مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
يحدث أن يتدخل الله في تاريخ الانسان أو في مجرى حياة شخص معين حتى قبل ولادته. ويوجهه بواسطة الروح القدس، حسبما يشاء، تتميما لإرادته المقدسة . هكذا كان مثلا مع ارميا النبي الذي " أفرزه الله وهو في بطن أمه" . كذلك الأمر بالنسبة إلى يوحنا المعمدان الذي اختاره الله، وهو في بطن أمه، ليؤدي رسالة معينة. ورسم له نمط حياة خاص واسما : يوحنا أي " الله تحنن ". عظمة يوحنا هي أن الرب وضعه على مفترق طرق، على الخط الفاصل بين عهدين: العهد القديم الذي بدأ ينتهي والعهد الجديد الذي بدأ يأتي . يوحنا إذن يحمل الماضي ويبشر بالمستقبل. إنه رسول العهدين يؤدي رسالته بتواضع وفقر ولكن بحماس وطهر . فهو سيعيش في البراري وينادي بالتوبة ويقوم بوجه الظلم والشر . هو يوبخ حتى هيرودس على سلوكه المشكك. ولكنه يعرف مع ذلك أن يتوارى متى حضر المسيح : " سيأتي بعدي من هو أقوى منى وأنا لا استحق أن أحل سيور حذائه". يوحنا هو وجه مشرق سيشهد له المسيح بأنه : " لم يقم في مواليد النساء أعظم من يوحنا". وقول المسيح : " غير أن الذي هو الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه" لا يعني تنقيصا من قيمة يوحنا، بل أراد المسيح بذلك أن يقارن العهدين القديم الذي ينتمي إليه يوحنا ، والجديد الذي ينتمي إليه كل مؤمن باسم المسيح. وبالمفاضلة يكون العهد القديم أقل كمالا من العهد الجديد. نحن أبناء العهد الجديد، عهد الملكوت والنعمة . فهل نعي هذا الامتياز الذي خصنا به الله ? إن كل واحد منا، مهما صغر شأنه وضعف حاله هو كبير في ملكوت الله. ذلك بأن عظمة الإنسان في ملكوت الله هي غنى قلبه وروحه وليس ماله أو جاهه . العظمة الحقيقية لا تكون إلا بالله ومع يسوع المسيح، تماما كما كان شأن مريم " صنع بي عظائم " وكما كان شأن يوحنا " لم يقم في مواليد النساء أعظم من يوحنا". وكما كان شأن الرسل والأبرار الصديقين الذين تفخر بهم الكنيسة وتقدس ذكراهم وتكرم ذخائرهم . على مثال يوحنا علينا نحن المعمدين باسم يسوع أن ننادي به ونكون جديرين بحمله فنهيء قلوب الناس ، بأعمالنا الصالحة وبخدماتنا ، لمجيئ يسوع . لأننا كلنا مرسلون أمام وجه المسيح على وجه هذه الأرض، مثلما كان يوحنا المعمدان . كلنا سعاة المسيح نهيئ له النفوس والقلوب. حتى إذا جاء وقرع تنفتح أمامه جميع القلوب . آمين
|