كلية مار أفرام للفلسفة اللاهوت |
كلمة بمناسبة افتتاح مبنى كلية مار أفرام للفلسفة اللاهوت السبت 24 تشرين الأول 2009
غبطة أبي الآباء وفخر الكنيسة السريانية وتاجها: مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك كنيستنا الصغرى بين الكنائس بعددها، والكبرى برجالها وعظمائها، وأغناها بالعلوم والمعرفة، وأولاها في حمل البشرى والإيمان المسيحي إلى العالم في العصور الغابرة. سعادة السفير البابوي فرنسيس شوليكات، السامي الوقار. السادة الأساقفة آباء الكنيسة الأجلاء. أيها الكهنة والرهبان والراهبات المحترمون. أيها الحفل الكريم. قدمتم أهلا أينما وطئت أقدامكم وحللتم بين أبنائكم وأحبائكم، في مبنى كلية مار أفرام للفلسفة واللاهوت، في بغديدا الشموخ والعطاء. أيها الحبر الجليل كنتم أول من باشرتم بمتابعة جاليتنا السريانية في المهجر. وقد أبت غبطتكم يوم انتخابكم أسقفا على أمريكا أن تتبنى شفيعا لكم سوى مار أفرام شمعة السريان وكنارة الروح القدس، وما ذلك إلا لما كان يجول في قلبكم المحب وفي ذهنكم الوقاد من خواطر مار أفرام، هذا الراهب البسيط، إنّ حقّ لنا أن ندعوه راهبا. لقد عملا شماسا بسيطا في الكنيسة، بل وخادما أمينا للشعب ولكلمة الله، يلتهمه حبه لله ولإخوته البشر، متأثرا بقول المزمر: "علمني الحكم الصائب والمعرفة، فإني قد آمنت بوصاياك". (مز 118: 66). وقد اختبر أنّ حبه لله ولإخوته لا يتوقف على الادعاء، ولا يمكن أن ينعكس ويترجم إلا من خلال القراءة والكتابة والتبحر في ما تحمله إلينا الكتب المقدسة من تعاليم سامية، فانكب على دراستها وتعمق فيها، فنشرها وحملها إلى إخوته، قولا وكتابة، نثرا وشعرا. يحلو لنا التغني بها حتى يومنا. أمام غبطتكم صرح ضخم شامخ. انبثقت فكرة إنشائه من المجمع الشرقي المبجل، ووضعت تصاميم بنائه وأشرفت على مراحل تنفيذه كوادر خوديدية أصلاء. كثيرة هي الأيادي البيضاء التي تشابكت وتكاثفت، وعديد هم أصحاب الشيمة والخير والعطاء الذين ساهموا ببنائه، ولو بنسب متفاوتة، كل بحسب ما وهب له الله من إمكانيات، وبمقدار إيمانه بضرورة هذا المشروع. وفي مقدمتهم الأستاذ سركيس أغاجان، مشكورا، وديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى الموقر. أعتذر من ذكر أسماء بقية المحسنين، وكنت ناويا ألا أذكر أيا منهم، احتراما لمشاعرهم، وخوفا من ثلم فضيلتهم، وحرصا على كتمان رغبتهم في العمل والعطاء بالخفاء، عملا بقول الإنجيل: "إذا أحسنت إلى أحد فلا تطبّل ولا تزمر مثلما يعمل المراؤون في المجامع والشوارع حتى يمدحهم الناس. الحق أقول لكم: هؤلاء أخذوا أجرهم. أما أنت فإذا أحسنت إلى أحد فلا تجعل شمالك تعرف ما تعمل يمينك..." (متى 6: 2-3). إلا أنّ وجود كادر بشري، وهذا هو الأهم لبناء الإنسان المسيحي، يتطلب إعداد أشخاص من ذوي الاختصاص، أغنياء بالعلم والمعرفة، متشبعين من روح الإيمان والرجاء والمحبة، مستعدين للعمل وللعطاء وللتضحية، يقدمون نفسهم ويكرسونها طوعا للخدمة في سبيل قيام هذا المشروع ونجاحه لتحقيق الهدف الذي من أجله بني. وهذا أمر ليس دائما بالسهل والهيّن. ونحن ننتظر عودة كهنتنا الذين أرسلوا خصيصا إلى الدراسة والتخصص، واستعداد كل من له النية الصادقة والرغبة الحقيقية لنهضة هذا العمل الجبار. أملنا أن تكون زيارة غبطتكم الأولى لكليتنا لافتتاح مبناها منهلا للعلم والثقافة، ودافعا لخلق الوعي والشجاعة في العقول والقلوب الطرية، لحب كلمة الله، وللتبحر فيها، والعمل على نشرها، بشتى الطرق، لكيما من خلال ذلك نصل إلى بناء الإنسان الجديد، صورة ابن الله المتجسد، في عالمنا، بناء محكما، لا بالحجارة الكريمة المرصعة بالمعادن واللآلئ الزاهية البهية الباهرة، إنما بالتقوى والعلم وبحب الله والإنسانية. وما حققتموه في أمريكا، حيث كونتم من خلية صغيرة، كانت تقتصر على عدة عوائل مبعثرة، هنا وهناك، أبرشية عامرة برعايا العديدة والمزدهرة. نأمل أن تحققوه هنا بهمتكم المعهودة، ودأبكم المتواصل، من خلال هذه البذرة الصغيرة كلية مار أفرام الفتية، لتصبح ليس فقط كلية للفلسفة واللاهوت، إنما كلية، وربما جامعة، تحوي وتشمل كل العلوم الإنسانية والتربوية والعلمية. شرفتنا زيارتكم الكريمة، وزادنا شرفا واعتزازا مرافقة وفدكم المبجل لكم في هذه الزيارة الميمونة. وألف شكر لكم ولمرافقيكم ولكل الحضور، ولكل من جدّ وكدّ وعمل بشكل أو بآخر في تحقيق هذا المشروع.
ابنكم
الخور أسقف بطرس موشي
مدير معهد مار أفرام الكهنوتي
|