مواعظ على مدار السنة الطقسية   2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

 إنجيل الأحد    أحد بشارة العذراء   لوقا 1 :26-38   

       اعتاد عالم اليوم على الأخبار الكبرى تنقل إليه بسرعة عن طريق الإعلام الحديث، أكان بواسطة الصحف أم التلفزيون أم الأقمار الصناعية أم البريد الالكتروني وغيرها .

       أما دخول ابن الله عالمنا، فلم يحدث بهذا الشكل . مع أنه الحدث الأكبر الذي انتظره العالم مدة أجيال وأجيال، وأعلن عنه الأنبياء في عهود سابقة . هذا الحدث الأكبر تلقته العذراء مريم في أعماق نفسها. فكانت هي الشاهدة الأولى للحدث العظيم ، الذي بقي مخفيا حتى بعد الميلاد، وطوال سنوات طفولة يسوع، إلى يوم ظهوره على نهر الأردن شابا يافعا .

هكذا ظلت بشرى الخلاص خفية كبذرة في الأرض تنتظر نموها البطئ لتأتي بثمرها في أوانه.

       أما مريم فهي كالأرض الخصبة المتأهبة والمستعدة ، بالتأمل والصلاة ، لقراءة إرادة الرب في كل ما من حولها  " ها أنا أمة الرب فليكن لي حسب قولك".  مريم  كانت متعمقة في كل ما جاء في الكتب المقدسة عن المسيح المنتظر. كآية أشعيا : " هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى اسمه عمانوئيل". فهذه الفتاة العذراء هي مريم خطيبة يوسف . كانت بتولا و مكثت بتولا لكون ابنها هو ابن العلي الذي جاء بفعل الروح القدس . مع أنه أيضا ابن البشر لأنه مولود من إمرأة . وقد أعطي اسما : يسوع، لأنه يخلص شعبه ويجلس على عرش داود . ليس عن طريق القهر والطغيان ، بل عن استحقاق وعن طريق التضحية والبذل والعطاء والحب حتى الموت.

هذا ما فهمته مريم من الملاك. وهو ما يطابق أيضا مفهومها عن المسيح الآتي . كما كانت تقرأ عنه في الكتب والأنبياء . من هنا نفهم بأن مريم ، في ساعة بشارتها ، شعرت بأنها هي الفتاة العذراء المذكورة في نبوة أشعيا : " هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا... ويكون عظيما لأنه يخلص شعبه " . لذا لم ترَ بُدّا من إطاعة إرادة الله والانخراط في مخطط الخلاص معلنة قبولها : " ها أنا أمة الرب".

أعطت مريم الجواب للملاك وبدأت بالإيمان أمومتها، حتى ولدت ابنها يسوع واهتمت به وقدمته للعالم طفلا، فصبيا، فشابا مليئا بالحيوية ، فرسولا يعلم ويرشد ، فذبيحة على الصليب.

 لقد حان الآوان، ونحن نقترب من عيد الميلاد. أن نستقبل ضيفنا الإلهي يسوع المسيح فاتحين له أعماق قلوبنا وأغوار نفوسنا، لنجعل ميلاده مثمرا ومقدسا وفاديا لنا وللعالم أجمع. آمين.

م. ج.

زائر رسولي