جان دارك القصيدة مهداة للمرأة بعيدها
بمقدورك أن تـُضْرِم النار بي أن تـُمزّق ثيابي زاولْ غريزة الهوى وطارحْ ثم ارعشْ وراوغْ رُغم غثياني.. صفـّدْ أفكاري كلما أشرقــَتْ احشر أنفك تحسّسْ زواياي بمَلامِس الإخطبوط انثرْ حولي مملكة من غبار ونسيجاً للعنكبوت لكني جان داركيه(*) سأثور *** لَـَنْ يصلـُح جلدي للطبول وشَعري لم يكن يوماً لِجاماً للخيول تستـّرْ بمِسوحِ طهـْرك، لكني كجوهرةٍ بين الوحول سألتمع ضُمّني إلى متحف تراثك نموذجاً شمعياً لمومياءٍ بشريّة أو عصفوراً في قبضة كفـّك البارد هل تزعجك حرارة جسدي؟ هل يزعجك أنيني؟ أنا الناي ما سِرْت بصمت الأفعى أنا مصدر الآهات أنا ضرس منخور احذرني سأثور *** أدمنت عذابي ويصعب عليك العدول تقتادك شعوذة الاعتياد كمن أدمن لفافة تبغ تـُصيّرني مقدسة و خَـَرْقُ حـُرمتي من طباعك تتهمني بالفجور بالشعوذة ساحرة وخرافة أو وثن و تحيطني بزنزانة كل سجين رجاؤه الفرار إلا أنا سأثور *** يا إله الحرب أنا أم الرافدين صدري الشامخ يتلألأ بحلمتين طفوليتين سأكون الثـُقب وصُلـْب عَصرِكَ الحديدي مني يتسلل ستقـْرف لا ترفع الغطاء تكاثفت بخاراً يشعه المجرور وجرذان فزعة تفور سأثور *** تحت نـُصْب الحرية ضاجعَ جرادك أسُودِي وأنا لبوة جريحة تفيق قـُرايَ ركاماً والبساتين هشيمْ قادرة أنا على قـَطـْر الكون سأحرث في شبر حريتي فأنا الزارع والزارع يتقن الانتظار قد بذرت البذور لدجلة النذور سأثور ================================================== (*)منسوبة إلى جان دارك...مواطنة فرنسية بسيطة ناضلت ضد الاحتلال الانكليزي وقادت جيش بلادها للتحرير وهي بعمر 18 عام....أحرقها الانكليز وهي حيّة عام 1431للميلاد..
فناء الزاجل وقصص قصيرة جداً
صَفير يوقظ الأنا =========== في صباحٍ دخاني يبتلع نشاط الصائمين بدياجيره ويرجو المزيد، كان يتزعّم شُرطة السّير كعادته في ذلك المفترق الأعنف اكتظاظاً في بغداد، حينما صفـّر هاتفه المتحرك وجاءه صوت ابنته وهي تشكو تخلفها عن إدراك موعد تأدية اختبارها الجامعي بعد أن عَلـِقت سيارتها بشِباك ذلك الزحام وعجزت عن المضي إلى ما هو أبعد من ذلك. ترجـّل عن سيارته النائمة بهمّة عالية وصـفــّر من كل منفذ في بدنه، ملّوحاً بيديه ورأسه وقدميه ليفكك تلك الأنشوطة المجدولة!. حتى مرّت بجانبه وهي تـُحييه بفخر على مرأى من زميلاتها. وتحت تأثير شهوة العادة، آل إلى مقعد سيارته ليعانق غفوته من جديد وينعزل عن الواقع الذي لم يعُد يستمع إلى غليان أنينه بعد أن أغلق النافذة!
فـَناء الزاجل ======= بعد أن أتمّ قراءة كتاب(فـِرار الرسائل بين طـُرق القبائل)، تحسّرت دموعه وحاصرته أشواقه لعقودٍ عفيفةٍ خـَلـَت، وراح يـُحرر خـِطاب عشقٍ محموم، ناجت فيه حروفه التوّاقة حباً تـُحيط دورة رأسه هالة قدسية وحيث كان روّاده أول من وطأت أقدامهم حِصن قلبه، لم يغب عن خاطره أن يُمْهُر الرسالة بعنوانِ مسكنه قبل إيداعها قارورة مُحكمة الغلق ألقى بها من شرفة منزله المُطلـّة على دجلة وهو يـَتلو آيات الحـُرقة مصحوبة بندم عاقبة جُبن خجله العقيم، سَخر من نفسه وهو يودّعها بأمل قانط يرجو وصولها إلى ضفاف حبيبته المفقودة، فراحت تنساب تـُكافح ما يكتنفها من تيه. تلـقى في اليوم التالي على بريده الالكتروني رسالة عابرة من فتاة ٍناريةٍ تـَزْعم أن اسمها كولينا، تدعوهُ لمعاينة هيئتها العنكبوتية العارية!
هُتاف القرود! ========== كلفته شجاعته جراحاً ثخينة في صراعه مع ذلك الشاب المتمرس المبهور بقوته، وهو الكهل الذي لم يكن له من سبيلٍ للحصول على المال اللازم لبناء دار الكتب في تلك القرية اللاهية بالغناء عن أمجادٍ حلّ بها السوس، سوى الفوز بجائزة تلك المباراة التي تعوّد إقامتها بعض الشبان من أصحاب الأخلاق الشرسة. ورغم أن خصمه قد انتزع حماسة الجمهور ورهانهم منذ البداية، لكنه استجمع قواه، وراح يصلي خصمه ناراً حامية من الضربات أفقدته الوعي وقادته إلى الترنح والسقوط. أما الجمهور الميت، على الرغم من مظهره النابض بالحياة، فقد انسحب خائباً حانقاً يشكو سوء الحظ!!.
...........................................
عرّافة في عيد الحب الماضي
قالت العرّافة: أيا كلاديس* سُحْقاً بَصقتُ فيك تنهُدي خذها من وحدتي بين طاولاتي الخاويات أين هداياهن؟ أين باقات الياسمينِ؟ أين تلك الجمرات؟ عناكبٌ حوليَ وارتْ قاع فناجيني حاكتْ خيوطها حول الجناحين كيوبيد من وترِ قوسه الرهين ما عادَ رَملي يُضرب وحَجراتي في يديّ تستكين أين مني روّاد غرام لوّنـَتهم الفصول من كفٍ مبسوطٍ من طالعٍ للمجهولْ يثير الفضولْ!
قالت لي ولها: من تلك الخطوط في فم الفنجان تنتهي المدينة في قلبها ينهار رصيفها المرصوف عُصبةٌ لقيطةٌ بنسبٍ ممسوخ ما غرسوا ورداً أحمراً لخليلةٍ، وما جمعوا لهن يوماً فـَراش لا انتماء لهم لشرقٍٍ ولا الغرب بهم موصوف
في شتاءٍ من رصاص يلتحفك النحيب يا الله.. أيها المُستعان! لن تجدل سواراً من ياسمينِ لن تعزف لها الكمان فإلهتك المتوجة كـَفنها من كتان!
للجنازة مراسم لتلك الرموش الحالمات لا دببة تـُزينها شرائط لا قلوب قرمزية أكاليل المقابر تبول على وردٍ أحمرٍ يجتاحهُ الذبول
الثأرُ لحظـكَ مستحيل فممن تثأر الحملان من سكينهم من وجاقٍ وطنجرةٍ أم ممن أشعل الفتيل؟
أنا كيوبيد يا قيصر تاجك وروما في المهب سأحلق بجناحين سأعلو وألتهب * * * الفالانتاين طاف بلا عرّافة هذا العام يا لسُخف التأويل لثمتها على طاولةِ العيد والنظرات ليديّ تختلس ونبض من فؤادها يرتعد تحت القميص زهرة مجففة أهديتها تطويها صُحف كتابٍ وبطاقة خطـّطتها بلون دمي: لكِ يا حبيبتي من عمري العمر المديد
*كلايديس الثاني قيصر روما الوثني .. منع زواج الجنود حتى يستعبدهم للحروب فقط .. لكن الراهب الموحد (فالانتاين) تحداه وزوّج المحبين سراً فأعدمه القيصر وكيوبيد هو إله الحب عند الرومان .. ذو الجناحين والقوس.. ................................................
لحظات في قصص قصيرة جداً عامر رمزي
لحظة أن هـَوَى الهوى =============== رُغم فجيعتها بخيانتهِ لها مع عشيقتهِ على تـَختِها المُقدّس، بَددت كل تضرّعاتها المشبوبة ولم تتمكن من ثـنـْي عزمه الصارم على القطيعة الأبدية. وفي لحظة قنوط هستيرية، قذفت بجسدها المخذول دون تردد من شرفة الطابـــق الثامن. وجاء القدر متحيناً الفرصة للانقضاض في تلك اللحظة المدونة منذ الأزل في سِفر افتراقهما ليتزامن سقوطها مع اللحظة التي كان الزوج يـُبارح فيها المبنى، فهَوَت عليه مع جبال هواجسها المميتة، لتذرف بعدها على جسده المسجى عَبرات الوداع.
لحظة تمرد ============ أحبت عنزتها التي تحاور معها جلّ وقتها الميّت بصبرٍ مزمن في ذلك القصر الريفي النائي في غياب زوجها ذي الطباع العاصفة وحضور حماتها المستبدة. هزأ بِها زوجها المغرور وهي تـُدثر المعزى بأغطية صوفية وقال لها: بات الشك يُساورني في قربى العنزة إليكِ ! أجابت وقد حررتها لحظة تمرّد من سلطته:أجل هي حماتي. وقد كنا مجنونيْن حينما تزوجنا. ردّ ساخراً: حدثيني بصيغة المفرد أرجوكِ.. أجابت على الفور:إذنْ.. كنت أنت المجنون حينما تزوجتني.
لحظة إيحاء شعرية ============= شاعرة ٌ هي، ولطالما فتشتْ عن نصفٍ ضائع يصطفّ في تراص مع نصفها المُنشد لتراتيل البهجة. تزوجته، وهو عقيم المبادأة يفتقد لموسيقى القول تحت إكراه مطارق الإلحاح، لكن بشرطها في تملّـك حق العصمة. ولم تزل تغازله بالأشعار كل وقت وتتـودد إليه بفصيح الكَلـِم كل حين ..ولما شعر بتفوق كينونتها الإنسانية صرخ بوجهها : - لن أجيز لكِ بعد الآن أن تخاطبيني بلفظٍ من الفصحى. وفي لحظة إيحاء شعرية، ناشدته بنوال فرصة أخيرة لجملة فصيحة، وحينما استجاب متلذذاً بتوسلاتها، قالت له: -اذهب وأنت طالق!
.............................................
قصة قصيرة
وريث السكّين
قالت ميري لزوجها إدوارد بعد أن أتمـّت تنظيف القطعة التي بين يديها:
- نقـّبنا في الكثير من مواقع العراق الأثرية فلم أجد أغرب من هذه السكـّين.
