سالم متي ف ي العراق سنة 1984 أقام معرضه الشخصي الأول وبرزت فيه لوحته المعنونة
" الفتاة القيثارة "
هذا ماأشار اليه تقرير نشر على صفحة جريدة العراق الصادرة في ايلول من
السنة نفسها
اللوحة هي استلهام عن واقعة " عروس مندلي " .. انذاك
جسد ممزق وقيثارة مقطّعة الأوتار
ثوب ابيض تشظى في الفضاء ودم ساخن وآضطراب موزع على كل المشهد
عندما هالهُ ذلك المَشهدُ الذي غطى أرجاء المكان وتفاقم الاضطراب وطال
كل الدروب
حمل ذكرى فَتاته ولَملَمَ بعض اوتار القيثارة
شدّ أحدى طرفيها في جذور الوطن العميقة والطرف الاخر شدّهُ في قلبه
وهاجر
بعد عشرين عاما .. في مشاركته الاولى ضمن رابطة التشكيليين
في مدينة مالش بالمانيا وبلوحة اسماها
" عبّاد الشمس"
تلك اللوحة التي اشارت اليها واثنت عليها الصحافة الالمانية
كان المشهد نفسه مازال مستمرا في الوطن
عروس العراق مازالت تنزف وأوتار القيثارة إزدادت عُقَدها وكبرت وذاك
الدم الساخن نفسه
مازال بارزا في لوحته الجديدة التي رسمها بحس نابض عبر وتر الجذرٍ
والقلب
عند زيارتي الاولى له في المانيا، اتفقنا ان يكون اللقاء
في المعرض والمرسم الخاص به
كنت قد اعطيت العنوان مسبقا للجهاز الصغير المعلق داخل السيارة والذي
من الفروض ان يوصلني الى الهدف دون عناء !
بعد مسيرٍ لأكثر من اربعة ساعات ، وصلت المدينة الصغيرة التي يسكنها
الرسام
غير ان الجهاز اخفق في الوصول الى الهدف وتاه ، وتهت انا معه مما
إضطررت
الى سؤال احد المارة الالمان من سكنة المدينة
قلت:
ــ عفوا ، هل يمكنك ان تدلني على كاليري لرسام اسمه سالم ....
اجابني الالماني مقاطعا:
ــ آه .. العراقي
قلت:
ــ نعم العراقي !!
دلّني الرجل على العنوان غير ان مقاطعته لي على الفور فاجأتني وعرفت
ان اسم سالم العراقي
هو أعْرَف وأبْلغ من الجهاز المثير الذي ابدعه العقل الغربي
وايقنت ايضا ان خدمة الوطن والتعريف بآسمه، ليس بالضرورة ان تاتي من
الداخل
لكي يُنعَتُ المرء بانه ابن بار لبلده وناسه
..........................................
من طين البيوت العتيقة في برطله، ومن حلم كان يراوده بآستمرار
شكّلَ سالم خيله الذي اراده ان يكون جامحا
خيلٌ لايشبه الخيول
أعطى له لونا وابعادا وأصالة وعيونا وصلابة تتلائم وآختلاف التربة
ومدياتها وذائقة اهلها
وكأنه عرف منذ البدء أن خيله لن يستقرّ على حال واحد
وان كل الارض شرقا وغربا مباحة لآن تطأها حوافره
فأصبحت البداية بدايات، تتداخل مع بعضها البعض وتتنوع بتنوع البيئة
والمناخ والمعطيات
هذا التعقيد والتنوع الصعب والجميل، ليس من السهل بلوغه وفك طلاسمه
مالم تتوفر العزيمة والاجتهاد والخصوصية والتجدد والخيال والقدرة على
الخلق
هذه الصفات وأخرى عديدة، إمتاز بها الفنان التشكيلي سالم متي
وان المتابع لمسيرته الفنية يستطيع ان يرى ويكتشف
ليس فقط تكييفه العالي مع هذه المستجداد والاحوال والبيئات وانما ايضا
مدى تفاعله معها واستيعابها والتأثير فيها وقدرته على ان يخط لنفسه
اسما يُشار اليه
إبتداءاٌ من برطلة فبغديدى/الحمدانية ثم الاردن واليونان واخيرا
المانيا .......................................
