مواعظ على مدار السنة الطقسية  2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد     أحد بيان يوسف    متى 1 : 18-25

تعرض يوسف لمحنة قاسية هدفت علاقته بمريم خطيبته . فهو إذ يعتبرها شريكة حياته وعذراء طاهرة، يراها الآن حبلى من مجهول. عذراء طاهرة ، عذراء حبلى، شريكة مخلصة، ومظاهر الخيانة بادية! ذلك ما يفوق الإدراك.

          لكن يوسف في محنته هذه لم يفقد صوابه ولا فاه بكلمة لوم. لا مع مريم ولا مع غيرها. لقد كان مقتنعا من براءتها ولم يسئ الظن بها.  ولكن عدم تمكنه من إيجاد تفسير لما يراه عليها من تغييرات دفعه إلى اتخاذ قرار بتخليتها سرا. دون أن يثير ضجة تلحق الضرر بمريم أو تثير الشكوك في المجتمع.

          لابد أن مريم أحست بما يدور في نفس خطيبها وبالصراع الداخلي الذي كان يعانيه. لكنها لم تفاتحه بالأمر . لأنها لا تستطيع أن تبرر نفسها ولا بأي برهان بشري .  فتركت للذي صنع بها ما يفوق ادراك البشر أن يحل المشكلة هو بذاته ويجد مخرجا لمحنة حطيبها.

          وقد استخدم الرب محنة يوسف كي يجره إلى الإيمان ويدخله في آفاق سر التجسد. فأفهمه بطريقة ناعمة وسرية ، هي طريقة الحلم ، أن  ما  يحدث لخطيبته هو من عمل الروح القدس لفداء البشر. فلما أتى النور الإلهي زالت المحنة وفهم يوسف مقاصد الله، فآمن بالسر واحتفظ بمريم.

          إن التجربة هي امتحان للإنسان يسمح بها الله خاصة مع من يحبهم. التجربة ، بحد ذاتها، ليست شرا . ولا هي علامة انتقام من الله. بل هي وسيلة تقوية وتطهير . التجربة هي كالنار :  إما أن تحرق وإما أن تنقي (1قور2:13  ويعقوب 1:12). وإرادة الله من المحنة هي أن نتطهر ونتنقى . فالمحنة لا تحرق إلا من أراد هو نفسه أن يحترق.         

بعد هذا ، هل نستغرب أو نتشكى من التجارب ? إن التجربة هي من ضروريات الحياة في المجالين الروحي والزمني. لأنها تُكسب الإنسان قيمة ومراسا وبالنتيجة خيرا أكبر. علينا إذن أن نقبل التجارب والمحن بصبر وأناة، ولا نتسرع بإصدار الأحكام أو بإساءة  الظن أو بالصاق التهم أو بالإكثار من التذمر والتشكي.  إن الله الذي يسمح بتجربتنا هو نفسه يؤتينا النور لنميز إرادته . وهو تعالى لا يجربنا فوق طاقتنا بل يجعل للتجربة مخرجا وللمحنة بابا. " إن الرب يجرب محبيه " ليزيدهم نعمة ومحبة ويحول فيهم الألم إلى سعادة . لا تظنوا إخوتي أن غير المؤمن والفاجر هو في منأى عن التجربة والمحنة . كل إنسان على وجه الأرض معرض للمحنة. ولكن الفرق بين المؤمن والفاجر هو أن المؤمن يعرف لماذا يتألم ومن أجل من يتألم فيكتسب ألمه قيمة فداية وسلاما نفسيا. أما غير المؤمن والفاجر فعذابه في التجربة عذابان لأنه لا يفهم لماذا يتألم ومحنته تبقى من دون قيمة ولا معنى.  لنتكل على الرب ولنسلم أمرنا بيده ولنقبل منه كل شيئ  فهو أبونا فلا نخيب. آمين .                                                

م. ج.

زائر رسولي