ناولتها اليه وهي تمسّد النصل بحذر شديد . فأجاب وهو يتفحص باهتمام بالغ مقبضها الذهبي :
- هي متقنة الصنع وبيد حاذقة، وتبدو لي ليست من صناعة محلية، وأرى رقماَ قد نقش عليها هو 443 هـ*.لكن يا للعجب، كيف لم
يصدأ نصلها؟! هي سكيّن غامضة ومليئة بالأسرار!!..
- إنه لأمر غريب حقاً ..هل كانوا في تلك الحقبة يستعملون مواداً تمنع صدأ المعادن ؟! ..سأرى أمرها لاحقاً..
واندهشت ميري من أن صور السكين هي الوحيدة التي لم تظهر عندما أظهرت الفيلم الفوتوغرافي..
وفي تلك الليلة بالتحديد فقدت ميري السكـّين التي عثرت عليها بعد أن جَرف دجلة بفيض سيوله كل أمتعتها .كان الطوفان مباغتاً فلم
يمهل البعثة البريطانية الوقت الكافي لإنقاذ اللقى الأثرية..
وبعد عدة عقود من الزمان:
كان الغريب يحث خطاه يطوف حائراً في شوارع بغداد. يتلفت يبحث عن سكيـّن تهدهد خياله فتجلّت في هلوسته، أشار له بها رجل
يلبس قرنين في رأسه الكبير ويتوسط ناراً ليست كالنار التي يعرفها. ثم توقف مندهشاً لوجود بائع متجول في مكان مهجور لا يمر بهِ
الناس. وعند اقترابه منه وجدها هي كل بضاعته، فجذبت انتباهه، قلّبها بكفيه الكبيرتين باهتمام بالغ، دفع ثمنها البخس، ومضى على
عجل. وبعد أيام معدودات..
كانت الدماء ترسم خطوطاً متداخلة كخيوط بيت العنكبوت على وجه الغريب قاتم السُمرة. وباتت أجزاء من لحيته مخضّبة كخرقة دهان
متهرئة، أما ملابسه فلم تسلم من انفجار الكتل الدموية التي تناثرت كحمم بركان من ذلك الشّق في رقبة الجثة الملقاة على الأرض تحت
قدميه.
وبينما لم تزل الأطراف المقيدة لبدن الذبيحة المنحورة تتلمس آخر تشبث واهن لها في حَبل الحياة ، جدد الذبّاح انحناءه على الجسد
المنتفض مسرعاً في محاولة منه لخنق الشخير المتعالي المنبعث عن فم الضحية المفتوح على وسعه بفعل صرخات الاستغاثة اللا مجدية.
راح يقبض على شعر الرأس كمن يمسك حزمة من محصول حصاد تنتظر مرور المنجل، ومضى ينحر بين الرقبة والكتفين كأنه يجزّ
غصن شجرة، حتى رفع الرأس كثمرة جوز هند بذراعه وسط صيحات تهليل من الرجال المسلحين المحيطين بالذبيحة بما يشبه طقس
احتفال قبيلة للهنود الحمر بصيد دب كبير قتل خيلهم.
وحينما بدأ يهتف بيده القابضة على السكيـّن، صخِب المكان بصفير حاد يصمّ الآذان، ليعقبه دويّ هائل لانفجار مرّوع يبعثر المكان،
فتتناثر أجساد كل من تجمّع في احتفال تقديم القربان الدموي ذلك.
ترتفع اليد القابضة على السكيـّن في الفضاء لتهبط فوق الجثة المذبوحة. فتتحرك الأصابع في محاولة للتشبّث بالسكيـّن من جهة وفي
حبل الحياة الواهي من جهة أخرى!.
فيما سقط الرأس المنفصل قرب وطنه الممزق-جسده- بعينين مفتوحتين تنظران بدهشة للذراع والسكيّن.
ران السكون في ذلك المكان القصي الذي توقف فيه الزمان. ولم يقطعه سوى صفير ريح بشير البؤس!..
ثم راحت تجتمع جزمات غريبة لتملأ مكان المذبحة. تسير بين الأشلاء الآدمية باحثة بحذر.
لبث الجندي الأشقر واقفاً في مكانه ومن جبينه العرق ينثال. باغته الغثيان وكأن أمعائه تنوي مغادرة جوفه..
أطرق الى الأرض التي تئن تحت وطأة قدميه يتأمل جثة الذبـّاح بنظرة مريبة، وتذكر أنه قد لاقاه منذ يومين خارجاً من غرفة قائد
كتيبته، كان كمن يربي الحقد في نفسه ويغذيه ليبرم معه حلفاً. وراح يغمغم في نفسه وتشتط روحه في السؤال: لِمَ لم ننقذه أو ننقذ ضحيتهم
المذبوحة قبل رشقهم بالصاروخ؟
الحقيقة هي دبوس بين ثنايا رداء.. حتى متى أتغاضى عن فض الطيّات؟.أرى العالم قد بات حزيناً في جهة وضاحكاً دون مشاعر في
أخرى ويحتقر الإنسان. يبدو أننا نفرط في إعادة تشكيل الكون بخطى عمياء تدخل حقل ألغام... أية حضارة سنبني هيكلها ونخصص طابقه الأول لسجن كبير؟!
هل الذعر الذي نشيعه في النفوس هنا سيتكرر هناك قرب مسكني يوم تعود الإنسانية الى حقبها المظلمة في انفلات الأمن من قبضة
الحضارة؟..
كان يرعى بعين خياله وطنهُ تحت سيادة البربرية المتوحشة فاضطربت شعيرات جلده وتحفزت وكأن أحدهم قد صوب بندقية الى رأسه..
هل أنا غبي أم سلاحي؟ كيف نسحق ملايين البشر بأقدامنا كي نصل الى الدرع الذي سيجلب لنا الطمأنينة والسعادة؟!!!
إننا دون شك نخلق لنا وثناً... أية خرافة نبشر بها؟ أية تراتيل جميلة نرددها والمعبود صنم؟!
لكن خياله لم يكن خصباً ليطفو به الى حلٍّ يعينه على الطوفان.. وجاء صوت الضابط وقد إلتمعت عيناه ببريق النصر موجهاً أوامره،
ليقع وجدانه المتيقظ فوراً تحت تأثير التخدير، فارتعد وتنبه إلى نهاية العرض الذي لا دور له فيه سوى المشاهَدة!.
رفع كتفيه وحاجبيه ولم يحر جواباً. لبس نظارته السوداء ينوي الإختباء عن أعين المكان وهو ينظر الى آثار أقدامه على الدماء..
سيتوارى عن الأنظار كما يختبئ الجميع خلف أنوفهم.
راحوا يقلبون الجثث ويحشرون أنوفهم باحثين.. وصارت الأشلاء الباقية تُجمع بلا تدقيق.
تلفت الجندي الأشقر خلفه وهم يغادرون المكان وعرف أنهم نسوا أن يدفنوا جثة الحضارة!
دفن في ذلك اليوم الزاهي بألوان الدم، جسد الضحية القربان مع رأسه المقطوع ويد الذبّاح القابضة بإصرار على السكّين في ذات
الحفرة.
تمرّ الأعوام لتتحلل الأعضاء في التربة، ثم لتذوب فيها..
إلا السكّين ذات المقبض الذهبي ونصلها المصنوع من معدن لا يصدأ... تُبعث من جديد على يد طفلٍ كان يحفر لاهياً هناك!!...
*في العام 443 هـ وقعت فتنة طائفية كبرى في بغداد.. أُحرِقتْ فيها مقابر مقدسة للطرفين وقُتل المئات من الناس وأحرقت الأسواق كذلك
وأصاب بغداد الذعر بفرعيها الكرخ والرصافة .
.........................................
وفاء القلوب في قصص قصيرة جداً
1- وجدان ُ حرب ============= لم تأبه الشمس لهمومهِ عند الأفق ، وصارت تستعد للنوم كأنها وسِـن ٌ غالبه النعاس.. وخاب رجاء توسلاته للنجمات الرابضة على كتف ذلك الرجل ذي الوجه الصارم في طلب العون. فراح قلبه الواجف يدفعه للزحف على الجسر ليقطرا معاً جثة الحبيبة المطروحة هناك منذ صباح ذلك اليوم الدامي ، متحديين عيون القناصة المـُشرقة ورصاصاتها العمياء التي تشهر قبضتها مهددة ًعلى الطرف الآخر ..
2- مُسافرون في قطار ٍمختطف ==================== في ليلةِ رأس السنة ارتمت على عنقهِ وهما ينتظران عقارب الساعة لتعلن لحظة صعودهما قطار العمر سوية ً..مرّت سنة ٌلتقف وتحتضن طفلها وليتعانق الثلاثة ملوحين بأكفهم من نافذة القطار إلى ذكريات المحطة الماضية..مضت أخرى ووقفت تعانقه وكل منهما يحمل طفلاً ، يلوحون بفرح غامر..وفي نهاية ذلك العام البربري المُرهب وقفت على رصيف المحطة يلفها سواد الملبس وقلبها يضم طفلين ، يودعون ذكريات القطار.
3- رصيد ُالحب ============ سألت أمها وقد تملكتها الدهشة: أتبتاعين لأبي وردة ً حمراء في عيد الحب هذا اليوم وقد بات عقله عاجزاً عن استرجاع شيءٍ من حياته الماضية؟!!..أجابتها وهي تسرح الطرف في الأفق البعيد وتبكي في نفسها بوقار: لكنه كان يتذكر جيداً ويشتريها لي قبل أن يغزوه الزهايمر. ============================================================= الزهايمر: مرض يـُفقد الإنسان ذاكرته.. .......................
قصورٌ بلا روح
حبيبتي إن خلعوا عن جلدكِ السواد ما حاد عنكِ الحِداد وما زيّنوكِ إن مسّ عينيكِ كحلٌ أو حُمرةٌ لوّنت الشفاه عجبتُ لكرب ٍ احتستهُ مسامكِ يتشظى جزعاً يعتّمُ كِسوةَ العيد ِ وما زخرفتهُ الثياب
مدينتي قصوراً شيدوكِ أم قبورا لا عزاءَ يتبعهُ نوال إن بكَدِر أو زلال جثتي فيك ِ غـُسِلـَت
لا تبن ِلمسكني جداراً وساعتي الدقاقة عصفورها خلف الباب أنزوى.. مُضرباً يساوى الليلَ بالنهار
لو في حضيرة الدواب ِ رُصِفَ الذهبُ أو بين التبن لاحت شذراتُ ياقوت ٍ وبريقُ ماس ٍ إلتهب عيونُ الخيل ِ هيهات هيهات ما بَسِمت وصَمتُ الماعزِ الهزيل يعلنُ خلودَه بين زفيرِ خوف ٍ وشهيق أنفاس فسدت
تـَفطـّن لدائيَ يا طبيب فالكـي لا يبرأ الزكام ومن يرِث حطاماً فسالفه روحاً يعقبها الجسد انظر يا صاحبي لأسراب ٍ رحلت دونَ مواسم ٍ وخواءٌ من أجيال ٍ متراكمات
ترسم لي رياضاً مقفرات فما العبير الا عبقٌ إرتحلَ مع الأحباب وعاجزُ يتكئ يجتازُ شارعاً مرصوفاً مع أنوارِ شمعة يرتعد أغواراً من ظل ٍ يبصق والمرايا مهشمات
وهناك حيث يتلاشى طريقُ النبل وراء حقول الضياع عصفوراً محنطاً يلامس جبينهُ السماء ينتصبُ عنواناً للحنين كرفاتٍ للقديسين
.......................
