مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
تضاربت الآراء حول هوية المسيح، واختلف الناس عليه، والتبس الأمر حتى على التلاميذ أنفسهم. ولكي يرفع كل إشكال ويجلي كل غموض، لدى الناس حول هويته الحقيقية وشخصه الإلهي، يوجه يسوع سؤاله إلى تلاميذه : " من تقول الناس أنه هو ابن البشر ? " فتأتيه الأجوبة متشعبة، تنقل آراء الآخرين، وكلها غير شافية . ثم يردف يسوع فيسأل تلاميذه عن رأيهم الخاص فيه : " وأنتم مَن تقولون أني أنا ? " فيجيب بطرس : " أنت هو المسيح ابن الله الحي" . تلك كانت شهادة إيمان أرادها يسوع واضحة، صادرة عن القلب والعقل المستنيرَين بالروح القدس. لقد أجاب بطرس على سؤال المسيح باسم التلاميذ كلهم . ولم يكن يعلم أنه بهذا الجواب يبدأ مرحلة مسؤولية ستكون خطيرة بقدر ما هي مقدسة : إنها مسؤولية رئاسة الكنيسة التي سيؤسسها يسوع بآلامه وموته وقيامته . " طوبى لك يا شمعون بن يونا لأن اللحم والدم لم يعلنا لك، لكن أبي الذي في السماوات. وأنا أيضا اقول لك إنك أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي ". هذه الشهادة ألزمت بطرس، وجعلته يكرس حياته كلها لذاك الذي شهد له أنه المسيح ابن الله الحي. هذا الإيمان بأن المسيح هو ابن الله الحي، قد قبلناه نحن أيضا، منذ عمادنا، وقبلناه هبة مجانية كما كانت أنوار الروح القدس هبة مجانية لبطرس، يوم شهد للمسيح باسم التلاميذ . فالتزمنا نحن أيضا، كما التزم بطرس والتلاميذ، بإرادة يسوع في بناء الكنيسة وخدمتها. وفي العمل على نشر لواء المسيح في كل مكان بشجاعة الإيمان وصمود الرجاء وحرارة المحبة . دون الخجل أو التراخي أمام الاعتبارات الخاطئة والسبل الملتوية التي يعتمدها خدام الظلمة ليفسدوا الضمائر ، ويتعدوا على القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية والروحية . ويبعدوا الناس عن الحق والعدل والآداب العامة ، وصولا إلى أغراض مادية خسيسة . أو حبا بالبروز كأبطال اكتشفوا شيئا غريبا. ومن هذه الاختراعات ما يندى له الجبين ويستسمجه الذوق السليم. هؤلاء لا يبنون بل يهدمون . فالبناء الحقيقي يقوم على صخرة الإيمان. علينا أن نتعمق في تفهم هذه الهبة الإلهية العظيمة، هبة الإيمان . حتى نبني عليها سلوكنا الإنسانية وقيمنا المسيحية وجهادنا الروحي . ومنها ننطلق في جميع مجالات حياتنا ونشاطاتنا الدينية والزمنية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والسياسية . فنسهم هكذا في نشر مبادئ الكنيسة المقدسة وبناء مجتمع أفضل. محققين فينا إرادة يسوع في أن نكون ملحا للأرض نورا للعالم . آمين
|