|
الراهبة التي وهبت نفسها لخدمة الرب
ولدت الأخت منصورة الدومنيكية في تللسقف بتاريخ 15/10/1922 من عائلة كريمة، تعرفت على الراهبات الدومنيكيات عن طريق عمها المرحوم الخوري هرمز شماشا. دخلت الدير وكان تاريخ انتقالها إلى مرحلة الطالبية 30/10/1940، لبست الثوب الرهباني (الابتداء) في 29/4/1941، أبرزت نذورها الأول (التعهد البسيط) بتاريخ 30/4/1942 ونذورها الدائم في 30/4/1948. عملت كمعلمة في العديد من المدارس منها القوش، باطنايا، وعينت في تللسقف سنة 1945 للعمل في باقوفا ولمدة (13) سنة ، كانت خلال هذه الفترة تقطع المسافة بين باقوفا وتللسقف مشياً على الأقدام. بعدها نقلت إلى دير بعشيقة ومنها إلى تلكيف حيث مكثت هناك (14) سنة ومن تلكيف جاءت إلى قره قوش (بغديدا) عام 1972، حصلت على التقاعد من وظيفتها كمعلمة سنة 1982. استلمت إرشاد إخوّة مار عبد الأحد في قره قوش منذ عام 1987 والى صباح السبت يوم رحيلها المصادف الخامس من كانون الثاني عام 2008 شاركت الأخت (منصورة) الدومنيكية في جميع نشاطات إخوّة مارعبد الأحد في قره قوش منها (الكرازة – السهرات الإنجيلية – صلاة الفرض – المسابقات الكتابية – الرياضات الروحية – المحاضرات الثقافية – لقاءات مجمع الاخوّة والمجمع العام للأخوّات الدومنيكية في العراق – التعهدات السنوية – الاحتفالية بتساعية وعيد مار عبد الأحد – زيارة المرضى – مساعدة المحتاجين – صلاة الاجتماع الشهري – صلاة فرض الموتى – السفرات الترفيهية). كان للأخت منصورة حضوراً متميزاً صباح كل يوم احد في لجنة الكرازة حيث توقد الشموع في موقد خاص بها في كابيلة مار عبد الأحد ويحضر عدد كبير من الأخوات في اخوّة مار عبد الأحد بالإضافة إلى الأخوات من الاخوّات الأخرى حيث تتعالى أصوات الصلوات والتراتيل الروحية وتفسير الإنجيل المقدس والإرشادات والنصائح للأمهات لبناء عائلة مسيحية على غرار العائلة المقدسة. كانت الأخت منصورة ممتلئة من الروح القدس وجاهدت الجهاد الحسن وسر نجاحها في عملها هو البساطة. كانت كالعبد الذي أوكل إليه سيده أمانته وتاجر بها وربح، نعم إنها واحدة من العذارى الخمس الحكيمات التي سهرت للقاء العريس الذي يأتي في ساعة لا تنتظرونها، كانت كمية الخردل صغيرة في حجمها - قصيرة في طولها – عظيمة في حجم عملها) لكنها أصبحت شجرة كبيرة تتخذ الطيور أعشاشاً لها وتستظل في ظلها الكائنات الحية ، كانت شمعة تحترق لإضاءة الآخرين وإنها رمز للإيمان والتواضع والمحبة والطاعة والعفة والقوة والسلام والصلاة المتواصلة، كانت تعمل وفق ما قاله مار بولس "افرح مع الفرحين وابكي مع الباكين". سارت الراهبة الدومنيكية (منصورة) في الطريق الذي عبده القديس عبد الأحد في خلاص النفوس حيث لم تتوانى ولا يهدأ لها بال إذا سمعت بأن هناك خصام في عائلة ما إلا وذهبت بصحبة الإخوة والأخوات في اخوّة مار عبد الأحد لزرع بذور السلام والآمان والاطمئنان في تلك العائلة المتخاصمة. من أقوالها المأثورة، يجب على الإنسان أن لا يلاقي ربه وهو فارغ اليدين وكانت تقصد في هذا الكلام لا الامتلاء بالمال أو الجاه أو المنصب أو الشهادة أو البنين ولكن الامتلاء بالروح القدس وبأعمال الرحمة والمحبة والتواضع والخير والسلام ومساعدة الآخر. نعم الامتلاء بالروح لا بالجسد لان الروح والجسد يعملان على خط مستقيم احدهما ضد الآخر، ما يريده الروح لا يريده الجسد، لذلك يقول مار بولس لا تنظرون إلى الأرضيات لأنها زائلة ويجب أن توجهوا أنظاركم إلى السماويات لأنها باقية. لم تكمن الظروف الجوية تحد من حركتها، لا المطر ولا البرد ولا الحر، كانت تنتقل مع جماعتها (لجنة الزيارات) في الشوارع والأزقة كزيارة المرضى في بيوتهم أو في المستشفى دون التمييز بين صغير وكبير، بين رجل وامرأة، بين غني وفقير، أو بين مسيحي وغير مسيحي، كالنحلة كالفراشة تنشر كلمة الله بين الناس، نعم كان اسم منصورة الصغيرة علماً يعرفه الكثير من أهل بغديدا الحبيبة، وعندما انطفأ سراجها بكوا عليها بدموع ساخنة وقلوب دامية، متأسفين على رحيلها لكنهم واثقين بالعدل الإلهي الذي يرفعها إلى الأخدار السماوية ويقول لها "تعالي يا ابنتي المباركة لقد جُعت فأطعمتيني وعطشت فسقيتيني وعرياناً ومريضاً وسجيناً .... فخدمتيني". وأخيراً وليس آخراً نتذرع إلى الرب يسوع قائلين "الراحة الأبدية أعطها يا رب ونورك الدائم أشرق عليها".
|