ثلاث قصص قصيرة جداً
منكَ وإليكَ ====== نظرت اإلى حفنة التراب التي احتوتها قبضتها وكأنها تـُمسك برقبة قاتل زوجها ، لتهمس في أذنه بتصميم : ـ ها قد أرجعته اليكَ. يا من أورثته أمراضه المزمنة والتي مات بها غريباً.. فخذ.. دثـّرهُ.. وارخت القبضة وبسطتها نحو التابوت القابع بالحفرة التي دفعت ثمنها للتو. . اِلتمعت عيناها وابتسمت بارتياح بالغ. تلفتت حولها متحدية عقولهم.. وكأنها مستعدة للإجابة عن سؤال خفيّ طالما تردد في نظرات المواسين منذ لحظة وصولها الى البلاد : أيّ معتوهه هذه لتتخلى عن مكتسبات الإقامة في بلاد الأحلام وتُبدد نتاج صبرهاعلى الشدائد التي رافقت سبيلها الوعر. ؟!
حيرة ==== كان ضيفاً ثقيلاًً على جامع وملجأً متاخم له بالأمس الدامي... واليوم صوت الصافرات المُبلـّغة لدنو كرّة جديدة للحديد والنار بلبل صوت المكبرات على مآذن الجوامع وهي تعلن حلول ميعاد الخشوع... بعض الأقدام ساقت أجسادها من الجوامع نحو الملاجئ وترك آخرون ملجئهم ينشدون حِمى الجوامع. أما الصاروخ الجديد فلم يتردد ... كان يدرك طريقه جيداً ..
صرخة متأخرة ========= في تلك الأصقاع النائية كان الدبّ يصرخ فتفزع الأيـائـل لتترك صغيراً أو مريضاً تلكأ قرباناً له .. وتتابعت مواسم صامتة تشبه أيامها ثوانيها .. شاخ الدبّ وحان أوآن موته. تجمّع حوله الأيائل بعيون شاردة..حاول المحتضرأن يصرخ.. فلم ينجح ..حتى أن صرخ قائد القطيع فرَد عليه الرفاق بصرخة مدوية ...ليسقط الدبّ ميتاً من الفزع..!
..........................
رسالة الى مفقود
وبينما أنا أعشقك كل يوم ٍ هناك في منفاي َ وتحت ظلال أوهامي نسيت ُ.. وبين حين ٍ وحين أذكر ُ بيوتا ً كانت من طين تودعني مهاجرة ً فتعودُ قصورا ً تسوّر طيني
هنا.. بين العربة والإصطبل يلوح ُ لي خيالك لحظة َ وداعي.. وجسدي تأرجحَ بين يديك تعلـّق كلبلاب ٍ تسلـّق.. وطيفكَ تلفـهُ بزة ُ الجندِ منتصبا ً كالطودِ بجذع ٍ من غض ِ الشبابِ موعود وأنا.. أعوامي كأرض ٍ حمراءَ لا تـَغل ولا تجود قلقي قائظ يساوره القلق نشيج دمعاتي.. في الخطو ِ حثيث قـَدّي.. كورقةٍ جافةٍ بكت غصنها الذاوي
ومازلت أتناسى عمرا ً ينسابُ صامتا ً تنضب أعوامه الهزيلة فأذكرُ وحينما أذكر أنسى أنني قد نسيت لا أدري ولن ادريَ أتدري؟ كانت شذراتُ ربيعي تمرّ محشورة ً في قطار ِ العمرِ تلـّوح على السكة ِخلفَ بستاني وكل عام ٍ أوقد لعمري شمعة جديدة تغيظني تُرّقص لسانها وتهزأ ُ أطفأها.. أقتلها وأعودُ لأرويَ نـَورَة ودادك في تعاقب ِالمواسم
هناك أسراب للفرح مضت تـُحوّل جداولـَها عن أرضي ولست أعلم كم من قوافل مرّت يناديني الهودج وجارياتٍ على فرش ٍ وثير خلف ستائر من حرير وليل ُ قيدك يشدّني في خيمة الشَعر بالأرض.. بالوتدِ المغروس
متى ترحل ياجليدُ؟ لأثبَ كغزالة ٍ لخدرها تـُفارق.. وزماني يسلك للغفران طريقْ هل أطاول الجوزاءا لوطاف حلمي بجبل ٍ وأفلتت قبضتها عـُتمة واديهِ السحيق؟!
هذا فراشي الباردُ لم يدفأ يوما ً غدا ً ستجف شفتايَ فتعالَ قبل نضوبِ ما للقـُبل من رحيق يوم لا شأنَ لي ولا باع في عالم ِالجمال
شوقي إليك أصوغه انحته كمحارةٍ تـَكوّن هوذا زماني مُرابٍ كبير سرق العمرَ وحسابُ حقلي لم يطابق يوما ً ما للبيدرمن رصيد
قبـّلـت صندوق بريدك وشفتاي لأتربته ترتشف أتوسل الصنم أجثو على ركبتي أتلمس المعدن الصامت يا قبرا ً هل ماتت فيك كلماتي؟ خذ هذه آخِر رسالاتي سأحتضن ُالقطار وأهديه فضلة عمري.. على سكته خلف بستاني أنا ذاهبة لأقف
....................................
قرد وطين
يقولون: أزرق اللون محيط القبعة.. لا القبعة زرقاء ولا لون للمحيط ِ! رُبّ مدفع في تلك القلاع يقذف فقاعات الصابون فاختبئ ليحملني الموج نحو شُعَب مرجانية هنالك حيث باضت الإنسانية وكان أثراً لمارد وصورة أنثاه على البارد في الجليد وكانت البشر من أنثى وذكر بين قرد وطين!
شفرات أسلفها جدودي تمائم من غاص منهم في المناجم صخرة تهشم صخرة وأنا من هواة التصوير ألملم الشظايا تكممني الأحجية حول ساقية يدور الثور يبيعني اللون ويضيع مني القميص
أضواء ليتني أرتعش من بعيد لهالة لا تملك سوى خوذة تفزع العميان و نوارس تطير بلا أجنحة تتلو آيات أو تصنع آيات!
المشعوذ كان قرداً والقرد بالموز يحلم نهداكِ ثمار جوز هند يلبس قامته كعب حذاءك العالي يبتلع الريق ثم ينفث السم وحبل الغسيل ماءه أحمر يترنح بثوبه الأبيض الثقيل
لا تحاولي لا ترمي وصالك قدّامي في الحفر سنذوب أتحبينَ نوم الأواني؟ لا تقولي: حبيبي لست للحب راقت لكِ رفوفي ارحلي ستبتلعك الكتب شقوقها أنفاق وبحور وكل كتاب لك يمين هو لي يسار ولجدي عتمة ولأبيك نهار لا تلمسي السطور ففيها لغة العميان
من دخان الأرجيلة من عبث الأسفار أراها تتقافز نحو دراجة بمقعد جانبي شراذم أفكاري خذيني معك نحو كل معابد الأرض سنزور كل الأرباب غياهب الجواب قد نجد مرقداً للحب
ارحلي قبل أن أخترق ثقوب أذنيكِ قبل أن يسيل اللون ويتمزق اللحاء لا تركبي السرير هناك تركتِ خفيكِ كوني حافية لا تسألي.. أبدا فالطين لا يلوث طيناً والقرد عاراً كان على الأطيان
.......................
يتيم في مضارب عبد الله الفاضل!!*
غولٌ شدَّ خاطرالعالـَم شقّ ضفاف الرافدين فقالوا ..إجمعوه ورَقماً على طين الأزمان دونوه.. غفا الجامعون وصار الطين رُقماً مدفون شاهد هوعلى عصر ٍ تنصلت منه العصور
اليكم ياسادتي التقرير مواسم للصقيع تقلبت حمى على البادية تكالبت تقطع النخيل.. فسائل اليتم تناثرت في صحراءٍ وهجير
مزّق الجراد شرانقي الخضر فصرت أنا .. أنا اليتيم، في تمرغي، فراشة بلا جناح أحبو على كثبان الجوع تذرفني الرياح وتذري فلا تجفل ايها العالـَم وترسم حدوداً لقبري.. ِ أأراعك وجهي المبثور؟ أم تنوي حجريِ..
