مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد         الأحد السادس من الصوم      مرقس 10 : 46 - 52

  آخر اعجوبة يصنعها يسوع قبل دخوله أورشليم، بهتافات أوشعنا، كانت اعجوبة شفاء الأعمى طيما بن طيما. كان يسوع خارجا من مدينة اريحا، وكان الأعمى جالسا يتسول، عند باب المدينة ، يمد يده ويطلب صدقة من الداخلين والخارجين.  فقرُه وعماه كانا قد علّماه كيف يمد يده، بتواضع وتسليم، إلى المارين. وهكذا كانت حالته الاجتماعية قد هيأت في نفسه استعدادا للطلب بالحاح. لا شك أن حاجته  الأولى كان أن يجد البصر . ولكن من ذا يستطيع أن يمنحه هذه العطية ؟ لا أحد سوى الذي خلق النور وفطر الانسان

وفي إيمانه بأن يسوع هو هذا القدير الذي لا يصعب عليه شيء ، فتح ذراعيه وصرخ بأعلى صوته أمام الموكب الذي كان يسير مع  يسوع : " يا ابن داود ارحمني ". كان الناس قد اعتادوا على صرخات هذا الأعمى المزعجة، فأرادوا اسكاته . إلا أنه كان يعرف بأنها الفرصة الوحيدة التي تتاح له الآن ليطلب ما هو أعظم من دراهم ، أعني البصر . وبأن يسوع هو الوحيد الذي يمكنه أن يعطي النور لعينيه لأنه مسيح الرب الذي عنه تكلم اشعيا : " روح الرب عليّ. لهذا مسحني لأبشر المساكين. وأرسلني لأشفي المنكسري القلوب وأنادي للمسبيين بالإفراج وللعميان بالبصر .."  لذا كان طيما الأعمى يزداد صراخا :  " يا ابن داود ارحمني ". ولما قيل له بأن يسوع يدعوه طرح من فرحه الرداء الوحيد الذي كان يملكه وجاء إلى يسوع . فأعاد يسوع إليه البصر قائلا له : " إيمانك خلصك".

لاحظنا خلال أحداث الصوم اقبال المرضى إلى يسوع . وأن يسوع كان يشفيهم جوابا على إيمانهم . فغاية الكنيسة من ذلك هي أن تفهمنا بأن يسوع هو الشافي الأصيل والطبيب الوحيد لكل من يتقدم إليه بثقة ويلتمس منه بإيمان.

إن يسوع هو هو أمس واليوم وغدا. إنه قوة للضعفاء وطبيب للمرضى ونور للعميان وقيامة للموتى. والطريق إليه اليوم هي طريق الأمس ذاتها، أي طريق الإيمان : " كلما طلبتم في الصلاة آمنوا أنكم تنالونه فيكون لكم" . لا يكفي أن نذهب إلى يسوع. فكثيرون ذهبوا إليه وتبعوه في الطريق وعاينوه في الدروب والساحات. ولكن فقط الذين آمنوا به عرفوه وتنعموا بألطافه ونالوا نعمه.

فلنطلب، في نهاية هذا الصوم المبارك، نعمة الإيمان التي تفتح عيون نفوسنا وتجعلنا نرى ما لا يرى. وتشع في بصيرتنا نور الحق وتفتح أذهاننا وقلوبنا فنرى يسوع في كل شيء : في أمراضنا وفي صحتنا. في نجاحنا وفي إخفاقاتنا. في آلامنا وفي أفراحنا. فيتحول كل شيء فينا إلى انشودة مجد لذاك القادر على كل شيء . وقد جاء إلينا بحبه ليشفي أمراضنا ويخلصنا. آمين .

 

م. ج.

زائر رسولي