مار أفرام علم من أعلام الكنيسة وكنارة الروح القدس مار أفرام من أرض القديسين ،لاهوتي ،وراهب وناسك وشماس ،وكاتب ،وشاعر لأيامه وأيامنا ولكل العصور ،إنه كنارة الروح القدس ، مار أفرام السرياني هكذا علمنا كباراً لا يموتون ،لأنهم يدومون أحياء في كل ما كتبوا وصنعوا وأبدعوا وتركوا ونحن اليوم لا نحي تراثهم ، لأنه حي أبداَ ، بل نكشف هذا التراث لتدوم الحياة فينا ونقتدي بهم ونحافظ على وديعة الإيمان وخدمة المؤمنين وتعاليم السيد المسيح ،ولتكن حياة مار أفرام التي عاشها مبتعداعن المال ومغريات الحياة الزائلة ،بل كرس حياته لخدمة الكلمة وخدمة رعيته مثله مثل الراعي الصالح ،فكم يجب علينا نحن حملة النو ر من رجال الدين والمؤمنين الأقتداء به لنرث الحياة الأبدية [ لم يكتب الخلود للإنسان الإ بما يقدمه خدمة للأخرين ] فليكن هذا هدفنا وشعارنا في الحياة ، ولا يتم هذا إلا بنكران الذات والعيش بالحياة المسيحية الحقيقية كما عاش السيد المسيح ومار أفرام متمثلاً بالمخلص له المجد شهدت في بداية القرن الرابع ولادة أفرام الذي إنتقل أبواه من الوثنية الى المسيحية ،فاعتنق الإيمان الجديد باكراُ ليصبح تلميذ لكبير أساقفة نصيبين ما ر يعقوب النصيبيني ،ثم معلما قبل أن ينتقل الى الرها مؤسس ومعلما ومدبراً لمدرستها الشهيرة ،وترك لنا مؤلفات في شتى العلوم الدينية شعرا ونثرا ورفع شعار " إن عشنا أو متنا فللرب نحن " رسالة مار بولس الى مؤمني روما . كان التلميذ الأقرب الى مار يعقوب الذي شارك في أعمال مجمع المسكوني الأول في نيقية . وأجبر بأعاجيبه شابور الأول على فك الحصار عن مدينة نصيبين عام338 بصلواته وهرب الجيش المحاصر بعد أن سلط الرب عليهما البق ، عام 363 غادر مار أفرام وهو في الخمسين من عمره وجماعة من سكان نصيبين قاصدا الرها الرومانية الولاء ، أثر مقتل الإمبراطور يوليانس الجاحد في العراق ،والمنداة "يوفيانس "خلفا له ومعاهدة السلام المذلة التي أعقبت الهزيمة وتم تسليم نصيبين للساسانين وقال مار أفرام كلمته المشهورة "خير لنا أن نترك بيوتنا وكل ما نملك من أن نترك إيماننا " وكما حدث لأبناء كنيسة المشرق في الألف الثالث الميلادي في أرض الرافدين ، فمعظم حملة النور تركوا بيوتهم وممتلكاتهم أثر الهجمة الشرسة التي لاقوها من المنظمات الأسلامية المتطرفة ألاإنسانية في منطقة الدورة في بغداد وغيرها من المناطق فهاجروا خيرا لهم من أن يتركوا إيمانهم والنور الذي ينير طريقهم في الحياة عمل مار أفرام أستاذا في مدرسة المدينة ،ورفض الكهنوت والأسقفية وبقى شماسا لكنيسة الرها ناسكا في حياته الخاصة مشهورا بوقاره وتواضعه ورصانته ، رفض الزواج تشبها بالمسيح والقديسين ،لم يكن طعامه الإ الخبز المصنوع من الشعير وقليل من الملح وبعض البقول ، وشرابه الماء لذلك هزل جسمه وصار أشبه بتمثال من نحاس ، وقال مار أفرام عزمت عن الأطعمة ,أزدريت الخمور ،واضعا نصب عيني وليمة ملكوتك أيها الختن السماوي ،وزهد في أمور شتى منها المال وقال فيه
لاتطمع بالمال فإنه يشوش العقل السليم وهو لا يرافقك الى القبر بل يبعدك عن محبة الله لا تقتني ذهبا ولا فضة فإن سم الموت مدسوس بها أقتني علما سديدا فتحضى بمحبة الله لاتكنزوا لكم كنوزاً على الأرض ،حيث يفسدها السوس والصدأ ،وينقب عنها الصوص ويسرقون بل أكنزوا لكم كنوزا في السماء ، حيث لا يفسدها سوس ولا ينقب عنها لصوص ولا يسرقون فحيث يكون كنزك ،هناك يكون قلبك أنجيل متى 6-19-21
أما ثيابه فرداء بسيط لا يغيره حتى يهترى ،والأجور التي تدفع له من المدرسة سرعان ما يهبها الى العائلات الفقيرة أو المحتاجة ، وحدث في السنوات الأخيرة مجاعة لأنحباس المطر في الرها وحلول القحط فطاف مار أفرام على الأغنياء الموسرين لجمع الصدقات ليوزعها على الفقراء ، كما أسس أول دار للعجزة في تاريخ الشرق الأدنى ،ثم أعقبه بدار ثانية وثالثة وضمت هذه الدور نحو ثلاثمائة سرير وبسبب المجاعة التي حصلت بالمدينة أصاب أهلها بداء الطاعون وإنتشر بينهم فراح مار أفرام يواسي المرضى ويرعاهم حتى أصيب بدوره بمرض الطاعون . وقضى السنوات الأخيرة من حياته يعلم في مدرسة الرها