تلك خيام الطائي فيها.. يتيم العز لا لن يرجو زوّادة ً وشير وإن غادرته القبيلة بجدب ٍ وقيض مصير
أنا عبد الله الفاضل طوّق الذئاب خيمتي والحمى غزت مضاربي لاتحزن يا كلبي سيرحل الصديد أهلي انتم يا سادة القوم انا نجل الأجاويد فلن يبلى حبلي لا لن يتركني أهلي أوتادي تلك هناك وقهوتي لم تزلْ تغلي
رفاق نحن أنا والجدري والربابة بعزّتي شدوت النظم وعلى دهري العتابة ابتلت بوادي نخلي وأهلي..يـــــــــــاه أهلي (أهلي ما ألبسوا خادماً سَملهُم وفي قلوب العدو بات سم لهم)** (كرام يحيا اليتيم عندنا)** أيها العالـَــــم الممسوس فسيل النخيل.. لا لن يلبس سعفه اليباس فقد صوّرته نطفة الفراتين ومن نخلةٍ كان النفاس --------------------------- *عبد الله الفاضل..شاعر بدوي تركته عشيرته وحيداً مع كلبه (شير) ورحلت عنه وهو مجدور..لكنه نجا من الذئاب بعد ان دافع عنه كلبه الوفي الذي مات في المعركة.. وشفي برحمة من الله لكن وجهه قد شوهته قروح الجدري .. وكان أبيّ النفس ،شديد الفخر بأهله رغم رحيلهم عنه..وينسب له ابتداع أشعار العتابه **مستوحاة من ابيات العتابه للشاعرعبد الله الفاضل وهي هلي مالبّسو الخادم سملهم
وبكبود العدا بايت سم لهم
قصة قصيرة أنا وحماتي
إنهم يدعونني (نونو) ، وبالتأكيد إنه ليس حقيقة أسمي..بل هو كنيتي وعلى لسان حماتي! -عمتِ مساءا" يا نونو.. اذهبي يا نونو..أقتربي يا نونو ..لا يا نونو.. هذا هو أسلوب حماتي ، وسأقصّ عليكم حكايتي معها.. روى لي زوجي عن شخصية والدته ، أيام كنا نخوض تدريبات الحب قبل الخطبة. قال لي إنها مديرة لإحدى ثانويات البنات المهمة في بغداد . وهي ذات جوهر طيب للغاية وتتمع بمرح فائق يفيض بروح المداعبة وخفة الدم ، وأكد لي بأنني سوف لن أنفر من معاشرة وجودها أبدا".. وكم كنت أخشى الحَموات ، وأتخيلهن وهن ينسجن المؤامرات ، ثم يزعمن البراءة وقلـّة الحيلة ، ثم تأتي الدموع ويتصاعد نحيب الشكوى من عقوق الأبناء لو ألتزموا جانب زوجاتهن . كنت أتصورهن بلا عمل يشغلهن سوى قذف الأوامر وتوبيخ الزوجات على هفواتهن . وكل تلك الظنون تسيدت مخيلتي بسبب ما توارد الى مسمعي عن صيتهن في عدائهن الأزلي للزوجات . فعزمت على التعاطي مع من سأعيش معها بتيقظ تام ، رغم الصورة الجميلة التي رسمها لي حبيبي عن أمه .. وقع بصري عليها لأول وهلة يوم حضرت لخطبتي..وفوجئت بكتل لحم كبيرة متراصة تتنافس مع بعضها وتتصارع لتلتحم وتكوّن جسدها ، الذي كان يشغل مقعداً من الحجم الكبير ، في الصالة التي تزدحم بالواقفين من المدعوين.! وجرى ما كنت أخشاه..اذ ما أن شاهدتني هبّت لتنادي: (( يااااه ...كم أنتِ جميلة يانونو!!..)) ثم توالت الضحكات و القهقهات هنا وهناك .. _ ( نونو!.. ياللهول..أنا نونو!)...قلت أحدث نفسي حانقة مغتاظة.. وعلى الفور مزقت كلماتها مسامي ، لتتبخر منها حمم غلياني. فتلبدت سمائي بغيوم الغضب ، وتهاوت قطرات العرق لتهمر الوجه والجسد..قذفت ما في يدي من كوؤس عصير الضيافة نحو أدنى يد تناولتها مني ، وقصدت حجرتي غاضبة ، جريحة بكبريائي ممن وصفتني بالنونو..الصغيرة ، وأمام جيش من الموجودين.. لكن سرعان ما هدأت ثورتي بعد أن شرحت لي أمي صدري ، وأقنعتني بأنها دعابة من حماتي قصدت من وراءها التودد لي ولم تكن غايتها الإقلال من شأني.. تزوجت وتوجهت للسكنى معها..وتأكد لي سداد خطواتها في مسيرة حياتها من متابعتي حبها لعملها ومراعاتها له ، وقد خسرته آسفة بعد ذلك بسبب الزيادة المفرطة في الوزن التي حدّت من خطاها للغاية.. فتقاعدت عن الوظيفة . لكنها أبداً لم تكن تشعر بأن السمنة تشكل لها معضلة..!! ذلك لأنها ، ببساطة..تنتابها سلوكية طفل طوال الوقت نحو الحلوى بكل أنواعها... وتعشق التهام ال(شوكولا)!! لن تتخيلوا أبداً درجة إدمانها لتلك الاطعمة الحافلة بالدهون والسكر!..فقد كانت الحلويات تشكل لها وجبات أساسية أحياناً كثيرة ...لكن الغريب في الأمر إنها لم تكترث أبداً للعواقب المترتبة في التمادي بتناول الدسم من الغذاء رغم ثقافتها العالية..لذلك كانت مراقبة حميتها مشكلتي أنا .. فالقلق على قلبها بات يؤرقني.. ولأنها قد أكرمتني للغايه..صرت أحبها بلاحدود..وأخشى تقهقرعافيتها ، وكأنها والدتي . لذلك سرعان ما تحولت صورة الحَموات على صفحات ذاتي..ورحت أهرع اليها وأرتمي في أحضانها الدافئة لتصد عني مصائبي..فكم على كتفيها إنهالت دموعي ، وكم لجأت اليها حتى في ساعة غضبي من زوجي. كانت خريطة القلب مقلقه وأرقام(الكوليسترول) في تقاريرها المخبرية عالية ، فقرع لنا أطباءها جرس الإنذار.. فصممت وبمشاركة زوجي بأن نقيد شهيتها بأصفاد الرصد الدقيق وحظر تناولها لما يُجهد قلبها المسكين, الذي بات مرهقاً في عمله الليل مع النهار مع هذا الجسد الجبار . ورحت أُخفي قطع الشوكولا وعلب المربى وكل انواع الحلوى حتى عن عيون ولدي الصغير.. لكنها.. وكما أبلغتكم.. تبدو كطفل متلهف يبحث تحت ثنايا الأرض سعياً وراء ضالته المنشودة !. اكتشفت يوماً ، وبالصدفة ، إنها تمتلك كشكاً للحلوى وأتباعها في خزانة ملابسها ..بعد ان عثرت على قطعة من السكاكر بين أصابع طفلي . كان قد ابتاعها من جدتهِ ، بعد أن دفع لها الثمن.. قبلة حارة طبعتها على خدهِ !! خاطبها زوجي بأسلوب غاضب..وراح ينذرها ويحذرها ويصف لها شبح الموت..وصور لها كيف تغلق الأملاح مجرى المياه في الماسورة تدريجياً..وعلى غرارها ستقفل الشحوم مسالك الدم نحو القلب ليغفو بعدها غفوته الأبدية.. لكنها كعادتها ، تبتسم..وتداعب..وتتغامز..وتقسم يمين الوعد..وحينما يهدأ ويرحل ، تلتقط من جيب ثوبها ما تلتهمه بسرعة دون أن ينتبه اليها أيّ منا..!! كل الأصدقاء والأقارب يغرمون بروحها الجذلة..وكانوا في زياراتنا اليهم يحاولون إخفاء بعض الأطعمة عنها , لكنها تنتهز فرصتها كضيفة لتتخطى من خلالها شرائع الحصار المفروضة عليها..فتداعبهم قائلة: (أين نصيبي أيها البخلاء)! فتأكل ما ترغب وسط ضحكات الجميع. توالت الأحداث على بغداد..حرب بعد حرب..رعب بعد آخر..وهاجر أهلنا وأقرب الناس إلينا..والخطر يحدق بنا من كل صوب وحدب..وحماتي تسخر وتهزأ وتضحك بفرح يمدنا بالقوة والصبر.. الناس راحت تجمع من الغذاء تمويناً لها في الأزمات ..رز ..سكر وخبز و..و..ولكن حماتي تدّخر تمويناً خاصاً بها من الحلوى.. وبكل أنواعها المجففة والمعلبة والدسمة .. ثم ألمّت بنا ضائقة رهيبة تهدد أمننا..نصحتنا هي بعدها بضرورة الإلتحاق بركب النازحين نحو الحدود..فصحتُ قبل أن ينطق زوجي: (لن أتخلى عنكِ أبدا" يا أمي.. ولن أترككِ وحيدة) .. ثم...ثم...ثم.. إنني أقف الآن أمام ضريح حماتي ، وبيدي شمعة ، أوقدها لها منذ عامين..(بعد أن توقف قلبها في ليلة ربيعية باسمة) . وسأستمر في زيارتها ما حييت . يقف الى جانبي زوجي وولدي الذي وضع للتوعلى قبر جدته قطعة شوكولا..لأنها تحبها كثيراً..فستأكلها وستبتسم لنا .. ولايزال الناس يدعونني(نونو).. وأبتسم. .............................................
قصة قصيرة لست أعلم غايتي
لم تكن سماء حياتي بذات الزرقة التي تبدو بها سموات بقية النساء..إذ لم تزرني خطى السعادة بمعناها المنير يوماً من الأيام !. فقد كان ينتابني ، في خضم مسراتي الغزيرة ، ذلك الشعور الذي يوهمني بأن هنالك شيئاً ما أفتقده.! كنت أحيا في جنينة من الحياة الطيبة للغاية . لذلك فان من لم يخبرني جيداً، بدوت له طامعة بالكثير، أما من عاشرني عن كثب فكان يصفني بالطموحة ، لكنني في واقع أمري ..لا هذه ولا تلك !! فمنذ طفولتي كنت أهجس تميزي عن قريناتي ، إذ كان يشرق لي في أفق أمنياتي على الدوام مجداً جديداً أترقبه. وهبني الله عزماً خلاقاً وخزيناً لا ينضب من الصبر والمثابرة . لذلك أصبحت حياتي محطات متتابعة لرؤى طموحة للغاية ، لا يكاد أن ينجز أحدها إلا ليتلوه الأكبر شأنا ًوالأصعب تحقيقاً. نلت من شهادات المعرفة ما أعجز عن أستحضاره في ذاكرتي أحيانا !، حتى إنني أتقنت الألمانية والأسبانية ذات الوقت الذي كنت أسعى فيه لأحراز بكلوريوس الأدب في اللغة العربية !! حزت بذلك التفاني حب من بقربي ، وسعيت دون كلل نحو إسعاد الجميع . فقد كنت متلونة على الدوام في أفكاري قبل شكلي وهيئتي .غير إن كل تلك الجهود المضنية لم تربك صحتي ، بل صرت أرتدي أبهى نظارة بحلـّة تزهو بالإثارة. أحببت رجلاً، كما هو حال كل نساء الدنيا ، طالباً يسعى لنيل شهادة عليا في الفلسفة بجامعة بغداد التي كنت أتعلم فيها. كان يحمل قدراً وافراً من صفات فارس أحلامي .