مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

   إنجيل الأحد   الأحد الخامس بعد القيامة   لوقا 9 : 51-62   

  

إن اتّباع المسيح والانضمام إلى ملكوته يفرض علينا الالتزام بأمور كثيرة. والانصياع التام لإرادة الرب دون تردد . " ما من أحد يضع يده على المحراث وينظر وراءه يكون صالحا لملكوت الله " .

ففي الدعوات الثلاث التي يوجهها يسوع إلى ثلاثة أشخاص أرادوا أن يتبعوه يعطي الأولوية لملكوت الله . هؤلاء الثلاثة كانوا عازمين على اتباع يسوع ، ولكنهم استمهلوه بعضَ الوقت للانتهاء من فروض اجتماعية أو عائلية . أما هو فطالبهم بتركها لغيرهم  وينصرفوا هم إلى خدمة الملكوت.

وكعادته يقدم يسوع ذاته مثالا : فهو قد " ثبّت وجهه لينطلق إلى أورشليم" . ولا شيء يثنيه عن عزمه على السير في إتمام مخططه الخلاصي، حيث تنتظره الآلام والعذابات والموت. ملكوت الله لا يُدخَل إليه بشروط . ملكوت الله هبة منه تعالى وكنز ثمين تصغر بوجهه كل مقتنيات العالم . ومع ذلك فهو عطية مجانية وعلى من أراد اقتناءه عليه أن يبيع كل شيء ويتخلى عن كل شرط . لئلا يسبقه إليه غيره. " ملكوت الله يُغصب والغاصبون يختطفونه" أولئك الذين يعرفون أن يقهروا ذواتهم ويضحوا بكل شيء ويبيعوا كل شيء ليقتنوه. هكذا كل من أراد أن يتتلمذ للمسيح . لأن رسالة الخلاص لا تتم إلا بالتجرد والتضحية والجهاد المستمر . فتلميذ المسيح هو صورة لمعلمه وشريك له في الفداء . ألم يقل مار بولس " إني اكمل في جسدي ما نقص من آلام المسيح" ؟ (غلاطية 6: 17) .

دعوتنا المسيحية إذن تفرض التخلي عن كل ما يعيق طريق الملكوت . حتى لو كان هذا العائق أهل بيتنا. من هنا واجب الكفاح اليومي والتغلب المطرد على ذواتنا وعلى كل ارتباط يشكل حائلا دون أداء رسالتنا.

فكوننا مسيحيين لا يعني الاستكانة في حياة روحية خاملة . فالحياة الروحية الحقيقية هي عمل وحركة وجهاد  من أجل المسيح، الذي يجب أن نراه في كل شيء وفي كل انسان. ونتعامل مع كل شيء ومع كل انسان بوحي من مطالب الإنجيل لنستطيع إعطاء يسوع للعالم . " من أهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يجدها "  و  " ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو أهلكها" ؟ .

فيا اخوتي الأحباء ، أنتم الذين وضعتم يدكم على المحراث من أجل توطيد ملكوت الله في قلوبكم ونفوسكم وفي المجتمع من حواليكم ، سيروا قدما . لا تنظروا إلى الوراء . بل تشجعوا فالمسيح ينتظركم في آخر الطريق ليكافأكم نعمة وسعادة في هذا العالم وفي الآتي .  فليعضدنا الرب في مساعينا ويؤهلنا لملكوته . آمين .                                           

م. ج.

زائر رسولي