ثم إنعزل من الحياة متنسكا ومنفردا في حياته ومصليا وممجدا الله ومسيحه ليلاًونهاراً ومردداَ أشعار نابعة من الروح في حب ألله والأنسانية ،مما جعل البابا بندكتس الخامس عشر يضعه في مصاف الأباء معلمي الكنيسة الى جانب يوحنا الذهبي الفم وباسيليوس وغريغوريوس وغيرهم من ملافنة الكنيسة القديسين وقال مارأفرام جعلت من ذاتي كنيسة للمسيح وقربت له بخورا وعطوراَ صار فكري مذبحا وإرادتي كاهناَ وكحمل طاهر ضحيت بذاتي وقربت قرباناَ أما في الشعر فقد ألف مئات القصائد والأناشيد والمايمروالتراتيل إضافة الى قصائد نضمها ضد أراء الخارجين عن الدين المسيحي حيث دحض أراء الفيلسوف ماني وهراقطة بعض رجال الدين الذين إنحرفوا عن الدين الصحيح ، ونضم قصائد في حب الإيمان ،وكان يلحن بنفسه الأناشيد والتراتيل الدينية وهو أول من أدخل جوقة التراتيل في الكنيسة، وقد بلغت أناشيده وقصائده في مناقب مريم العذراء بأعتبارها شفيعة المسيحين لدى يسوع المسيح مايزيد عددها عن 52 قصيدة .لقد كان آدب مار أفرام وشعره شعلة مضيئة لدرب الإيمان ، والأخلاق ،والتواضع ، والمحبة ، وهي صفات يسوع المسيح .وبلغت اشعاره أكثر من مليون بيت شعر ، وقد إستنبط الوزن السرياني السباعي الذي سمي بأسمه الوزن الأفرامي وكذلك نضم كثيرا من المدارش ،وزهد بالمديح وحتى بالمدفن ،فقال في ذلك "لا تودعوني قبراَ مزخرفاَ لأني أنا نفسي قبر مليء بالذنوب والخطايا ،أدفنوني في مدفن الغرباء لكوني غريبا في العالم نظير أبائي " ويوصي بأن لا يكفن بثوب نفيس بل بمسوحه المهلهلة وقبعته النسكية ،وزهد برتبة الكهنوت حيث قيل إنه صرح بكونه غير مستحق لها ولكن من أفضل منه قداسة وأسمى تقوى وأكثر إستحقاقا بها ، فرحل عن العالم برتبة راهب مبتدىء شماس وركز على أهمية العلم لأنه يعزز الحياة النسكية ويرفع شأنها إضافة الى الصوم والصلاة ومعها العلم والتوبة .قال في العلم أقتني المال بقدر ،والعلم بغير قدر فالحكمة أفضل سلاح ، والعلم خير من المال يظفر العلم إكليلاًَ يتوج به هامة عشاقه ويرفع من المزبلة الى عرش الملكوت وقال في التوبة أخلق فيً يارب قلبا نقيا ،فالأول طاله الفساد وتدنس برجس الخطيئة التي سيطرت عليه وإنتقل الى الحياة الأبدية في التاسع من شهر حزيران عام373 أثر أصابته بمرض الطاعون وكان قد ناهز السبعين من عمره ونحن نمر بهذه الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء كنيسة المشرق في شمالنا الحبيب كم نحن بحاجة ماسة الى فتح دور للعجزة والأيتام والمدارس بكافة أنواعها وإختصاصاتها العلمية والمهنية لأن العلم أساس تقدم الشعوب ..نناشد رجال الدين والجمعيات الخيرية الكنسية وأبناء كنيسة المشرق في المهجر لبذل ما بوسعهم لخدمة إخوانهم ورفع مستواهم العلمي في كافة المجالات والسعي مع الجمعيات الخيرية العالمية لمد اليد لأبناء هذه القرى لتطويرها من خلال فتح مشاريع زراعية وأقتصادية وخدمية ومعامل صغيرة في البداية مثل معمل معلبات ومعجون الطماطة والفواكه المجففة والأجبان والألبان والمياه ،والأستفادة من المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها المنطقة لتوفر الأيادي العاملة لرفع مستوى معيشتهم نحو الأفضل وتنشيط السياحة في المنطقة لنقتدي بلبنان الشقيق الذي جعل من مناطقه السياحية قبلة للعالم للأصطياف بها ولتمتعهم بالثقافة والإيمان وقدسية الارض بالمحافظة على تراثهم وتقاليدهم التي ورثوها من أبائهم وأجدادهم ،فكم بالأحرى بنا نحن أبنا ء وادي الرافدين أن نعيد تاريخنا المجيد ، وبهذا نكون قد قدمنا خدمة لأخواننا الذين يتمسكون بأرضنا الطاهرة ولا يتم هذا إلا بتوجيه ومتابعة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري والمنظمات الخيرية وتأزر الجميع وهمة رجال الدين متمثلين بمار أفرام والقديسين الشهداء من أبناء كنيسة المشرق الذين ضحوا بحياتهم من أجل رعيتهم منفذين تعاليم السيد المسيح له المجد برعاية رعيتهم
محب النور الشماس حنا يونان حنا /تورنتو /كندا
المصادر والمراجع أولا. مار أفرام السرياني شاعر لأيامنا ثانيا .. التراث ألسرياني -أعمال ألمؤتمر الحادي عشر حلب 2006
|