تصاحبه الطيبة والالتزام ،حساس الروح وطموح الأمنيات ، لذلك كان هو خيرة من عرض قلبه لي ، فأقترنت به غداة تخرجي. أقمت مع زوجي في مسكنه مع والديه وأشقاءه وشقيقاته ، فأضفيت بينهم روح السعادة التي أكسبتني محبة صغارهم واحترام شيوخهم ، فصار تغيبي عنهم يرسم فراغا واسعاً لا تشغله سوى عودتي. ولأن الكلل لايتمكن من أدراكي حتى بقرب وضعي لوليدي الأول ، عزمت على إتمام دراساتي العليا !. أما زوجي الطيب الذي لم يكن ليتوانى في تنفيذ أي إلتماس لي ، فقد أرتضى الأمر ، رغم قلقه من تزاحم فروضي التي كانت لا تمنح له متسعاً للانفراد بي غيرهنيهات وجيزة أثناء الليل . فعدت طالبة وأم في آن واحد ، ونلت الدكتوراه وأنا والدة لطفلتين جميلتين ، الكبرى تكاد تناظرني في كل شيء. تحقق لي قدراً عظيماً مما رجوته ، الزوج الطيب ، الأبناء الأصحاء ، التعليم بأسمى المعايير، أختبارالحياة بنطاقها الفسيح ، ومن قبلها حب النخبة التي من حولي . فأمتلأ الروض بأزاهير المنجزات.. لكنني.. لم أزل أشعر بطيف يمر أمامي ، ينبئني بأن هنالك شيئأً ما أفتقر إليه ، يؤرق منامي ، وكأنه قد جُبل مع طينتي ، يحفزني ويدفعني!!. لذلك صممت على العمل ، علني أجد فيه غايتي المفقودة.! عرض عليّ زوجي أن أتقدم للعمل معه أستاذة جامعية ، فكنت من أكفأ الأساتذة وأنا لم أتخطى الرابعة والثلاثين بعد!. ولأنني أحيا دوامة تامة تصل بي إلى الذروة لتعيدني إلى نقطة إنطلاقي ، وجدت نفسي أرجو من زوجي مطلباً كان الخوض فيه يشكل شأناً عسيراً عليه. لقد كانت خطوتي واسعة للغاية هذه المرة ، خطوة تغير مجرى إنسياب حياتي ، بل مستقبل عائلتي برمتها . لكنه أرتضى ،على مضض ، وتحت ضغط إلحاحي المتواصل ، سفرنا مع البنتين للعمل في إحدى الدول العربية ، إذ إنني كنت قد تباحثت ،عبر التراسل ، مع إحدى الجامعات هناك . وصفت له مدى حاجتي للسفر وحجم رغبتي في معاينة العالم عن كثب ،إضافة ً إلى الفوائد الماديّة والحسيّة التي كنا نفتقدها ، بسبب الحروب المتعاقبة وحصار العالم لبغداد . لكنني تمكنت من حمله على الطمأنينة بأننا سنعود أدراجنا حين تشتد رغبته في الأوبة إن لم يرتضه الحال هناك. إرتحلت العائلة ، وتغربنا لأربعة أعوام كنا ننتقل خلالها كل عام من جامعة في بلد إلى أخرى في بلد آخر. حتى حل بي ما لم يكن بالحسبان..لقد أعياني داء (الحنين للوطن) ، ذلك المرض الخانق الذي أرغم زوجي الطيب على الرضوخ لإرادتي في الرجوع إلى بلادنا ، رغم الخسارة الباهظة في الريع المادي الممتاز الذي كنا نجنيه ، ورغم طبول الحرب على بغداد التي كانت تقرع في كل مكان.. رجعت العائلة على أعقابها من رحلتها المكوكية...وعاد زوجي إلى سالف عمله..أما أنا فآثرت التأني آملة بالعثورعلى ضالتي! وفي ليلة ، كان زوجي قد أستضاف في منزلنا صاحباً له يعمل في ميدان الإخراج التلفازي عرفه في بلاد الإغتراب . وبعد أن تناولنا العشاء ، باغتنا الرجل باقتراح لم يخطر لنا على بال . قال لنا بأنه ومنذ زمن طويل يفتش عن من يتولى مهمة التقديم لبرنامجه التلفازي الجديد ، وهو يفتقد تلك المرأة التي تتصف بالذكاء واللباقة وتحوز جمال الروح والوجه . وأنه سيكون في غاية البهجة لرضاي على ترشيحه لي في اضطلاعي بهذه المهمة!. وكي لا أخفيكم سراً ، سأصدقكم القول بأنني كدت أحلّق بلا جناحين سروراً ساعتها ، لإدراكي بأنني قد وجدت ضالتي في النهاية . لكننا إلتمسنا منه إرجاء الأمر إلى حين حتى نتمكن من فحصه ملياً . فقد كانت مشورة زوجي ولكوني أستاذة جامعية فالأولى لي العمل ضمن نطاق دراساتي! لكنني أوضحت له بأن موضوع البرنامج يمس صلب ما أختص به وزيادة على ذلك فانني سأجهد لإعداده بنفسي . وكالعادة ، تحقق ما صبوت إليه إذ رحت ألج منازل الناس مرّة كل أسبوع وعبر شاشة التلفاز . فأحب النّظّارة برنامجي لمراميه الناضجة ، وطابت نفوسهم لتلقائيتي وحلاوة لساني . ثم توالت البرامج التي كنت أبدع في الإعداد والتقديم لها في آن واحد ، حتى بات النجاح رفيقاً دائماً لي يأبى مفارقتي ، لأظفر بعد ذلك بجائزة الإعداد والتقديم في مهرجان كبير ضج بتصفيق الحاضرين لي . فارقني النوم في تلك الليلة ، وأجهشت بالبكاء ، كنت حزينة وسعيدة في ذات الوقت ! وعندما فطن إلي زوجي الطيب الذي كان راقداً إلى جانبي ، راح يسألني متحيراًً: _أتذرفين الدمع يا حبيبتي في اليوم الذي صفق لك فيه الناس!!؟ أجبته وأنا ألوي رأسي كمن تبحث عن شيء سقط من يدها: _ لست أدري ياحبيبي..حقاً إنني غير مدركة لذاتي ! قد تعدني مجنونة ..معتوهة..أو إفترض عني ما تشاء..! لكن حقا قد آن لي أن ألجأ أليك لتنتشلني من الدوامة . إن الرعب من المجهول يصاحبني..يبدد سَكينتي ..أبصر غرباناً تحوم في سمائي ..تحملني على أن أتكهن بالسوء والشؤم كل لحظة ، أشعر أنني على شفا هاوية تروم ابتلاعي .أما السعادة فتأبى أن تطرق بابي إلا للحظات ، راحلة عني لتهجرني غارقة بكابوس جديد يؤرقني ويدفعني لأقيم ستراً جديداً أمام زوابع الزمن . فتراني قد حققت كل ما كنت أصبو إليه ولكن دون أن أصل إلى غايتي..سراب هي..تقصى كلما دنوت منها..لكنني أشعر بها دانية مني..حاضرة في حياتي..لكن ما هي ، وأين..لست أدري.. ساعدني أرجوك. عانقني زوجي الطيب كعادته بكل حنان مكفكفاً دموعي وضمني إلى صدره . وقال: _لا تقلقي يا حبيبتي فإني إلى جانبك..ولا منتهى لحبك في قلبي..وسأظل أباهي الدنيا بك على الدوام ،فأنت من بعث ببيتي السعادة ، وأنجبت لي أجمل طفلتين ، وبتفانيك طافت حياتي بالمنجزات....تتمين مهماتكِ دون ملل وبلا شكوى ، لتزرعي في قلبي حباً عاتياً ، صاحبته ثقة كبيرة بصواب رأيك الذي شغل موضع أجلالي ، حتى وإن كان فيه ما يخالف فكري.. إنني لست أذكر يوماً أن إصطدمت فيه رغباتنا..ولم تأبِ لي في أيّة مرة مطلباً ... إنني أشعر ألان يا حبيبتي بما تقاسيه روحك الباسلة..بل بما تكابده كل امرأة في هذا العالم ، إنه الشعورالأبدي بفقدان الطمأنينة الذي يرافق الفتاة الفطنة منذ الصغر..فهي تشعر بضعفها وهوانها أمام قسوة الحياة..تخشى عالماً قد يسحقها بقدميه ليتركها حطاماً هشيمأً . أشعل لفافته ثم أردف قائلاً: -لكنها ولكونها ذكية ، تسعى لتأكيد ذاتها كي تتجنب أية مباغتة يضمرها الزمن . لكن ليس كل النساء على عتبة واحدة من الحظ والغنى . فمنهن من تعيش حال قاس لن يؤهلها لتضع بصمتها على جدار الحرية ، فتنقاد لليأس وترضخ لمصيرها مستسلمة لرياح الزمن تقذف بها أينما ترغب. حتى إن تحالف معها بعضاً من الحظ ، فإنها لن تنال سوى المهمة الفطرية لأية امرأة ، في أن تكون وعاءاً لإنجاب الأبناء وحسب!! أما الضرب الآخر من النساء ، وأنتِ منهن ، تدعمها الظروف الطيبة في بناء درعها الحصين، وهو العقل ، الذي يعتق أسر قدميها ، لتقدم على تسلق السلالم الأولى من برج القوة . ثم تجاهد لإرتقاء الدرجات الأخيرة التي ما انفكت تستدعيها . لكنها مهما علت فإن نهاية السلّم ستظل بعيدة ! إنها السراب بعينه . وهنا تتضارب الأماني مع صخور الواقع ، فالطموح يمتنع عن وضع حد للمسيرة ، بينما الواقع يفرض إرادته ليحجب الطموح شاء أم أبى صاحبه! أتعلمين ما الذي يهلك الطموح يا حبيبتي؟ إنه التقدم في السن..فلست الآن تلك الفتاة الصغيرة التي تقف في بداية السلم ، لقد خسرتِ أهم ما تملكه تلك الصغيرة وهو عنصر المجازفة . إذ إنك الآن ستخشين الخوض في أيّة مجازفة لئلا تفقدي ما أتممت تحقيقه . لكن ذلك لا يعني أنه على من تقدمت بهن السن أن يحل في نفوسهن االيأس..بل على العكس..فإنهن في الحقيقة على موعد مع مهمة أصعب وهي السعي لرعاية ما أنجزنه في السابق.. فأستكيني يا حياتي فمهمتك القادمة هي صون ما تم أنجازه ..وهو الكثير.. وأنتِ لم تتجاوزي سن الأربعين بعد. كان يداعب بأصابعه خصلات شعري .ورأسي لما يزل متكئاً على صدره فنمت بهدوء . ونشبت الحرب..وجلسنا نرقب التلفاز بذهول كيف أن دبابتين أمريكيتين توسطتا جسرالجمهورية في قلب بغداد لتسقط البلاد كلها سريعاً..وبات الرعب حولنا في كل مكان.. وبعد أشهر معدودات ، وبينما كان زوجي يقود سيارته في درب عودته إلى المنزل، جرى له حادث رهيب في إنفجار سيارة ملغومة ، فأسعفه الناس إلى المستشفى حيث نُفذت لرأسه المهشمة جراحة خطيرة ليدخل المسكين إلى صالة الإنعاش. أصابتني إغماءة إثر سماعي نبأ الحادث عبر الهاتف من أحد رجال الشرطة . لأستفيق اثر مساعدة إبنتاي لي . غادرت بملابسي المنزلية لأقود مركبتي دون وعي باتجاه المستشفى . كان الرعب يتملكني..أحسست وللمرة الأولى بأنني في قلب الخطر الذي كنت أترقبه وأخشى حلوله طوال حياتي فامتزج ذلك مع إحساس كبير بالندم !. وضعت رأسي برفق على صدره الذي كان يعلو ويهبط كمنفاخ الحداد..توسلته أن يصمد..ورحت أتضرع لربي بحرارة لم أناشده فيها قبلاً بأمر تعلق بي . رجوته بأن يبقيه لي . عدت أحثه على الصمود..ثم صليت من جديد.. _لا تسترد مني يا رب ما كنت أفتش عنه طوال حياتي..إنه درعي الذي أتقي به عاديات الزمن ..هو من كان يمدني بالقوة..إنني... .......بحاجة إليه ..إليه فقط. بكيت كثيراً ..وهو لما يزل يتنفس بصعوبة..كانت الإبتسامة الأبدية التي ترتسم على شفتيه على حالها وكأنها تهون كعادتها الأمرعليّ..ورحت أقبّل تلك الابتسامة لأمدها بالحياة من حياتي.. _تكلم إليّ أرجوك..لا تتركني. لكنه لم يجبني، حتى أنفاسه كانت قد كفـّت . وانطفأت تلك الابتسامة المطمئنة التي أمضيت حياتي وأنا أغفل تاثير سحرها في سمو ثقتي بذاتي ... فمنها كنت أستمد قوتي ...كانت معي ، لم يبخل عليّ بها يوماً ، ضاعت
.............................................
