مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد   الأحد الثالث بعد القيامة   مرقس 2: 13-22     

  

دأب الكتبة والفريسيون، يدفعهم الحسد وسوء النية، على طرح أسئلتهم الملتوية، ليوقعوا بيسوع ويعرقلوا رسالته ويوقفوا انفتاحه على الانسان واستمراره في اعطاء الصيغة الجديدة للمفهوم الديني الصحيح الذي هو محبة ورحمة وغفران. هؤلاء كانوا يريدون أن يحصروا رسالة يسوع وتعاليمه ضمن أطر تقاليدهم . فيحولوا عمله لمصالحم الشخصية ، فلا يعود منهاجه صفعة بوجه ريائهم وتوبيخا لسلوكهم وممارساتهم . هم لم يوافقهم أن يتكلم يسوع أو أن يأكل مع العشارين والخطأة أو أن يعاشر الفقراء والبسطاء ويرفع من شأنهم . كما اعتبروا خروجا عن القوانين عدم التزامه بالأصوام والفرائض التي كانوا هم يسنونها متى شاءوا ويمارسونها كما يشاؤون . ليظهروا للناس أنهم صائمون.

كان من الطبيعي والحالة هذه أن يحدث صدام بين مفهومهم للدين ومفهوم يسوع . ففيما هم يسخّرون الشريعة لمآربهم ويُخضعون الناس لقوانين ثقيلة لم يأمر بها الله . ويكتفون هم من الدين بالسطحيات .  ينادي هو بملكوت روحي يعيش فيه الناس اخوة متساوين متحررين من الداخل من كل ما هو شر وخبث وكذب وسوء نية . متجاوبين مع منهاجهه واخلاقيته وروح إنجيله الطاهر . 

لا أحد مثل يسوع احترم الشريعة وخضع لأوامرها . بل هو جاء ليكمل ما كان ناقصا في الشريعة . ويتمم ما ورد في نبوات العهد القديم . أن ما رفضه يسوع  ويرفضه  هو تلك الممارسات والفرائض الخارجة عن روح الدين . تلك الفرائض التي كان الفريسيون يستنبطونها أو يشرحونها كما طاب لهم، حتى أنهم أثقلوا بها كواهل الناس . مثل الرتب والغسول والنذور وسائر الممارسات ذات اللون الريائي التي تضر بجوهر الدين.  وتخالف روحانية العهد الجديد، الذي هو عهد الرحمة والمحبة والغفران.

فكما أن أهل العرس لا يمكنهم أن ينوحوا أثناء حفلات العرس . وكما أن الخمر الجديد لا يوضع في زقاق عتيقة، لأن قوة الجديد تمزق العتيق البالي. هكذا لا يمكن أن تتوافق تقاليد الفريسيين وقوانينهم البالية مع تعاليم يسوع الجديدة.  نحن تلاميذ يسوع . وإذا كان لنا مثال في الحياة فلا يصلح لنا مثال غير يسوع وإنجيله . لنضع هذا المثال نصب أعيننا ولا ننظر إلى غيره . ألسنا نحن أيضا مجربين ونكتفي أحيانا من الدين بقشور . فنعيش على هوانا ونسخر تعليم المسيح لمآربنا الشخصية فنشوه الدين . إننا نكتفي أحيانا كثيرة بالممارسات السطحية ونجاري الفريسيين بتمسكنا ببعض المعتقدات وأحيانا حتى الخرافات. موهمين أنفسنا بأننا نسير حسب مطاليب الإنجيل ونحن عن روح الإنجيل بعيدون... لا اخوتي . إن الله يريد منا سلامة القلب وحسن النية وطهارة السلوك والاخلاص بالواجب والأمانة في كل شيء . إنه يريد العدالة في تصرفنا والرحمة في تعاملنا أكثر من الذبيحة والتقادم. أريد رحمة لا ذبيحة يقول الرب. فلنشهد إذن لملكوت يسوع ولنكرز بانجيل المحبة والرحمة لنكون حقا تلاميذه . آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي