أراضي زراعية ليست للمساومة والبيع! تعدّ الزراعة المورد الرئيس لآلاف الأسر المنتجة، وإذا ما أوليت الزراعة الإهتمام فإنّها يمكن أن تشكّل مصدراً مهماً إلى جانب النفط، فالأرض الخصبة هي أرض صالحة وسيّدة الخير والثمر والخبز، فلماذا نتركها تحترق؟ الزراعة بعد النفط شعار قديم، فلماذا لا تكون الزراعة أوّلاً شعار المرحلة الحالية بعد أن يئسنا من الذهب الأسود في الأيّام السوداء؟ حيث أنّ الزراعة في أرضنا مهملة حتى في برامج وسائل إعلامنا ومحكوم عليها بالإهمال والتقصير، وهناك مساحات شاسعة إبتلعها البناء الغير المنظّم والمخطّط دون أي مبرّر منذ أكثر من ثلاثة عقود، أراضي زراعية كانت خبزاً لكلّ عائلة عراقية وأراضي زراعية إكتسحها البناء التقليدي الأفقي بسبب توافد السكان والتوسع الكبير الذي إحتلّ الكثير من تلك الأراضي الخصبة فضلاً عن توزيع أراضي بشكل فوضوي وغير طبيعي ولكلّ من هبّ ودبّ. فبلدة (بغديدا) كانت إلى وقت قريب بلدة زراعية وحرفية وكان أهلها يعتمدون على زراعة الحنطة والشعير في عيشها الكريم، وتعتبر أراضيها من الأراضي الصالحة للزراعة ووجود مياه جوفية فضلاً عن توفّر الأيدي العاملة والخبرات وإشتهارها بالبساتين فهي متروكة وخالية من زراعة المحاصيل والخضراوات، فلكي نتخلّص من أزمة الوقود بين حين وآخر ومنذ سنوات ولحد لحظة كتابة هذا المقال، يجب الإسراع والسعي للنهوض بالواقع الزراعي في قضاء الحمدانية ومعالجة ما تركة من إرث الفترة السابقة ومخلّفاتها التي إعتمدت على النفط وأهملت الزراعة بل ضيّعت الأراضي الزراعية فأصبحت صحراء جرداء، وتلك الأنظمة تميّزت بفوضى تعدد قوانين الأراضي الزراعية وعدم شرعيتها وعدالتها والتي سلبت حقوق الملكية الزراعية وتمليك أراضي زراعية عائدة للمواطنين لأصحاب الأنواط والأوسمة والأصدقاء والأقرباء والغرباء والمقرّبين والمتميّزين وقرارات تلو قرارات حتى إن إبتلعت الآلاف من الدونمات وتركت لسنوات دون إستثمار، وزد على ذلك وما زاد الطين بلّة عمليات البيع والشراء عبر مكاتب وهمية وحتى رسمية يتمّ من خلالها بيع أراضي الأصحاب الشرعيين لآخرين خارج مسقط رأسهم ممّا يؤدي إلى زيادة عدد الوافدين الغرباء وتستمر العملية هكذا حتى نصبح نحن الغرباء عاجلاً أم آجلاً! ونعود إلى الزراعة وأهميتها في الإقتصاد والسوق فيجب إستخدام تقنيات حديثة وإشراك جهود الباحثين الزراعيين وإحتضان طاقاتهم بالطرق العلمية حيث يوجد في بغديدا مهندسون زراعيين يمكن الإستفادة من علومهم وقدراتهم في مشاريع زراعية، لكننا نرى فيهم الجانب الإداري يغلب على وظيفتهم لذا يلزم بنا العودة إلى الزراعة وعدم التركيز على الإنتاج النفطي ودفع عجلة الزراعة إلى الأمام في كافة أنحاء العراق والإستفادة القصوى من الأراضي الواسعة المتروكة دون أي إستغلال، وفتح باب الإستثمار الزراعي وتوفير الأيدي العاملة للقضاء على البطالة المزمنة لرفع مستوى الدخل للدولة والفرد وإستخدام الوسائل البديلة للأمطار كإستخراج المياه الجوفية وحفر الآبار الإرتوازية وتسليمها إلى الفلاحين ونشر تقنيات الري بالرش وإستصلاح الأراضي لرفع كفاءة الأرض الإنتاجية وزيادة رقعة المساحة الصالحة، ولأجل النهوض بالواقع الزراعي أيضاً لا بدّ من تطوير الملاك الزراعي حيث يعتبر اللبنة الأولى لازدهاره ولكننا نلاحظ قلّة الملاك الزراعي الفنّي بل لا أثر واضح لوجود شعبة الزراعة في القضاء وبهذا الصدد نود أن نقترح: تأسيس جمعية أو لجنة زراعية من حملة الشهادات الزراعية العليا لأغراض الإشراف على حلقات دراسية يعدها مهندسون زراعيون بواقع حلقة دراسية كل 15 يوم أو مرة في الشهر تبث عبر قنواتنا الفضائية وتنشر في صحفنا تتطرّق إلى تطوير واقعنا الزراعي المتهالك.
|