مواعظ على مدار السنة الطقسية 2005 ـ 2006   المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد         الأحد الثالث من الصوم      مرقس 2: 1-12

لا بد أن المخلّع ، الذي استمعنا إلى حادثة شفائه العجيبة، كان قد ظل زمنا طويلا يتوسل فيه إلى الفريسيين ومعلمي الناموس، ليجدوا له حلا لآلامه النفسية وتخفيفا لأوجاعه الجسدية. ولكن هؤلاء حكموا عليه، بعقليتهم اليهودية، معتبرين مرضه قصاصا من الله على خطايا اقترفها وآثام ارتكبها. فقطعوا عليه كل أمل بالشفاء وأسلموه لغضب الله وسخطه.

والآن وقد جاء به ذووه إلى يسوع، بدأ يخاف أيضا من أن يحكم عليه هذا المعلم الجديد الحكمَ  ذاته. سيما وأن المعلم الجديد هذا يعرف أسرار القلوب. لقد شعر يسوع فعلا بأن هذا المريض خائف. ولكن يسوع الذي جاء لينقذ الانسان من كل خوف وقلق ، فاجأ المخلع بكلام مشجع قائلا له: "لا تخف يا ابني، مغفورة لك خطاياك". فدخلتِ الطمأنينةُ إلى قلب المخلع وتوطد الأمل في نفسه بأن الذي يستطيع أن يغفر الخطايا يسهل عليه أن يقيم المخلع على قدميه . ذلك بأن شفاء المرض أيسر بكثير من غفران الخطايا . إذ"لا أحد يستطيع أن يغفر الخطايا الا الله وحده".

يسوع بعث الرجاء والفرح في نفس المخلع . لكنه يعطي هنا الأولوية لشفاء النفس من المرض الروحي الذي هو الخطيئة . هذا المرض الداخلي الذي يشل الانسان ويقعده عن التقدم وعن السير وراء يسوع وعن السعي في إثر السعادة.

يسوع لم يأتِ ليشفي الجسد ويترك النفس فريسة للشر والخوف والوسواس . هو نفسـه قال : " النفس أفضل من الجسد ". يسوع جاء ليشفي الانسان كله: نفسا وجسدا. فهو يهتم بالجسد ليعيش الانسان بصحة جيدة . ويشفي النفس لتستطيع السير بنور النعمة، فتكون الصحة في خدمة المجتمع.  وتكون النفس هيكلا لله وسط البشر وعامل صلاح وبنيان وتقديس.

إن كلام يسوع للمخلع يتكرر في أعماق نفوسنا وقلوبنا. ونعمته والأسرار المقدسة وتعليم الكنيسة هذه كلها تدعونا أن نتشجع . فقد غفر الله لنا وهو يريد أن ننهض ونسير في إثره بفرح، حاملين نيره الخفيف ومتشبهين بتواضعه ولطفه ووداعته . لا شيئ يخيفنا بعد اليوم . فنظرات يسوع المحررة تولينا الراحة . وحنانه وغفرانه واهتمامه بالنفس قبل الجسد يجعلنا لا نخشى شيئا . لاسيما بعد أن أصبحنا اخوته المفديين بدمه. وما أحسنها مرحلةً فترةُ الصيام هذه نستغلها لنكثف فيها نشاطنا في عملية تحطيم كل القيود وخلع كل رباط يعيق مسيرتنا. فانهضوا، أيها الاخوة، واحزموا أمركم لنسير كلنا سوية وراء يسوع بإيمان، خالعين عنا نير الخطيئة والأنانية لنصل إلى قيامة سعيدة ومعه نملك مدى الدهر. آمين

 

م. ج.

زائر رسولي