قصة قصيرة حب واستقالة
في تلك الليلة الماطرة ... البرد يعلن سطوته وتهزأ الريح بأغصان الشجر لتصارعها بجبروت طائش .. قسوة الطبيعة تزامنت مع قسوته عليها .. فتعاهدتا على إخضاع كرامتها. وصلت بوابة سور قصره مذعورة .. وترددت متحيرة في الدخول وأختراق المجهول. بينما جلس هو على الأريكة البيضاء منتشيَّا بكأسه وحمّامه البخاري، وراح يتنقل بين قنوات التلفاز، ليتتبع خبر الثورة في بورسو* هنا عاوده صداع أمانيه المزمن في أن يعود ليسلك الطريق ذاته منذ مطلعه..في أن يكون هو أحد هؤلاء الثوار ويبدأ مشوار ثورته من جديد. عاد بمخيلته إلى مبادئه التي حملها على كتفيه كطفله المدلل طيلة سنين الدراسة , إستحضر مواهبه في شدّ إجلال زملائه له ، وكم تنامى حينها وعيه برجولته أمام ذاته الحرّة.. أما كانت عدالة جرأته تمد الملهوف نجوى المشورة والمعونة؟ حتى بات، وهو المحاميّ البارع، يدافع عن حقوق الشعوب المقهورة، لتعكسه المرآة بطلاً يلبسه الفخر والزهو لأنه هو.. العفيف والمتجرد ..الثائر، الجليل. إنه كان يترجم بلاغته الثورية إلى مُعطيات ، هازءاً بالشر وأنماطه ألوضيعه لدى الخونة والغادرين . لكنه الآن قد تسيّد وأستبد، بعد أن كان الهارب المطارد ، وصادرالحريّات بعد أن نأى عنه شبح المعتقل وأمن شر التعسف. إجتهد في تصوير مخيلته بألوان السراب ،ليبرر ويداوي وجع الضمير بأن الحزب مصدر الأوامر ، وهو مناضل وعليه الإنصياع لرؤى الرفاق الأعلى .. في البدء ألبسه سرابه حلّة قوس قزح بمنظور الأوامر .. ثم راحت تتلاشى حدودها مع حدود سيل الرغبات وجموح النفس للسلطة . فمضى يصادر ، بسبب أو بدونه ..مساكن وممتلكات الناس حتى تخمّر قناع السلطة على وجهه، ولم يعد يراه أمام المرآة . تذكر سيناريو المسرحية التي قرأها يوماً في مطلع شبابه لسارتر .خطا نحو مكتبته وسحب الكتاب ، إنها (الدوامة) . وقرأ ما كتبه من هامش يومها على الصفحة الأولى خلف الغلاف .. سطـّر آنذاك : (لايمكن لي أن أصدق موت الثورة على كرسي الحكم .. لا ذريعة تبرر ذلك ) كان قد كتب أسمه ووضع التوقيع . لكنه الآن يبرر .. العبارة التي خطـّها منذ سنوات أصبحت صكّاً مُلزماً عليه.. بينما هو الآن يسخر من كاتبها ، يبغض ذكراه يتمنى لو انه لم يعرفه يوماً ،فتمادى في تجاهله. المرء ذات المرء .. الجسد نفس الجسد .. ما سرّ تبدل العقائد ؟! الروح لا تتجزء، لكن ما تحوّل هو العقل .يتمكن الإنسان من أن يجعل عقله خزانة يضع فيها ما راق له من بنات أفكار , ويزيح عنها ما يرغب . لكن يعلم بأن خزانته القديمة كانت أكثر تنسيقاًً وإنتظاماً، رغم بساطتها،من خزانته الجديدة ذات المقابض الذهبية والطلاء الفاخر وأبوابها المشغولة بنقوش من الحقبة الإستعمارية . كان كلما تلاطمت في بحر ذهنه أفكار الماضي بحاضره،يقاسي،يكابد،لكنه في النهاية يجد ما يُسكّن العاصفة بيسر، ويتمكن من خنق الصرخة الدفينة براحة تامة . لكنه هذه الليلة ، يسعى للفرار دون جدوى . فما السر؟ أهو خبر الثورة والثوار في بورسو.. أم مجيء حبيبة صباه إليه الليلة . الحبيبة التي تمنى أن ينال قلبها ، وأن تكون زوجته ، الحبيبة التي رفضت الاقتران بالمجازفة وأحجمت عن الزواج من سياسيّ ،يُعتقل كل يوم ، ومنتهاه نحو مفرق دربين..حبل المشنقة او تحت عجلات سيارة مسرعة في طريق مظلم . ترجته ان يكون زوجها لها وحدها ، لا ملك جميع أفراد الشعب ، يرقد في سريرها لا مختبئاً في زوايا مجهولة . إنها لم تعتزم الزواج من ميت.. فلو كان طيباً قتله الأشرار ، وإن كان شريراً أماته الطيبون . رفضت حبه رغم محاولاته المتعاقبة.. وفي النهاية تزوجت الأستاذ الجامعي . اليوم هو في قبضته , معتقلاً في أحد سجونه الواسعة الانتشار ، ويمتلك الفرصة المؤاتية في الثأر لنفسه ، وها هو قد تمكن من إرغامها على القدوم إلى سريره ، أبرم معها الصفقة المُلزمة للإفراج عنه بعد أن اتصلت به عبرالهاتف .. وبعد توسل ورجاء، مصاحباً لصوتها البكاء،قال لها بنبرة المتشفي : -اليوم أنتِ في سريري ..غداً سيكون هو في سريركِ.وافقي على العرض..لن تندمي. جلست في صالة الضيوف ، ترتعش مرتعبة ، تلتمس دفء المكان . بينما راح الخادم الشخصي يخبر سيده بمقدم الضيفة . همّت الجميلة واقفة حينما ولج السيّد الى الصالة ,لم تتبدل قسماتها .. تطلّع إليها وتذكر وجهها البريء في أول نظرة منه سقطت عليه، النظرة التي أشارت له بأنها حب حياته..وقررت بدلاً عنه انه لن يحب بعدها امرأة أخرى..وتذكر الحب .. الحب .. الحب . من الجائز ان ماتت فيه مشاعرالمناضل الثائر ..بعد أن تحول الى حاكم..لكن مشاعر الإنسان لم تزل تحيا فيه..كانت تراوده بين الحين والحين..فتخنق صوتها البريء متطلبات السياسة وإغراءات الرفاهية .لكن الحب ..وحده من يحررها.. ونبله فجر صمام الأمان.. رفع سماعة الهاتف ، تلمست أصابعه مواضع الأرقام وحيّا محدثه قائلاً : - اطلق سراح الأستاذ الجامعي فوراً . نادى الخادم وقال له : - ليوصلها السائق .. فوراً .. حيث ما تشاء . دخل غرفته وكتب الأستقالة . ==================================== *بورسو: مدينه من خيال الكاتب
>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<
قصة قصيرة أصابع خفيه علا بصري نحو ذلك المربع المشوَه الصغير،المحفور بأهمال في ذلك الجدار العالي . إنه جنتي.. وهو سقطة حنان إجباريه للسجان ليحافظ على حدود الروح التي يحتجزها،ضمن مرتبه قريبه من قبضة السماء وذات الوقت دون خط أفقها بلمسة خيط.. وها هي اليوم،نافذتي، تلفازي الصغير، المدرّع بالقضبان ، يعود قرب موقعه بعد ان كان منذ أيام عند الزاويه..وقد تحرك لنقطة أوطأ قليلا في الأمس. ليته يثبت في مكانه الدائم ،أيام مرت ولم يظهر الطاووس على شاشتي ..ولا غنى لي الكناري..حتى الطنّان رحل ولم يعد. سخر مني الحارس عندما حدثته عن زواري . تركته يهذي بان تلك المخلوقات لا وجود لها في بلادنا، وليس في سمائنا مسلك عند هجرتها. أنه غبي كسيده المحقق ذو الذقن المدببه والأنف المعقوف الذي لايتوانى عن نبشه بأصبعه الأبله. هو دون شك تمكن من أقناعي باني كلب وأبي أيضا كلب مثلي، لقد جعلني أؤمن ببديهياته !،بركلي على وجهي، بعدما تجرأت و شككت في نظريته بأني أنسان. أما نظرياتي فهم يسخرون منها!!.. لذلك سوف لن أتحدث اليهم بعد الآن عن مشاهداتي..كي لا أمس الذات الألهيه لذكائهم وشريعة تكامل فطنتهم. (أيها الحمقى لماذا لا تصدقون أنني احبكم؟!).. قلتها للحارس وهو يلوح بآخر أظفاري الذي قلعه للتو أمام عينيّ الدامعتين.. (حمداً للسماء ..ها قد حلت ساعة راحتي من آلآم عذاباتي ..لم يتبقَ في جثتي أظفرٌ لتزيلوه). أجابني وهو يُطقـّطِق بفكي الكمّاشه، بأن سيادة المحقق لن يقف عاجزاً ..وسيأمر بأزاحة أسناني عن فمي أن اقتضى الأمر. ها.. ها.. ها..ليتهم أبتدأوا بها..فيها ما هو خرب ومنخور..ياه من ألم العصب الظالم..هيا ..فليقلعوها وما حاجتي لها ولا طعام صلب قد زار معدتي من شهور؟!.. لن أبوح لهم بأن الأيادي الخفيه زارتني بالأمس..أكف تتحرك دون أجساد!!..لن تتخيلوا ذلها وهوانها وكيف ان أصابعها ترتجف وهي ممسكه بقضبان شاشتي ترجوني أن ان لا أكشف أسرارها.. تحديتها ..نعم..كيف لا وهي سبب وجودي هنا..فأشارت لي بالسبابه محذره ومنذره ثم شاتمه. نكّست أبهامي مقلوبا للأسفل..وراحت سبابتها تزمجر وتتوعد..ليتها قرب أسناني لقطــّعتها .. ياه ..يالكراهيتي لها..تلك الكفين النجستين..لا رغبة لي في رؤيتها بعد الآن. سأترجى الحارس..وسأقبّل قدميه كي يحشو لي الشحنات في جانبَي رأسي.. ياه ..كم وكم هي حاجتي ملحّه اليها.. لأني أتمنى لو عدت ثانية لرؤية الكناري والطاووس والطائر الطنـّان.. أنا..أنا ..ياربي. أنني حقاً قد أشتقت أليهم.. لن أثير غضبهم بعد الان ولن أصرخ مدّعيا البراءه.. فلطالما كنت خارج السجن صامتا..ودودا..منحنيا للجميع ، فانني قد تركت بصماتي على سكين الادانه. ان صراخي الأن عقيم الجدوى، كنحيب حمامة عالقه بين مخالب نسر .. كنت احلم بالوطن..وما جدوى الأحلام في احضان الأسرّه الدافئه؟..اتأمل الحقيقه الصادقه..وماذا لو تجلـّت لي؟.. انني كمن يبحث عن أمل خلف دليل صحراء.. تركني أهيم وحدي وراح يضاجع خوفه.. لا جدوى.. سأتوسلهم اليوم أن يعودوا ثانية ويوصلوا الى جمجمتي التيار المكهرب ..لتعود للعمل شاشة تلفازي..في ذلك المربع..جنتي.