ليس هناك شئ يستطيع ان يكبت فرشاته أو أن يجعله يكف عن مغازلتها
فحتى الازمات عند سالم متي تكون بمثابة دافع اخر لغزارة الانتاج
ونوعيته
وهذه الدوافع تتولد من حالتين كان هو قد اشار اليهما في لقاء له نشر
على
صفحة جريدة الحدباء الموصلية سنة 1986
الحالة الاولى:
هي الحس الشعري والادبي الذي يتمتع به والذي يجعله ان يكون اكثر
استثارة في مواجهة هذه الازمات وبالتالي اكثر ارهافا في التعامل معها
بالمقارنة مع رسام اخر لايملك هذا الحس
وهذا هو ربما ما يفسر من ان اللوحة عنده هي ليست مجرد الوان وخطوط
وظلال
وإنما هي صورة شعرية تقود المشاهد الى رؤى واستنتاجات عدة
الحالة الثانية:
هي الغضب الذي يأ خذ مفهوما اخر لديه، فهو ليس غضبا خارجيا موجها او
منصبا على الاخر
وإنما هو داخلي ذاتي موجه على النفس في احد جوانبه، ليستشعرها بوجودها
ويحفّزها على العمل
وفي الجانب الاخر هو غضب منصب على تلك الازمات التي ماكان يجب ان تحدث
لو ان مفهومي الحق والعدالة كانا متجردان من العوامل الخارجية
التي تؤثر بهما وتوجههما في الغالب او ان الاخر المتحكم في هذه الازمات كان اكثر اعتدالا فيما يقوم به من فعل
وهنا ليس لدى سالم بديل غير الفرشاة واللون والماء يطفئ بها هذه
الشرارات
المتولدة والمتصارعة في داخله والتي هي اشبه بمخاض يخلق أولاً، محفزا
اضافيا لضخ ابعاد
رمزية جديدة على اللوحة التي يشتغل عليها ، وثانيا يسارع في تناسل
الافكار داخل عقله ومخيلته والراغبتة في الخروج لتاسيس لوحة اخرى
الى جانب اللوحة التي لم تكتمل بعد او انها اكتملت للتو
من ضمن مايقوله سالم متي في لقاءه الذي نشر في الجريدة اعلاه:
" أنا أعمل بشكل غاضب جداً .. اللوحة عندي تأخذ شكل القصيدة
... بعد إنتهائي من تنفيذ لوحة معينة، لاأصبر على التي بعدها
... أنا لاأحتمل وجود قماش ابيض أمامي "
من أكثر المحطات التي يجد فيها نفسه أكثر ويحلو له التحدث عنها
هي الفترة التي قضاها في الاردن .. إنها الفترة التي اضاف فيها الى
حرفيته
مقومات واكتشافات اخرى من خلال تعامله مع لون اخر من الوان الفن
التشكيلي
وهو فن الايقونات التي رسمها على جدران وسقوف الكنائس
فلاتخلو كنيسة في الاردن إلاّ وتجد آسمه محفورا على جدرانها وسقوفها
العالية
بل أن رسومه هذه ساهمت الى حد كبير في إستقطاب السواح لزيارة هذه
الكنائس
والاستمتاع بمشاهدة هذه الايقونات التي أبدعتها فرشاة هذا الفنان
العراقي من برطلة
ف ي الاردن تمكن سالم متي من الولوج الى عالم اوسع ومن بلورت اسلوب خاص
في رسم الايقونةواصبح له مكانة مهمة في الوسط الفني والثقافي
غير أن خيله الجامح مرة أخرى يأبى المكوث طويلا
ويتوق الى دخول حصون أخرى في أرض لاتشبه ارضه وذائقة تختلف عن سابقته
حصون يعتبر الفن فيها من المحركات الاساسية للحياةوإن دخولها يحتاج الى
مثابرة ونضال
ومفردة "النضال" هنا ليس مبالغ فيها إذا ماعرفنا أن سالم متي
لم يجلس يوما على مقعد دراسة الفن
وإنما هو الذي درّس نفسه بنفسه ونجح في ذلك بآمتياز، بجهده الخاص
وموهبته
ومن خلال إصراره على إبقاء ذلك الوتر مابين الجذر والقلب مشدودا
ودائم النبض .. ذلك الوتر هو الذي وجه فرشاته وكوّن خصوصيته
التي جعلت الكثيرين يرفعون له القبعة
(الســـيرة الذاتـــية)
سالم متي
مواليد ١٩٥٨ في الموصل- برطلة- العراق
الفن هو جزء من حياته و يلاحقه كظله
طوال حياته شغل نفسه بالفن ودرّس
الفن على نفسه ، منذ شبابه نشات اول اشعاره وقصصه القصيرة. في
سنة ١٩٧٨ فاز بالجائزة الاولى لمسابقة القصة القصيرة بعنوان (عودة
القراصنة) بمجلة الفكر المسيحي كاصغر عضو مشارك
حاول ترجمة اشعار٥ بالفرشاة واللون على شكل لوحات محاولة منه لتنفيذ
اللوحة القصيدة.
