديعا مستعدا للموت
يسوع لم يأت ليروي الظمأ الدموي، ولا جاء لينتقم لأحد من عدو. يسوع جاء ليحرر النفوس والقلوب من الشر والحقد والكراهية . ويبني ملكوت فرح وسلام يعيش فيه الناس اخوة. من أية جماعة نحن؟ لنفحص ضميرنا. هل نحن من جماعة الصغار والبسطاء أم من جماعة الفريسيين. نحن المعمذين باسم المسيح لا نستطيع أن نكون إلا من جماعة أولئك البسطاء والصغار المتشوقين إلى مسيح يأتي ليزرع الفرح والحب في قلوب جميع البشر. فلننضم اخوتي إلى موكب يسوع، ولنبق معه في اسبوع آلامه الوشيك. لأننا إن أردنا أن نفوز بالسلام والفرح فلا بد من أن نجتاز جُمَع الآلام العديدة التي يضعها المسيح في طريقنا الذي هو في نفس الوقت طريق القيامة ودرب السماء . فمن لم يفهم يسوع بوجهه المتألم فهو لم يفهم بعد شيئا من دينه ولا عرف سعادة الجهاد الروحي. ليس قيامة في المسيحية دون الموت. وليس سعادة دون تعب وكفاح . فكل مرة جاهد الانسان وتحمل اعباء مسؤولية الحياة ومتاعبها حبا بالمسيح وبالاخوة ، حقق مناخا صالحا لملكوت المسيح الآتي في قلبه وضميره. المسيح يأتي إلى كل نفس تتقبل صليبه كإلى بيته الخاص أو إلى مدينته منتصرا. في مثل هذه النفوس يملك يسوع فيفيض فيها وحولها الفرح والسلام والسعادة . ألا أوشعنا ليسوع ابن داود . ليعش يسوع ملكا في قلوبنا . آمين
|