مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
كان اليهود يعرفون قصة الخبز الذي نزل على آبائهم في الصحراء فاقتاتوا منه زمانا. لم يستطع ذاك الخبز أن يعطيهم أكثر من سد الرمق . علما أن ذاك الخبز كان لفترة قصيرة ، كما أنه لم يكن حفظه ممكنا أكثر من يوم واحد دون أن يفسد فيرمى. لم يكن اليهود يعرفون بعدُ أن ذاك الخبز كان رمزا لخبز آخر هو الخبز الدائم الذي لا يموت آكلوه. الخبز النازل من السماء الذي يعطي الحياة الأبدية لآكليه. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا ... هذا هو الخبز الذي نزل من السماء ليأكل الانسان منه فلا يموت ... والخبز الذي أنا أعطيه هو جسدي الذي أعطيه لأجل حياة العالم ". لقد اختار يسوع طريقة الخبز حتى يتحد بنا ويتحدنا به. أراد أن نحبه حتى الأكل. ألسنا نقول لأولادنا من كثرة الحب : " أنا راح آكلك ". هذه عبارة تدل بشكل رائع على قوة الحب . وبما أن الخبز هو شيء يؤكل أراد يسوع أن يتخذه طريقة مطابقة لوحدة حياة بينه وبين آكليه. والكل يعلم أنه ليس أكثر من الخبز في الحياة قوت أساسي. وليس أكثر من الخبز التصاقا بحياتنا اليومية . وليس أكثر من الخبز اندماجا وتحولا إلى ذواتنا . منه دمنا وعروقنا وعظامنا ومنه قدرتنا على التفكير والعمل. ولكي يبين يسوع مدى حبه لنا واتحاده بنا، لم يرى أكثر من الخبز رمزا وحقيقة لاتحاده بنا. هكذا جعله حبه أكلا ليتحول إلينا بأكلنا إياه ويحولنا إليه بإيماننا به. إنها المعجزة الكبرى . انتهت أيام إيليا النبي الذي كان يأتيه الغراب كل يوم برغيف خبز ليعيش . وانتهت أيام موسى الذي كان ينتظر كل صباح المن النازل ليأكل منه بنو اسرائيل . الخبز الذي لنا الآن هو خبز أبدي في المكان والزمان . يرافقنا في جميع أطوار حياتنا ويصاحبنا أينما ذهبنا وحيثما أقمنا. بهذا الخبز صمدت المسيحية في العالم وصمدت المسيحية في الشرق رغم كل التحولات والتقلبات والاضطهادات . اقرأوا التاريخ فتجدوا أن كنيستنا السريانية وأخواتها الكنائس الشرقية الأخرى لا سيما الكلدانية والآشورية والمارونية والأرمنية أعطت شهداء بسخاء وبقيت أمينة لوعدها مع المسيح. أنتم أيها الأحباء أبناء أولئك الذين صنعوا حضارة المحبة والأخلاق والعلم في الشرق . أولئك الذين كانوا يقتاتون من خبز الحياة الذي أعطاهم كل هذه القوة ولقنهم كل هذه الأخلاق. فهو خبز يقدس كل خبز آخر وكل جهد آخر ويعطي قيمة ومعنى لحياة الانسان. فلا تتهاونوا في أن تقتاتوا من هذا الخبز فتجابهوا صعوبات هذه الحياة ، وتطوروا حضارة الغرب من حولكم ، تماما كما ينتظره منكم الرؤوساء الكنسيون في هذا البلد فيا رسل اليوم لهذا البلد ولجميع الناس، هلموا واقتاتوا من هذا الخبز فتعيشوا للأبد وتبنوا عائلتكم وتقدسوا مجتمعكم وتكونوا تلاميذ ذاك الذي هو الطريق والحق والحياة . آمين
|