مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل
لا أحدَ خبير بذات النفس البشرية مثل المسيح . هو يعلم ما بداخل الانسان. وكمعلم ماهر ومرب حكيم يستغل الظروف والفرص للالتقاء بأذهان سامعيه والارتفاع بها إلى عالم الروح والحال الأرقى . وها هو ، في حوار أشبه بسجال من الأسئلة والردود ، يستدرج السامرية من مفهومها الخاص بوجوب أداء العبادة لله ، في مكان معين دون غيره . حتى أوصلها إلى المفهوم الحقيقي للعبادة بالروح والحق . طبعا يسوع لم يقصد الغاء الهياكل والمذابح والاجتماعات الروحية للصلاة . لكنه أراد أن يفهمنا بأن العبادة الحقيقية تنبع أولا من القلب. ومع تلاميذه القلقين عليه ، لأنه لم يتناول شيئا من الطعام، ينتهز فرصة دعوتهم له إلى الأكل ليفهمهم بأن الطعام الحقيقي الدائم هو " إتمام ارادة الله ". من هذا كله نفهم بأن العمل الأساسي في حياتنا المسيحية ، أينما كنا، هو العمل بمشيئة الرب. وبأن العبادة الحقيقية والسجود له لا ينحصران في مكان خاص أو هيكل معين. فبالمسيح أصبح الكون كله هيكلا، ومعه أصبحت كل لحظة من الحياة صلاة . وفيه غدونا جميعا شعبا كهنوتيا وأمة مقدسة . يسوع جاء من أجل كل انسان . وهو لا يهمه السكنى في هياكل أو كنائس بقدر ما يهمه السكنى في القلوب والنفوس . والسجود الحقيقي لديه هو الخضوع لأرادة الرب واحترام أحكامه المقدسة. وهكذا فكل انسان سار في حضرة الله وتمم ارادته هو في حالة سجود حقيقي لله . وهذا بولس الرسول يذكرنا مرات عديدة في رسائله . بأننا مذ آمنا بيسوع واعتمدنا باسمه أصبحنا هياكل الروح القدس فيقول : " أما تعلمون أن جسدكم هو هيكل لروح القدس الساكن فيكم الذي لكم من الله ؟ فكونوا مسبحين الله في أجسادكم وارواحكم "(1قور 3: 16) " فأنتم هيكل الله الحي " (2قور 6: 16) . وإذا كان واجبا علينا العيش في حضرة الله الساكن فينا، فالسلوك المترتب علينا هو الخضوع التام والسجود العميق ، ليس فقط عندما نكون في هيكله المبارك أو أمام مذبحه المقدس، بل حيثما كنا وأينما حللنا . لأننا بالنعمة مذابح حقيقية لسكنى يسوع. وإذا كان اجتماعنا وسجودنا للرب في الكنيسة واجب ودليل إيمان ومحبة "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فانا أكون معهم " فلأن هذا الاجتماع هو صورة ضاهرة لحقيقة في نفوسنا واستعداد في قلوبنا وفي حياتنا اليومية . وإلا فما نفع صلاة أو عبادة نقيمها في الكنيسة إذا كان قلبنا بعيدا . " فليكن جسدنا هيكلا وقلبنا مذبحا وصلاتنا بخورا " يقول طقسنا السرياني. فيكون الله ساكنا فينا ونحن فيه . آمـين.
|