>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<
قصه قصيره
مجنونه لكني احبها
أن تحب ..فذلك غاية في الروعة وأطيب ما ترتجيه من منى..فعندها ستتبدد حيرتك وتستدل أشواقك طريقها وتبرد نيران شجونك ..وبالتالي ستحمد الله على هذه الهبة..لكن الحبيبات يا صديقي أنواع..ولا اعلم إن كنت قد خضت غمار حب امرأة رياضية أم لا.. فالأمر هنا سيختلف معك حتما ..وخصوصا لو كانت الحبيبة مهووسة بكرة القدم .. فخطيبتي يا سادتي الكرام ليست حائزة على بكالوريوس تربية رياضية وحسب ،بل هي لاعبة المنتخب الوطني بكرة القدم للسيدات..ومجنونة..لكنني احبها..بل وجاهدت جهاد الأبطال للفوز بقلبها و..بلقب الخطيب والحبيب..لقد خضتُ معها مباريات صعبة للغاية كانت دائما خارج ارضي وبعيدا عن جمهوري..لا تتعجب من أسلوب حديثي واستخدامي للغة الرياضيين في الوصف والتشبيه ..لانك إن جالست بناءاً فمن البديهي أن يتطاير من حديثك الحصى والطابوق، وان صاحبت نجاراً فستتعلم (ضرب المسامير)! فما بالك وأنا أعاشر معلقاّ رياضياّ لا يستطيع أن يجاريه حتى الكابتن القدير(مؤيد البدري)!..المهم.. إنها لم ترضى بي لأنني طبيبا ميسور الحال وسيم المحيا، ولم يشفع لي عندها إنني احبها لدرجة العبادة ..ولا حتى صداقتي الحميمة لأخيها الكبير..بل إنها لم تتكرم علي بموافقتها المشروطة إلا بعد أن اثبتُ لها وبرهنت بما لا يقبل الشك بأنني رياضيٌّ وامتلك رصيداً هائلا من الروح الرياضية الذي يؤهلني دوما لتحمل أخطائها التي قد ترتكبها ضدي حتى وان كانت في مناطق الجزاء!..وقبل ذلك كان علي إزالة (الكرش) عن بطني بعد أن ألقت علي درسا مخجلا عن الأسلوب المناسب للقيام بذلك .واهم ما في الأمر كله توجب علي أن أكون من مشجعي نادي الزوراء بناءا على نصيحة من أخيها الذي عاونني كثيرا في فهم طبيعتها المجنونة ..لكنني رغم كل شيء احبها.. انك قد تعجب وتسألني لما كل هذه التضحيات ..وما الذي ترتجيه منها ؟ أقول لك انه ليس الحب وحسب.. بل انه عشقي المجنون للمراة المتميزة ..المرأة التي ليست لها شبيهة بين باقي النساء..أعجبني اهتمامها بمجال تخصصها وبهرني توترها الدائم طيلة الأيام التي تقام فيها مباريات كاس العالم أو دوري الأندية العراقية..فتجدني أسوغ لها هذا القلق واجد لغيرتها على منتخبها أو ناديها المبررات..أفلا يتشنج المحامي أثناء مرافعاته ؟ألا يؤنب الطبيب مريضه المهمل لصحته؟أو يثور المدرس لو ارتكب أحد تلاميذه خطأً في أمر بديهي ..هي أيضا كذلك.. فتراها وتكاد شرايينها أن تتطاير خارج جلدها الشفاف..تتشنج..تعض أصابعها..تقضم أظافرها.. أو تلوي رأسها طربا لكل تمريرة كرة جميلة..ثم تطير في الهواء مع كل هدف جميل.. انك قد ترثى لحالي لو علمت بأنني علي أن أنسى إنها خطيبتي في اليوم الذي يلعب فيه نادي الزوراء .؟ بل علي أن أنساها تماما ولأسبوع كامل لو خرج(النوارس) خاسرين في تلك المباراة ..مجنونة هي ..لكنني احبها. رحت اهتم بالرياضة وأهلها..وذهبت بصحبتها ذات مرة إلى ملعب (الشعب) رغم نصائح وتحذيرات شقيقها الذي كان يصحبها دوما إلى هناك . وكنا على المدرجات جنبا إلى جنب ارقب تصرفاتها الطفولية البريئة وهي تهتف لفريقها وتهزأ بالفريق المنافس..كنت في عالم وهي في آخر..تحلل المباراة ..وتضع الخطط..تلوم المدرب الشيخ (عمو بابا) ثم تمتدحه ..تتحدث الي ..(لاحظ.. انتبه إلى ذلك اللاعب ..راقب الحكم)..لكنها في الحقيقة لم تكن تراني.. الناس يتابعون نشرات الأخبار والأنواء الجوية من على شاشات التلفاز وأنا صرت أترقب (رسالة الدوري) ..فمن خلالها اعلم جو حبيبتي ومزاجها..وعليها اعتمد في تصرفي..فان خانني الحظ وخسر الزوراء فعلي أن أعيش حالة حزن كاملة وان أطلق لحيتي وأن لا أتعطر خوفا من خرق حالة العزاء وجرح المشاعر..أما لو تحققت دعواتي وصلواتي لله تعالى وفاز ناديها الذي هو غريمي ومنافسي في عشقها..فسيكون ذلك اليوم من أيام سعدي لأنها حتما ستتصل بي وتقبّلني عبر الهاتف وتطلب لقائي فورا. أقمت صداقات مع كل لاعبي الزوراء ابتداءا بالكابتن( سلام هاشم) وانتهاءاً بالجالسين على مصطبة الاحتياط..كل ذلك من اجل أن تسعد حبيبتي..وكنت سأفعل اكثر من ذلك ..فلو كنت غنيا لاشتريت من نادي (ريال مدريد) (رونالدو) و(زيدان) حتى اضمن فوز الزوراء الأبدي الذي لا سبيل إلى سعادتي سواه..لقد أصبحت مجنونا..أتعلمون لماذا؟ ..لأنها مجنونة..ولكنني احبها.. رحت العب كرة القدم من جديد بعد انقطاع استمر ابتداءاً بدخولي كلية الطب..وبدأت احضر التمرينات مع الكابتن(سلام هاشم)وبعض الأصدقاء بعد دوام العيادة ليلا..لكنني وفي أول محاولة للتهديف أعاقني حارس المرمى بعنف ليصيبني في ساقي التي وضعت بالجبس لشهر كامل ..لا تستطيع أن تتصور مدى لهفة حبيبتي عندما سمعت بالخبر..إنها فخورة بي وكأني جريح أخلوه من معركة كرامة..ورحت استمتع بمواساتها لي وأنا طريح السرير معلق القدم أقص عليها كيف إن حارس المرمى واسمه( منفي) تعمد إعاقتي، وقبل ان أتم حديثي قاطعتني صائحة:(أتقصد الحكم الدولي سعد منفي.. انه من افضل حكام الكرة في العراق..انه لا يرتكب أخطاء حتى ولو في تمرين..لابد انك قد تسببت في مزاحمته أولا).. تصوروا..لقد جرمتني وبرئت ساحة الحكم..مجنونة هي..لكنني احبها. اكتب هذه السطور ألان وزوجتي ،التي كانت لاعبة كرة، قد اصطحبت ولدينا الصغيرين إلى منزل ذويها قبل ساعات غاضبة بعد أن هددتني بالهجران لأنني استيقظت من نومي ثائرا عليها وهي تلعب بالكرة مع الولدين في غرفة نومنا..طفلة هي ومجنونة.. اعذروني علي الذهاب لاسترضائها فلا رغبة لي بالحياة دون حنانها وبراءتها..ولا طاقة لي لتحمل عدم رؤيا جسدها الرشيق يتنقل في أرجاء مملكتها الرائعة ..وهي سترضى حتما لان روحها رياضية..وأيضا لأنني سأشتري لها جهازا للألعاب الإلكترونية لتلعب فيه كرة القدم مع ولدينا اللذين ورثا جنون الكرة عنها.. >>>>>>>>>>><<<<<<<<<< أنا العرّاب.. أيها السمك الصغير لا تخشَ قسوة أنيابي فجلّ فرائسي لا تخمد شهيتي ولذتي في أبتلاع ما طاب أنا العرّاب..
سلوا داروين عني في أرتقائي أنا الأصلح ونشوئي أعجاز في الأسباب حجاجكم أنا فلتنحني لسيفي الرقاب أنا العرّاب ..
أنا شمسكم وسيد الأقمار نجومكم فـلكٌ في سواري درب التبانه روّضته لتمتطيه جحافل الأسياد فمن تمرّد نالته الشهاب أنا العراب..
هلموا احصوا معي واحده ..أثنتين..خمسين يا أذرع الأخطبوط ينقصكِ ذراع هيا..أكملوا..أحدى وخمسين لنجومي وهبت عوائها الذئاب أنا العراب
+ + +
أيها القرد المنمَّق أرسم خرائط الجوع أربح العالم وأخسر نفسك وأركن حكمة يسوع كم عاصفة أطاحت بالصارية على الربّان انا الانسان..
تتلون الحرباءعلى الباسقات فيندى جبين الأغصان من ضيف نخر اللحاء وشققت مخالبه جذع الرجاء فبات زهرهُ بلا ألوان أنا الأنسان
عفاك.. لبست ثوب المارد أأغوتك القنينه؟! أحذر ختم السندباد في بحره ستكون رهينه حتى نضوب الأزمان أنا الأنسان..
في قريتك الصغيره أنا غاندي المسكين بقبضتي ملح أرضي وفي يديك السكين أبدا.. لن يفسد ملح الايمان أنا الأنسان..
تدعوني لمراثون عــَدْوك فأبحث عن قدمي المبتوره والديمقراطيه المشهوره تسرد لي قصص الأطفال أغفو فأحلم بالأمان أنا الأنسان..
