شهيد الكلمة
إلى روح الشهيد الخالد
سيدي الحبر الجليل
وابتسامتك الحلوة ونكتتكَ
الجميلة؟!. أينما حللتَ سيدي، كنتَ تزرع الأمل والرجاء وتقوي العزيمة
وتُثبتُ في الإيمان. تخليت عنا في زمنٍ كنا بأمس الحاجة إليك،
أبرشيتكَ، مُحبوكَ تشتتوا في كل مكان. بكيناك بحرقةٍ من الأعماق.. آه
كم نحن بحاجة ماسة إليك في هذا الزمن الصعب
واستوقفتك لافتةُ فيها
كلام الرب يسوع (( أنا هو الراعي الصالح.. والراعي الصالح يبذل نفسه من
اجل خرافه))، حينها قلتَ للمؤمنين ان هذه الآية تُحملني مسؤوليات جسام،
اطلب من الرب ان يعينني لأكون عند حسن الظن بي ............................................. كلمة حق
حظيت أنباء التهجير ألقسري والاغتيالات التي استهدفت المسيحيين في مدينة الموصل في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول المنصرم، باهتمام واسع من قبل أجهزة الإعلام المختلفة المحلية والعربية والعالمية. فقد تعرض المسيحيون فيها إلى عمليات قتل وحشية وتهديدات بضرورة مغادرتهم للمدينة بهدف تصفية المدينة منهم، وقد شكلت تلك العمليات سابقة خطيرة وفريدة، لأنها استهدفت السكان الأصليين للعراق، والكل يشهد على إخلاصهم وتفانيهم في خدمة بلدهم على مر العصور، فمنهم الأطباء والمهندسون والمفكرون والصناعيون كما وقدموا قوافل من الشهداء دفاعاً عن الوطن الغالي. وهنا لا أود الحديث عن الأهداف السياسية للجهات التي وقفت وراء هذه الجريمة النكراء، لان أجهزة الإعلام قامت بتغطية الأحداث بشكل مستفيض إلاّ أني أريد أن اشدد والتحدث بشأن المواقف الإنسانية والمسيحية الرائعة لأهالي بلدة بخديدا/ قره قوش الحبيبة تجاه أكثر من سبعمائة عائلة مسيحية قصدتها طالبةً الأمن والسلام. فلدى وصولي إلى البلدة، كان الهلع والفزع والرعب قد أصابهم ، وكان جُلَّ اهتمامهم ينصب على إيجاد مأوى لهم يُسكنون فيه أطفالهم وعوائلهم، إلاّ أن المواقف الإنسانية والمسيحانية الرائعة لأهالي بخديدا النجباء خففت كثيراً من وطأة مأساتهم، فشمَّر الخديديون عن سواعدهم واحتضنوا إخوتهم الوافدين الجدد بكل محبة، ففتحوا لهم قلوبهم قبل بيوتهم، فمنهم من استقبلهم في داره وأفرغ غرفة أو غرفتين لهم والقسم الآخر أخلى داره ومحلاته أو قاعاته مجاناً لاحتضان الوافدين وقدموا لهم كل التسهيلات الممكنة والمساعدات المالية والمعنوية فطبقوا عملياً ما قاله السيد المسيح له المجد : (كنت جائعاً، عطشاناً، مريضاً، وسجيناً...) وقمتم بالواجب على أحسن وجه. وهنا لا أريد اذكر أسماءً لئلا يُساء تفسير ذلك.إنها كلمة حق يقولها بكل صدق كاتب هذه السطور وهو احد الوافدين إلى هذه البلدة العزيزة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وكنتُ متابعاً للأحداث الأخيرة عن كثب والتقيتُ بعشرات العوائل التي قصدت بخديدا فعبروا عن شكرهم وتقديرهم العالي لكل مالاقوه من إخوتهم. وهنا لابد لي أن أوجه تحية حب وتقدير وعرفان بالجميل إلى أهالي بلدة بخديدا هذه البلدة العريقة، الذين قاموا بالواجب على أحسن شكل ولا يسعني إلاّ أن أشيد بالدور الكبير والمسؤول للذي لعبته خورنة بخديدا والآباء الكهنة الأفاضل القائمين عليها واللجان والأنشطة وهيئة شؤون المسيحيين ومجلس أعيان بخديدا وكل الجهات الرسمية وشبه الرسمية والشعبية التي عملت دون كَلَل أو مَلَل . إني لعلى ثقةٍ تامة وقفتكم الإنسانية والآبية هذه سوف يخلدها التاريخ لكم وللأجيال القادمة بأحرفٍ من ذهب، وستتناقلها الألسن بفخر وشموخ وإباء، كيف لا، وانتم أهلُ لها ولكم مواقف أخرى تشهد على ذلك. إننا نتذكر باعتزاز مواقفكم المماثلة في العام 1991 عندما استقبلتم أكثر من 1500 عائلة من مختلف مناطق العراق ووفرتم لهم السكن والطعام والشراب مجاناً طيلة فترة مكوثهم في بخديدا، كما وأود أن الإشارة إلى أنكم احتضنتم أكثر من 2500 عائلة مسيحية منذ سقوط بغداد في نيسان 2003 إلى ما قبل الأحداث الأخيرة والتهجير ألقسري الذي طال أبناء شعبنا.إنها لعمري مواقف يجب أن يعلم بها القاصي والداني ويجب أن نُشيد بها لأهالي هذه البلدة العزيزة الصغيرة في حجمها ومساحتها والكبيرة في حبها وإنسانيتها. ولابد من الإشارة إلى مواقف مماثلة سمعنا بها وقفها أبناء شعبنا في كل من دهوك والقوش وعقره واربيل وغيرها من المدن التي استقبلت الوافدين إليها. وأخيراً لا يسعني إلاّ أن أناشد من خلال جريدة (صوت بخديدا) كل الضمائر الحية في العراق والوطن العربي والعالم لان تعمل ما بوسعها ليعود الأمن والاستقرار إلى ربوع وطننا الجريح، وذلك عن طريق إشاعة ثقافة قبول الآخر والعيش المشترك بين كل الطيف العراقي بعربه وأكراده، شيعته وسنته، مسلميه ومسيحييه وكل قومياته ومذاهبه، أمنياتي بعودة كل النازحين والمهجرين والمهاجرين إلى مدنهم، وذلك لن يحدث إلاّ إذا تضامن الجميع وعملوا بجدٍ وإخلاص لدرء الفتنة وعودة الأمور إلى مجاريها.
|