مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد    الأحـد الجديـد     يوحنا 20: 26-31

  

نعرف عن توما من الإنجيل أنه ذو طبع صعب لا يقتنع بشهادة الآخرين، وإن صدقوا. وهو لا يؤمن ما لم يرَى بعينيه ويلمس بيديه . ولكن توما كان صادقا سليمَ النية . فما أن دعاه يسوع إلى لمس يديه وجنبه حتى هتف : " ربي وإلهي" . أي إنك حقا معلمي وسيدي الذي عرفتُه قبل الموت ورأيته يموت وقد قمتَ الآن حقا . ويذهب توما إلى أبعد فيعترف للمسيح بأنه ربه وإلهه أيضا.

الإيمان بيسوع يفترض تجاوز براهيننا العقلية واثباتاتنا البشرية والقبول بما لا يستطيع العقل ادراكه. لأن الإيمان يتخطى الأمور الطبيعية المحسوسة إلى عالم الأسرار والحقائق الإلهية التي لا يمكن للحواس أن تحصرها ولا للعقل أن يفهمها. تماما كما حصل الأمر مع توما. وفي حال لم يظهر المسيح لتوما، ماذا كان سيصنع هذا التلميذ ؟ ربما كان يصاب بالفشل الذريع ويذهب في سبيله . لكن يسوع تدارك الأمر وظهر للتلاميذ مرة أخرى بحضور توما. ليس ليقنع توما فقط بل لتحويل شكوك توما ثم إيمانه درسا للعالم أجمع.

هنا يجب أن نفهم كيف علينا أن نعيش نحن إيماننا بيسوع، وكيف عاشته وتعيشه الكنيسة والمسيحية في ما بعد صعود يسوع واختفائه عنا بالجسد . حالتنا في الإيمان شبيهة بحالة توما، قبل أن يرى يسوع ويلمسه . مع هذا الاختلاف وهو أن توما آمن بعد أن رأى . أما نحن فنؤمن دون أن نرى . فايماننا له استحقاق أوفر . لذا قال يسوع لتوما : " الآن لأنك رأيتني آمنت . طوبى للذين لم يروني وآمنوا ". فنحن لنا الطوبى من يسوع لأننا آمنا به دون أن نراه . ويسوع يعطينا هذا الطوبى لأنه يعلم ما في الإيمان من صعوبة . لاسيما عند الشدة والامتحان . ويوحنا في إنجيل اليوم يساعدنا على هذا الإيمان بسرده حادثة توما والتنويه بعجائب عديدة صنعها يسوع . والقليل الذي يذكره هو لتؤمنوا أن يسوع هو ابن الله فتكون لكم باسمه الحياة الأبدية.

فاذا ما خامرتنا الشكوك أحيانا . أو هاجت علينا امواج التجربة في بحر هذا العالم، فلنثق بأن الذي ردع الزوبعة هو معنا في السفينة . يرى حالتنا وينتظر منا موقفا إيمانيا لينهض ويأخذ بيدنا.

هذا الايمان هو لنا دوما نورا في ظلمات هذه الحياة وقوة لنا في الجهاد وسندا في الضعف. وبما أن الايمان هو موهبة يمنحها الله للقلوب والنفوس السليمة ، فلنطلب منه تعالى أن يمنحنا هذا الايمان ويقويه فينا لنواصل مسيرتنا معه، في بحر هذا العالم، دون الخوف من أمواجه اللاطمة . يسوع هو معنا . وإذا هو أغفل عنا أحيانا فلكي يجرب إيماننا . كما فعل مع تلاميذه من قبل . نعم ربي وإلهي أنت هو يسوع القائم من القبر . أنت هو القادر على كل شيء . معك لا أخاف شيئا . يا رب الحياة والموت أنت هو سيد الكل وقيامة  الكل وسعادتهم . آمين

 

 

م. ج.

زائر رسولي

 

يوحنا 20: 26-31