بين يديكم أضبارتي جوادٌ أبيٌّ أمتطاه الفرسان حروبكم هشمت حدوتي وطوق حصاركم أثقل صهوتي رصاصة الرحمة تـُنهي ألم الحصان فأنا الحصان.. ===== في رواية "العراب" للروائي ماريو بوزو قصة الوجه الثاني لتسمية العراب التي نعرفها..والعراب هنا هو زعيم مافيا لها نفوذها وقوتها. هذا الرجل الذي هو فيتو كورليون، طاغية وزعيم يقود امبراطورية مترامية الأطراف . قاتل(يتشح بالطيبه) يمنحك صداقته، ولا أحد يجرؤ على رفضها أو مناقشة حدودها..وان لم تكن معه فأنت ضده.فهو يقتل لك عدوك شثت أنت أم أبيت .. لكن هل القتل هو الثمن المناسب لتحقيق العدالة؟!. >>>>>>>>>>><<<<<<<<<< تعويذة النحس أتلومني يا نوستراداموس؟ لا.. لن أتمادى في نبؤاتي فتعويذة نحس دفينه تحجب أبراج سماواتي
لأنه مدوّر مثل المدوّره القمر نومّه المنجمون أصابع ساحر مكوره مرت عليه ساعة جنون
أرض جديده..وصخرتان! تسقط على جانب بدهاء ومن جانب الارجوحه الآخر سيقفز الوالي للسماء
مع نسمة الأعصار الأولى يعجز تشبث الورق اليبوس وتتوسع الحدود ليدخل الفـُُرس والعرب برج النحوس
الأطلسي يغمر البساتين ويصبح البحرالأحمرأحمر بدم نهرين ثم يفيض ليقلع الأرز مع النخل الأسمر
يتشظى اللحم الدنيء ويخترق ثياب الحمل الودود وستبقى عين الشاة المذبوحه على برسيم الوعود
يبصق الخنزيرفي المكان المقدس ثم يتسلق الملويّه نجاسته تثير فتنه غبيّه تصهر رياحا جنوبيه وغربيه
ولازالت الأفعى تحمل نايـاً على نغمها يتراقص الحاوي! سمك التونه يتراصف في عُلبهْ قبر لطوائف الههم سماوي
لكن الرؤى الأخيره تكتمل ليشعل البرق قنديل الأيمان ويكشف سر تعويذة النحس الأبن يتبع الأب لتتبعهم العقبان
سيعبر ظل الله فوق الناقوس والمئذنه والسلام يشرق من خلف الدهور سيحمل العدّاء الاخير شعلة أثينا نحو مدينة المنصور
أبن الجبل سيد أرضه وستعود السفن لميناء المربَد نسائم الغربيه تبث عطر البن.. بهيل الجود مُلـَبـَدْ
سيقتل أسد بابل مارس يعضده الثورالمجنح وآشور وعندما يصحو القمر المأسور سيقدم البابا حاجّـاً الى أور >>>>>>>>>>><<<<<<<<<< مزقتُ ثوبيلا تُلهِِِِبُ قصائدي شمعها,فعينيكَ..من دونها لن أتوقدْولا بَِوح لسر كلماتي,على شفتيكَ..وحدها صداي يترددْحدودك ترسمني وللناس أبدو,ان حزنت..فبدموعك أغتسل وأتنهدْيذوبني سعير نزواتك,بالجحيم..أنبأتني الرسل فأتوعدْزُهد الحياة سِفرُهم,بينهم ..وبين الخطيئه أترددْلاتقتل لاتسرق لاتزني,خطاياك..منك ومنها برائي يتصددْشؤونك ترهقني,كفروضٍ..أكافح وصبري يتجهدْتبرد..أمرض،ويحار من حولي..تسخن..أبحث عن ظل..أتبردْينضب ماء الكون ،أقلق على شعرك,اأظفره..ألمّه..أم أتجردْوجهك للمرآه ينذرني,عشيبات عطور فساتين..أًًجَمّلُكَ بنقودٍ تتبددْأيها المُكابر..دُنبوس يلدغك,تتلوى..لو مزقتك ثوبا" فسأسعدْ
عُشاقكَ لكَ يسجدون,يتذوبون شمعا"..وأنا اِلهٌ لا عابدَ بهِ يتعبدْهو الله انا نفحةٌ منه,وانتَ صلصال..يهرم يذبل يتجعدْفي الشرق البعيد يتأملون،مِنكََ أنساب..وبعصفورٍ او شجره أتجددْ
يا لمصيبتي..وهول بلائي,قدري..اني بكَ وحدكَ أتولدْ>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<
عاشق ودخان حضوركِ سحرٌ وغيابكِ شهوه زئبقية ٌ العهد..آنية الرجاء تغفو لتطل لوعتي كل الف نبض أرتحل وناء تلبس حدادها قهوتي أتلوى لولم يحضر الترياق
يا حارقة روما ورفيقة نيرون تأريخك جنون وغباء تحرقني جمراتكِ لتطفيني اوليس الكـــَي داء ودواء؟ تلهبي صدري ثم أشتاق أقبلكِ فأخمد نارالاشتياق
كم راوغتُ حنين شفاهي.. تسقم نفسي وأسقم حد البكاء روحي اليكِ دون وعي تنقاد كأمعة تروم رضا الأولياء فبئس... كرامتي تنساق وبئس عقم الأنسياق.
نبيذكِ في جراب سليمان عتقتها السماء فتسكرني ..لو كنتِ كأسا أكدّ قضبان الوباء وانثر في كل بحر شظايا لونبتت تنحرنياق
قـُبلتكِ تلوّن شَفتيَّ سمرة" .. أمتصُ رُوحَكِ فيذوب اللقاء بين أصابـعٍ تلونت بصفرة موت كرائحة الدواء لست أدري أحتوتكِ قبضتي أم انت من أحكم الطياق
سفن القير لوثت شطآني وارتدت نوارسي سواد العزاء جَهُدَ حكيمٌ في طبها تمرسَ لينقذ بعضاً من حطام الميناء لكن السرب أضاع نَسْقه وما عاد صفه حسُن السياق
ياغانيه .. سَعُدَ ذو شرفٍ اذ سَلِمَ غوايةً حدّثتهُ عنكِ ساعة بلاء ثمنكِ تذكرةٌ لقبرٍ بدراهم تسقمين حشاشتي كرصاصة بيضاء ما هانت لقطبٍ كرامتي وحبل رقكِ حول عنقي ضياق
سرمدية السطوه.. ملفوفة العود كثعلب مساء عيناه أختين منكِ تبدو في عتمة الليل حمراء أهيم في سحابكِ نشوةً قد طالت غفوتي فهل من فياق ؟
قصة قصيرةأحببت امرأة دميمهتزوجت مبكرا كعادة أهالي الريف،وكان والدي أحد الأعيان من مالكي الأراضي. ولأنني وحيده الذي أنجبه بمعجزة بعد تسعة ولادات من الإناث ، قرر زواجي من إحدى بنات عمي تماشيا مع التقاليد السائدة وتقربا إلى عمي الذي يشاركه الثراء!!.لقد كنت اعلم، بالغريزة طبعا، بان رفضي لهذا الاقتران سوف لا يجلب لي إلا رياح الغضب العاتية من كل صوب وحدب،ولصغر سني وقلة تجاربي وتلهفي للزواج كأي مراهق يعيش في الأرياف .. تزوجتها على الرغم من قبح وجهها.لكنني ومنذ الطفولة كنت دوما اشعر نحوها بارتياح بالغ فتأملت أن يستمر هذا الشعور إلى ما بعد الزواج رغم عدم كفايته.ما أثار دهشتي هو إن ابنة عمي كانت تحبني للغاية وهذا ما كان باديا عليها في ليلة زفافنا ،فقد كانت كتلة من الحنان ممتلئة برغبة جامحة نحو إسعادي بأية وسيلة متاحة.لقد التصقت بي تماما على مدى الأسابيع الأولى من زواجنا فلا أكاد انطق بحاجتي لأمر ألا وكان قد نفذ أو أوشكت أن تنجزه .لقد كنت مندهشا للغاية من قدرتها الفائقة على دراسة رغباتي من خلال قراءاتها السريعة لنظراتي وملامح وجهي.إن حزنت ،كنت تراها تحوم حولي كعصفورة حارت في سبل إنقاذ صغيرها الساقط عن العش،وان أصابني الفرح كانت دعواتها لي بدوام السعادة لا تنتهي .كانت تملك أناملا سحرية تقودني فورا إلى النوم في ليالي الأرق، ولا اذكر بأنني تحممت أو ارتديت ثيابي أو تناولت طعامي دون مساعدتها .إنها باختصار شديد كانت مثال الزوجة الصالحة. ورحت احمد ربي لتفضله علي بالعوض عن قبحها. أو تستطيع القول باني كنت قانعا بها لعدم رؤيتي جمالا حقيقيا عن قرب في قريتنا،إذ إنني كنت أصاب بالخيبة لدى مشاهدتي لجميلات المدينة في زياراتي القليلة أليها، لكني سرعان ما أنسى هيامي بهن فور عودتي إلى قريتي وانشغالي بالعمل في أرضنا الواسعة!!. لم تظهر بوادر حمل على زوجتي خلال السنة الأولى وبدت إمارات الغضب على والدي الذي كان ينتظر حفيده ببالغ الصبر. فراح يحاصرني بأسئلته شاكا بعدم قدرتي على الإنجاب. وعندما تأكد من مدى اكتمال رجولتي أصر على سوقي إلى أحد الأطباء المعروفين في المدينة لأجراء التحاليل اللازمة والتي أكدت باني قادر على الإنجاب . وفي تلك الأيام قرر والدي تزويجي مرة ثانية وقد اندهشت من موافقة عمي والد زوجتي له في الرأي إذ بدا لي بان الحفاظ على النسل وتواصل اسم العشيرة هو الأمر الذي لا يتعارض معه أي اعتبار آخر!!. وكما أسلفت لكم ،كان صغر سني وقلة حيلتي سبب رضوخي للأمر، وكي أكون صادقا معكم سررت جدا عندما علمت بان عروسي هي ابنة أحد مشايخ القرى المجاورة وقد ذاع صيت جمالها في تلك الأيام.لقد كان زواجي هذه المرة لمصلحة ارتأاها الشيوخ الأصدقاء والدي وعمي بالاشتراك مع والد العروس . أما ابنة عمي فلم تبدر عنها أية ردود أفعال حيال الموقف، ولم يتغير سلوكها معي بل ازدادت التصاقا بي وكأنها تقول لي انك لن تجد زوجة تسعدك مثلي فلا توافقهم فيما يرتؤون،ولأنها كانت تجيد قراءة حديث عيوني فهمت بأنني سأتزوج من اجل الإنجاب وهذا ما أشعرها بالنقص والاكتئاب اللذين كانا سبب الكارثة التي سأتطرق أليها بعد قليلِ. لم أغادر غرفتي مع زوجتي الجديدة لثلاثة أيام متتالية . لقد كانت اجمل مما سمعت عنها أو هكذا كانت تبدو لي لأول وهلة!!،لكني تركتها عند سماعي نبأ وفاة ابنة عمي!!.لقد انتحرت لمجرد ابتعادي عنها مع امرأة ثانية !.كان هذا الحادث بمثابة الحاجز الكبير أمامي نحو حب أية امرأة أخرى في العالم ليس لشعوري بالشفقة نحو ابنة عمي أو لإحساسي بالذنب تجاهها ،بل لأنني لم أجد اجمل منها رغم قبحها وعقمها!!. عمري ألان يناهز السبعين عاما وعلى ذمتي أربعة نساء .. ولم يرزقني الله بالولد!!!.
|