مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
أقبل اليهود يوما إلى يسوع بقلق وحيرة يسألونه: " حتى متى تعذب نفوسنا ? إن كنت أنت المسيح فقل لنا علانية ". إن مجيئ يسوع إلى العالم لم يدع أحدا على الحياد . فأعماله وتصريحاته وتعاليمه وشخصيته دفعت كل واحد إلى اتخاذ موقف منه. وقد قال هو نفسه : " من لم يكن معي فهو عليّ " . فالبعض قَبِله بفرح وحماس، وآخرون رفضوه . ولكن حتى أولئك الذين رفضوه لم يفلتوا من القلق الذي يساور كل انسان يهرب من الحقيقة . وحتى عندما وُضِع يسوع في القبر كان القلق ينهش في نفوس الكتبة والفريسيين لخوفهم مما يمكن أن ينتج عما فعلوه بيسوع. وما أغلق قلوبَ الفريسيين الرافضين لكلمة الحق، هو تمسكهم بالتقاليد والامتيازات التي كانت تخدم مصالحهم . ففضلوا التمتع بها على قبول الحقيقة ، لأن دخول الحق والمحبة في الحياة يتطلب تغييرا وتجردا وتضحية. أما البسطاء والفقراء الذين ليس لهم ما يخافون عليه . أولئك الذين علمتهم حالتهم الفقيرة بأن الغنى الحقيقي هو شهامة النفس ، وبساطتها وتجردها عن المادة . فهؤلاء قبلوا يسوع وآمنوا به لأنهم رأوا فيه القيمة الوحيدة التي تشبع نفوسهم العطشى إلى الحقيقة والعدل والمحبة. يسوع الآتي من الآب ليعطي الحياة الأبدية هو باق معنا ، وهو ينتظر منا موقفا صالحا وانفتاحا لكي يأتي ويدخل نفوسنا ويشبعها من غناه، بعد أن يكون قد غسل عنها كل تعلق مادي وكل أنانية . وبعد أن يكون قد قضى على كل مصلحة تبعدنا عن الحق وتخنق فينا كلمة الحياة. علينا نحن أن نهيئ مجيئة فينا بالصلاة. وبالبحث عن الطريق الصالح والسعي في إثر الحقيقة . علينا أن نجعل من الحقيقة الميزان لجميع تصرفاتنا وتعاملنا مع الآخرين. لاسيما أولئك الذين وضعهم الرب على طريقنا بحكم المسؤولية أو العمل أو المهنة . فنبرهن على أننا أبناء لأبينا السماوي الذي يحب أن يخلص جميع الناس . هكذا تصبح نفوسنا تربة صالحة لعمل الروح القدس . فيقدسنا ويقدس كل مَن حولنا . وبذلك نكون نهيئ للرب فينا مسكنا لائقا . فنصبح بحق بيته وكنيسته وهيكله حيث يستطيع أن يقول : " إن نعيمي هو بين بني البشر". هكذا يتجدد فينا بناء الله الروحي الذي هو كنيسته وشعبه وغنم رعيته. آمين
|