همسات أبو فادي إلى .... أين؟
كريم إينا من سلسلة مختارات الفكر المسيحي صدر حديثاً كتاب بعنوان همسات أبو فادي المجموعة الثانية بقلم راعي أبرشية السريان الكاثوليك سيادة المطران الجليل جرجس القس موسى الجزيل الإحترام والكتاب هو من منشورات مركز الدراسات الكتابية الموصل العراق 2007 بيبليا للنشر. والكتاب يحتوي على (180) صفحة الذي قد ضم على (77) همسة والكتاب من الحجم المتوسط بقياس (23.5) سم طولاً و(16.5) سم عرضاً وهو الكتاب الثاني الذي قد أهداه لي وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يدلّ على مدى حبّه وعطائه لأبناء جلدته وعمق فكره الثقافي الذي يوصل بين الثقافات أجمعها. في عزّة نشاطه وكثرة تنقلاته إستطاع الأب الجليل أن يصارع الزمن بكل مغرياته أحجامه وألوانه البراقة والخافتة وها هو الآن يستذكر في غرفته المتواضعة المظلمة التي لا يشوبها إلاّ مصباح واحد من نوع (تيبل لامب). إستطاع أبو فادي أن يوقظ الضمائر الميتة سواء في الخارج أم في الداخل بإسلوب جدّي واعي مستوحى به الواقع في كافة الأمكنة المظلمة والمستنيرة يكاد أن يلتصق بطريدته الجادة الضاحكة وشطحاته وبهلوانياته وتأملاته المستقبلية. لقد كانت شخصية همسات أبو فادي غامضة والكثير يسأل من يا ترى الشخص الذي يكتب ذلك؟ ومرت سنين عديدة إلى أن أكتشف الأمر سواء من الأقرباء أو الغرباء وكأنّ همساته قد أنبأتنا عن الديمقراطية الحالية التي أستوردت أخيراً من أرقى المناشىء العالمية. لم يتوهّم أبداً في ما كتب بل أدخل الفرحة إلى قلوبنا رغم خوفنا عليه من بعض كتاباته الخطرة (كالبقرة الضاحكة) التي كانت تدقّ على الحديد فيسمع الساسة رنته ولكن الحمد لله كان يسوع الفادي معه في كلّ حين. لقد تمنّ أبونا العزيز كلّ ما في نفسه لخدمة البلد ولكن (ما كلّ ما يتمناه المرء يدركه...إلخ). لا يفوته شيء عندما يتنقّل من دولة إلى دولة ويسجّل الأحداث بنزاهة مفعمة بالحب مع دعمها بالأمثال فهو ما زال يؤكد على الجوهر ويبعد المظاهر والقشور التي تزين الواجهات العقيمة. أمّا ما يظهر بالنقد اللاذع لمجتمعات العصر الراهن وخاصة مجتمعنا نحن العراقيين نسمع ونرى كالعبارة باللغة الإنكليزية: don’t kiss my back وأترك الترجمة للعارفين. ومن خلال الإهداء بدأت أتمعّن الكتاب الذي به مكتوب في الصفحة الأولى إلى العزيز كريم إينا وبين قوسين (كيف تبني)؟ ثمّ توقيعه وتاريخ الإهداء. الشيء الذي لفت إنتباهي عبارة كيف تبني؟ فلم أفهم ماذا يقصد بها؟ وبعد قراءتي للكتاب وصلت إلى صفحة (39) إحدى الهمسات تقول: كيف تبني تعاستك بيدك؟ ومن هنا بدأت أفهم القواعد الستة التي وضعها لفائدتنا. رغم المتاعب وتعب السفر من هنا وهناك وحتى وصوله إلى ليبيا تراه فقد الدولار وجعل ظله يمشي كالحمار يحمل تساؤلات كثيرة بكلّ أدب ولياقة ليحصل على هامش عبقري ينجح في كلّ زمن. تأخذ كتابات الكاتب طابع حيواني أكثر مما هو آدمي أو نباتي أو هندسي وذلك لغاية في نفس يعقوب. فكونه رجل دين ذو منصب رفيع في الكنيسة نراه يعامل الأشياء الحية والجامدة والمجردة على سواء لأنّها كلّها تصب في خلائق الله. فكما كتب بيدبا الفيلسوف الهندي عن لسان الحيوانات والحكم التي تنضح منهم فهو لا يزال يقارن الإنسان سيد الخليقة بأفعال الحيوانات بعيداً عن عقله وفهمه. إنّه يرى الأشياء من كأس زجاجية ويدخل النكتة مضغة الظل إلى همساته. إنّه يلوّح بالطفولة كالهموم الوثنية في زمن الربيع ويعود مرة أخرى إلى التاريخ يستظلّ به العشاق وطرفة أخرى يضيفها إلى ذهن السامع إذا ما أراد قياس طبعه فيذهب إلى مكان الإحتساء وهناك يظهر الخلق الرفيع أو لا يظهر فهو يحاول بذكاء مكتنز تطبيق عبر الحياة من خلال كلام الإنجيل وحسن قد فعل. وهناك العديد من الهمسات كبقرة الشيخ ومن هالة إلى أبيها العائد والعرافة وحالة النعمة وأحلام الفقراء وبطرس ويوحنا أمام مجلس الأمن ومسرح الساعة العاشرة و......إلخ من بقية الهمسات التي تحمل في طياتها عبق المحبة والألفة أتمنّى له الصحة والعافية لخدمة الكلمة الصادقة
.
|