أيام الرحيل (في الذكرى الأولى لرحيل المرحومة حبيبة بحو دديزا)
(اسمحوا لي أولاد أخي أن أقول بحق "أمكم" كلمة وداع ورثاء، ولنصلِِ لها ومع أخي أبيكم ولكل أحبائنا السابقين بالقيامة والراحة الأبدية مع الدعاء.)
زرتُها ..جلستُ قبالها.. تأملتها.. قلت لها: ما بكِ يا أختاه؟ أجابت: ألا تعرفين بأوجاعي ألآمي وجسدي ما بلاياه؟ أتحملها بإيمان وصبر حبا برب السماء. قلت لها: تشجعي.. صلي واحملي صليب الألم مثل حاملِ صليبَ الفداء. قالت: "أريد الرحيل"!! أجبتها: إلى أين؟ قالت: كفى إن أخاكِ المرحوم ينتظرني، ذاك الذي أخلصتُ له الحب والوفاء. قلت لها: ونحن نحبكِ.. فلمن تتركينا يا أماه؟ قالت: أريد الرحيل بالرغم من طيب الحياة!! (نظرتْ إليّ بألم وصبر ووجهها منور بشعاع النور والبهاء) قالت: اتركيني..إنني انتظر لحظة الرحيل واللقاء...(وبعد جهد أكملت قولها) لمن آمنتُ به وأحببته يسوع مع أمه العذراء فهي أمي وشفيعتي، لها أصلي كل ليل وصبح ومساء، علّها تحضر عندي ساعة موتي وتضمني بيدها البيضاء، ثم تمضي بي إلى حيث الفردوس الأبدي والجنة الخضراء. ولأ تنعم معها وابنها والرب خالق الكون والسماء. وأضافت: أما كانت مسيرتي طوال حياتي أعيش بالبر والحب والهدوء والصفاء ربيت أولادي العشرة وبنيت أسرتي ووهبت لها حياتي وبكل سخاء قلت لها: نعم كنتِ لنا جميعا خير أم وأخت وصديقة وحبيبة للبعيدين وللأقرباء ولكل اهلك وعائلتك ومن عرفك وبدون مراء. ثم أردفت وقالت: كنت أيضا أما وراهبة وبكل فخر وهو العزاء. قلت لها: نعم لقد جاهدت الجهاد الحسن وأتممت الشوط وربيت البنات والبنين وبينهم ابنك جورج الكاهن وابنتك الراهبة آلاء. وقرت عيناك وقلبك بأبناء لأبناء وفتحت قلبك وأحببت كل العشيرة واهلك وحتى الغرباء. وما تحدثت على احد من بشر حتى لو آلمك الا بالحب والخير دون الجفاء. بل كنت للجميع خير عون ونصيحة وحكمة وقدمت بفرح لكل محتاج بوافر العطاء، قانعة كنت لم تتعلقي بمال او بملك، صمّتِ وصلّيتِ وتأمّلت وابتهلّت، وهذه كلها من زينة القديسين في السماء.. شفاك الرب من آلامك وأوجاعك بعد طول عناء .. وألبسك ومتعك بجلباب النور والبر والسعادة والهناء نظرت إليها وقلت لنفسي يا الهي ما هذه الساعة السوداء؟ أ هكذا يكون وداع الحبيبة إلى دار الخلود والآباء. تحلق أولادها من حولها كالمسبحة وأحاطوها بالتراتيل والابتهالات والصلوات بكل رجاء، لتنال الغفران والخلاص والتمتع بالقيامة والحياة الأبدية مع رب العلاء. فاختلطت الصلوات بدموع المآقي من الصغير والكبير أمرّ البكاء ومع البكاء انهمر المطر والبَرَدُ ولفتنا الغمامة المكفهرة السوداء وبعدما أغمضت عيناها وفاضت روحها الطاهرة ابيضت بالثلج الأرض والسماء قلتها و بكل فخر وألم أ هكذا يكون وداع الحبيبة للأحباء؟ نامي ألان واستريحي يا نجمة ويا شمعة آفل نور عينيها بأقل العناء ولتضيء في قلوبنا وعيوننا ذكرى حياتك وأعمالك نحن الأحياء ولتبقي لنا أماً وشفيعة لحياتنا وكما كنت من سمائك العلياء جازاك رب الكون مع أحبتنا الذين سبقونا إخوتنا وأخواتنا مع الأمهات والآباء قلتِ لنا وبصوتك الحنون"لا تحزنوا عليّ ان الرب راعي سيسكنني في مراعيه الخصيبة الغَنْاءْ" وسيسربلني بالنور والسعادة والسلام وبدار البقاء . وأخيرا أما هو من حقي ان أقول لمن كانت لي: امرأة أخ وأم وأخت وصديقة كلمة حب ووداع ورثاء. ..أمين. الأخت الراهبة فكتوريا جحولا الدومنيكية 15 كانون الثاني 2013م
|