ففي سنة ١٩٨٤ اقام معرضه الشخصي الاول بعنوان (الصوت الاخر للانسان) في
المركز الثقافي والاعلامي في محافظة نينوى، لوحات هذا المعرض تحكي عن
استنكاره للحرب
و الدمار بكل اشكاله
في سنة ١٩٨٥ اقام معرضه الشخصي الثاني بعنوان (الطبيعة و المراة) في
قرة قوش ، عرض فيه ما يقارب السبعون لوحة... وشارك ايضا في نفس السنة
بمهرجان الفن العالمي في بغداد والذي كان تحت شعار (الفن للانسانية) و
من خلاله تعرّف على فنانين من مختلف انحاء العالم
في سنة ١٩٨٦ اصبح عضوا في نقابة الفنانين العراقين في نينوى وعضوا
مشاركا في منتدى الادباء الشباب و
في سنة ١٩٨٦-١٩٨٨ شارك في المعارض السنوية المشتركة في المركز الثقافي
المسيحي في قرة قوش
في سنة ١٩٩١-١٩٩٤ بدا بعمل جدارية كبيرة بعنوان (المسيح في قرة قوش)
علقت على جدار قاعة دار الاباء الكهنة و
في سنة ١٩٩٥ سافر الى الارن و بدا مشواره الطويل في رسم الكنائس
البيزنطية و فن الايقونة و
و في سنة ١٩٩٩ هاجر الى المانيا مع عائلته واستقرّ في مقاطعة بادن فوتم
بيرك (مدينة مالش في كالسروة)
في سنة ٢٠٠٠ اصبح عضوا في نقابة الفنانين التشكيلين الالمانية في مدينة
مالش
في سنة ٢٠٠٠-٢٠٠٣ شارك في عدة معارض لنقابة الفنانين في مالش
في سنة ٢٠٠٣ اقام معرضه الشخصي في مدينة ماينس (فرانكفورت) بعنوان
مناضر طبيعية من العراق اعطى فيها انطباعاته عن بلده
في سنة ٢٠٠٤ اقام معرضا اخر كبيرا في (كوينس هوتيل) اي فندق الاميرات
في مدينة بادن بادن تتضمن ثلاثون لوحة كبيرة الحجم تحاكي هذه اللوحات
الطبيعة الاوربية
في ٢٠٠٥ عاد مرة اخرى لرسم الايقونة في احدى كنائس السريان الارثدوكس
في مدينة كيرك هارد الالمانية
في سنة ٢٠٠٧ اقام معرضا خاصا للايقونة في نادي بلدية كارلسباد المدينة
المقيم فيها الفنان و قد نال هذا المعرض اعجاب الجمهور الالماني
في نوفمبر من نفس السنة اي ٢٠٠٧ شارك في المعرض العالمي
(اوفيرتا) الذي يقام سنويا في مدينة كالسروة الالمانية
في ديسمبر ٢٠٠٨ قام بافتتاح قاعة خاصة للفنون تتضمن محترفا له مع صالة
كبيرة للعرض.
و تقوم هذه القاعة بنشاطات فنية مختلفة منها معارض تشكيلية ودورات في
الرسم و عروض مسرحية وامسيات موسيقية
فيديو
بالاعمال الكنسية
http://www.youtube.com/watch?v=Kpl83dY2X1A
فيديو باللوحات التراثية والفن الحديث
http://www.youtube.com/watch?v=kBdpNQb-FtY
رابط صوري بالاعمال الفنية
كتابة التقرير : سمير يعقوب |