مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
حادثة شفاء الأبرص هذه، فريدة من نوعها. فمنذ أيام أليشاع النبي لم يُسمع أن أبرص قد طهر من برصه . علما بأن الاقليم حيث علّم يسوع كان فيه بُرص كثيرون. هؤلاء لم يجرأوا على التقرب من يسوع . فالبرص كانوا معزولين شرعا وقانونا عن المجتمع . يعيشون في بؤسهم بعيدين عن الناس . وعند تنقلهم من محل إلى آخر كان عليهم أن يعطوا إشارة تُسمع من بعيد ليتحاشى الناس طريقهم. ومع ذلك فايمان أبرص إنجيل اليوم بقدرة يسوع على شفاء هذا الداء الفتاك والمعيب، جعله يتعدى كل خوف ويتجاوز التقاليد والأعراف. لأنه شعر بأن يسوع أعظم من موسى ومن الشريعة . وأنه جاء ليخلص ما كان هالكا. ألم يقل يسوع للذين أرسلهم يوحنا المعمدان : " اذهبوا وأخبروا يوحنا بما تسمعون وترون: ان العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والفقراء يبشرون وطوبى لمن لا يشك فيّ"؟ هذه الأقوال أيقضت الرجاء والإيمان في نفس هذا الأبرص. فتحدى المجتمع وتقاليده الجائرة . ولم يعد يرى سوى يسوع سيد الحياة : " يا سيد إن شئت فأنت قادر أن تطهرني " ويجيب يسوع إلى إيمانه ويقول : " قد شئت فاطهر ". إن يسوع الذي كان يلبي حاجات الآتين إليه بإيمان، كان يتوق ايضا إلى أن يبارك ويشفي الذين لم يأتوا إليه. ويُفهم الذين لا يريدون أن يفهموا. وفي الوقت الذي كان يحاول جذب العشارين والسامريين والوثنيين، كان يتوق إلى الوصول إلى قلوب الكهنة والمعلمين الذين كبلتهم التقاليد وأقعدهم التعصب. فارسل إليهم الأبرص الذي شفاه ليفهمهم بأنه ما جاء لينقض الشريعة بل ليكمل. وكانت الشريعة تفرض على كل أبرص يتطهر أن يُريَ نفسه للكاهن ويقدم ذبيحة شهادة على شفائه. يسوع إذن قادر أن يطهر فينا كل برص ويصفي فينا النيات ويحررنا من عبودية التقاليد البالية ومن التعصب الأعمى والانكماش على الذات. شرط أن يكون لنا من الشجاعة والإيمان ما يجعلنا نتقدم إليه غير آبهين بشيئ سواه . كل ما يبعدنا عن يسوع هو مرض فتاك. وكل مرة نخجل من ممارسة واجباتنا الدينية أو نمتنع، بدافع الحياء البشري، عن أخذ الأسرار المقدسة أو نتمسك ببعض الاعتقادات أو الخرافات الشعبية على حساب الإيمان، نكون نهيئ فينا حقلا خصبا لبرص الخطيئة وداء العمى الروحي الفتاك . الا فلننهض بشجاعة وإيمان. ولنطرح عنا كل خوف من تأويلات الناس متحررين من كل ما يشوه صورتنا الحقيقية . ولنذهب إلى يسوع ففيه وحده الحياة. وكل ما سواه سحابة صيف خادعة. آمين.
|