مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد         الأحد الخامس من الصوم      لوقا 7 : 11- 18

كانت قرية نائين على مسافة عشرين ميلا من مدينة كفرناحوم. وكانت تطل على السهل الجميل الذي يدعى اليوم بـ " مرج ابن عامر " . إلى هذه القرية دخل يسوع يوما فالتقى بجنازة تخرج من باب القرية باتجاه المقبرة . كان منظر الأم الأرملة الباكية على وحيدها الشاب يوقظ العطف في كل نفس . وما أن أبصر يسوع هذا المشهد حتى تحرك في نفسه وتقدم فأوقف النعش. فوقف الموكب وخيّم على الجميع صمت رهيب، منتطرين ما عساه أن يحصل.

أجل لقد كان حاضرا هناك ذاك الذي انتهر المرض وقهر الشياطين. فهل للموت أن يعصى أوامره ؟ وما أن نطق يسوع : " أيها الشاب لك أقول قم " حتى فتح الشاب عينيه وتحرك . فأمسك يسوع بيده وأقامه وأعطاه لأمه . وعاد موكب الجنازة إلى المدينة وقد انقلب فيه البكاء والنحيب إلى أهازيج عرس عظيم .

يسوع الذي وقف إلى جوار تلك الأم الناحبة الحزينة، عند أبواب نائين، هو هو نفسه الذي ما يزال يقف إلى جوار كل إنسان عضه الدهر بناب .  فإن جار علينا الزمان وأحاطت بنا المحن، فإن يسوع يبقى أمينا معنا. إنه يشاركنا أحزاننا وآلامنا ومصائبنا. وقلبه الذي أحب الناس وعطف عليهم هو نفسه القلب العطوف الرقيق الذي يحنو علينا كل يوم. وكلمته التي أعادت الحياة إلى الموتى ليست أقل قوة الآن مما كانت عليه حين سمعها الشاب الميت فقام.

سلطان يسوع على كل ما في السماء وعلى الأرض لن ينقص ، بمرور الزمن، لكثرة ما يعطي من نعم ويفيض من العطايا كل يوم وفي كل أنحاء الكون . " فعند يسوع كلام الحياة الأبدية " . وكما أن كلمته أعطت الحياة للإنسان الأول ، ولا تزال تمنح الحياة لكل انسان على وجه الأرض، دون أن تنقص، هكذا تحيي كلمته كل نفس تقبله وتؤمن به . لأن الإيمان يغلب الموت : " من آمن بي وإن مات فإنه سيحيا، وكل من كان حيا وآمن بي فلا يموت إلى الأبد ".

فإذا كان لنا ، أيها الإخوة، مثل هذا يسوع الحي، فلنذهب إليه واثقين مستودعين همومنا وحياتنا ونفوسنا ونفوس موتانا بين يديه الحنونين . فكما عطف على الأبرص وعلى المخلع وعلى ابن أرملة نائين وغيرهم يعطف اليوم علينا لأنه  معنا . "ها أنا معكم طول الأيام حتى انقضاء الدهر" .

هو الذي سخا حتى بحياته من أجل انقاذنا . هو  معنا وبيننا بواسطة الكنيسة والأسرار المقدسة. هو يعطينا الحياة ومع الحياة يمنحنا السعادة ويزودنا بالقوة والنعمة لنبقى هادئين وسط اضطرابات هذه الحياة وتجاربها . فيلهمنا يسوع الصبر في الشدائد والقوة وسط الصعاب، محولا دموعنا إلى ابتسامة وآلامنا إلى فرح وأتعابنا إلى راحة وضعفنا إلى قوة وموتنا إلى قيامة . آمين .            

  

م. ج.

زائر رسولي