مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد         الأحد الرابع من الصوم      لوقا 7 : 1- 10

حادثة شفاء عبد قائد المئة هذه تأتي بعد أن ترك يسوع مدينة الناصرة، حيث كان قد تربى. لأنهم لم يقبلوا تعاليمه  " ليس نبي مقبول في وطنه".  أما كفرناحوم حيث جرت هذه الأعجوبة ، فكانت مدينة تجمع بين قوميات وأديان ولغات مختلفة، وكان التعصب فيها قليلا. في هذه المدينة كان قائد مئة روماني وثني . وكان هذا القائد قد بدأ يؤمن بالله وينفتح لشريعته ووصاياه. و لا بد أنه كان ينتظر أيضا مجيئ المسيح المخلص، شأنه شأن جميع الأتقياء . فما أن عرف بيسوع وما له من قوة وسلطان في القول والعمل، حتى آمن به وبقدرته على شفاء الأمراض. فحمله إيمانه هذا إلى أن يطلب من يسوع أن يأتي ويشفي عبدا له مشرفا على الموت. بل وقد بلغ به الإيمان إلى أن يرسل فيقول ليسوع : " لست مستحقا أن تدخل تحت سقف بيتي، بل قل كلمة فقط فيبرأ فتاي".

تعجب يسوع من إيمان هذا الرجل الروماني الغريب، فشفا للحال عبده، معلنا للسامعين أنه لم يجد ولا في إسرائيل مثل هذا الإيمان. فجاءت الاعجوبة بمثابة إشارة إلى اشتراك الوثنيين في خيرات الملكوت. وبهذا يظهر يسوع بأن ملكوت السماوات لا يُنال بالقوة ولا بالعنصرية ولا حتى بالانتساب، بل بالإيمان بالله وبالذي أرسله يسوع المسيح. ملكوت السماوات ليس من هذا العالم . إنه إيمان ومحبة واحترام القيم وحقوق الانسان. فالله هو الخالق الوحيد لكل الناس. وهو الاب الوحيد لكل البشر . وكل البشر هم إخوة بيسوع المسيح. ومن يحجز الدين لمآربه الخاصة هو عدو لأخيه الإنسان وهو من ثم بعيد عن الله وعن أخيه الإنسان.

وهكذا فملكوت السماوات ليس حكرا للمسيحي بالهوية. فالمسيحية ليست اسما ولا هوية ، بل هي حياة وإيمان وعمل صالح . ليست الهوية هي التي تقرر مصيرنا وتدخلنا ملكوت السماء . " ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل من يعمل إرادة أبي الذي في السماوات".

نحن نحمل اسم يسوع منذ عمادنا، وهذا يعني أننا التزمنا بمبادئ الإنجيل بالقول والعمل. وإلا سيكون هذا الاسم دينونة لنا. وسيأتي غيرنا بقلوبهم الصافية ونياتهم الحسنة وأعمالهم الصالحة ويتكئون في أحضان إبراهيم ونحن نطرح خارجا.

فلنهيئ ذواتنا في هذا الصوم المبارك. ولنرى ما مدى التزامنا المسيحي، دون التعذر بأعذار الغربة والمجتمع المختلف عن أوضاع شرقنا. بل ننطلق من قناعاتنا المسيحية ومبادئ الإنجيل التي لا تتغير بتغير البلد.  لنبدأ من جديد حياتنا المسيحية في نور الإنجيل وتوجيهات الكنيسة وتعاليمها. فنرضي يسوع ونكون من أبناء ملكوته السماوي. آمين

 

م. ج.

زائر رسولي