من ليالي بغديدا
مررت قبل ثلاث سنوات في زقاق من احد ازقة بغديدا القديمة فرأيت هذا الزقاق الذي كان مزدحما بالمارة والمواشي قد صار واسعا وفارغا واذا بمروري بدارٍ ليَّ فيها ذكريات قد صارت ارضا مستوية كباقي الدور المجاورة فتعجبت لهذه الحالة لدورٍ كانت كأنها كنائس صغيرة او اديرة محاطة بعضها ببعض كالحجارة المرصوصة على قمة جبل عالٍ تحاكي الشمس نهارا والقمر والنجوم ليلا فاذا اعاصير التغير والتجديد الجامح والغير منتظم قد هوى بتلك الحجارة الى اسفل الوادي . وبعد هذا الكلام والتقديم نعود الى تلك الدار التي قضينا فيها ليلة من العمر لا تُنسى الا وهي انه كان من عادة الناس في القرى والمدن في العراق عامة وفي الشمال منه خاصة في ليالي الشتاء يعملون ( منقل) موقد نار ثم صارت المدافئ ( الصوبات) فعوضت لقضاء الليل الطويل في موسم الشتاء.( علما انه لم يكن كهرباء في ذلك الوقت) فكان الناس يقضون اول الليل بالمسامرات والزيارات بين البيوت المتجاورة وفيها الصلاة وحكاية قصص القديسين وقراءات من الكتاب المقدس اذا كان احد المجتمعين يعرف القراءة اما في الصيف فكان السطح هو الكنيسة والمدرسة والمنتدى في الليل. ففي هذه اللوحة التي نرسمها هي صورة لاحدى الامسيات والليالي التي كانت تقريبا يوميا. لقد دُعينا الى العشاء وكان ذلك في اول بداية فصل الصيف والناس تتوق الى السطح تخلصا من الحر والبراغيث في ذلك الزمان. جلسنا على السطح وكان العشاء دسما ولذيذا وبعده الترعوز الطري والبطيخ الجديد المقطوف من الخضرة( المزرعة) قبل ساعات قليلة ، ثم كان الشاي ونحن نستعد لشرب الشاي لاحظت الجيران يعبرون السطوح الى عندنا كعادتهم كل يوم واذا احدى الجارات تقول : سوتي متى نبدأ ؟ واذا تسمع صوتا من رابع اوثالث بيت ينادي لا الاستعجال لانهم قادمون وهكذا وكأن تلفونات الموبايل القديمة بدأت بالعمل. فسألت حبيبي واخي العزيز ما هي القضية ؟ فقال لي : انهم يجتمعون كل يوم لان هذا الشهر هو الشهر المريمي ويصلون لان كثير من الامهات لايستطيعن الذهاب الى الكنيسة بسبب اشغالهن واطفالهن ( اعتقد لا زالت الاجتماعات موجودة في السهرات الانجيلية) واذا صار السطح صفوفا من الجالسين والجو بدأ يطيب بنسمة الهواء الغربي والقمر يضحك بنوره وكانه من شدة الفرح تدمع عيناه والنجوم تلمع بنورها بين خيمة الرب الزرقاء ومن كثرة الناس جلسوا على سطوح البيوت المجاورة واذا بسوتي تبدأ برسم علامة الصليب والكل يشارك معها بصلاة الوردية فبدأ قسم : بــ اوان ديله بشمه( ابانا الذي في السماء) ثم بعد الانتهاء بدأ الطرف الاخر شلاما الاخ ـ السلام عليك ـ ثم الطرف الاخر ستان مريم ــ يامريم القديسة وهكذا ولا تسمع غير اصوات الصلاة وكأنها موسيقى سماوية ويسود الصمت عند الانتهاء فانك تسمع صوت ابرة اذا سقطت على الارض وبعد الوردية كانت الطلبة والسهرانة ثم قولو ( نشيد) شلاما الخ يا دلا موما ملكثا دأرا وروما شلاما الخ بليلى وبيوما من ملاخي و بني علما وهكذا الى نهاية النشيد ثم اعطي السلام الى الجميع، واذا بصوت فتاة شابة طلبت من سوتي ان تجيبها على السوال الاتي: سوتي انا اريد ان افهم معاني هذه الرموز التي نصف بها امنا مريم العذراء مثلا نقول : السلم العالية ، جرة المن الالهية والخ .... فقالت سوتي : اني لست دارسة لاهوت وتفسير كاحد الاباء ولكني أؤمن بقول يسوع المسيح واطلب منه ان يفتح قلبي بروحه القدوس ليتكلم لساني ولا اكون انا المتكلم بل روحه القدوس فيَّ "لا يهمكم كيف تتكلمون او ماذا تقولون ، فلستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم يتكلم بلسانكم܀" متى 10/ 19 اننا ننشد لمريم العذراء والتي هي حاضرة معنا وتصلي وترفع صلواتنا الى ابنها الذي هو الوسيط بين الاب وبني البشر وتتوسل لديه ان يتحنن علينا نحن اولادها الذين صارت لنا اما في يوم الصلبوت حين قال لها هذا هو ابنك وليوحنا هذه هي امك اشارة الى المؤمنين جميعا يوحنا 19 / 26 ،27 انني كنت اسمع وانا شابة في البيت يتكلم ابي واعمامي وكذلك شمامسة معهم في ليالي الشتاء فكان يقول احدهم ان الاباء شبهوا مريم العذراء برموز واحداث من العهد القديم التي تحكي عن علاقة الانسان باللـه وان الكنسية تؤمن بانه قد تحقق على اكمل وجه وصورة في تجسد ابن اللـه في احشاء مريم العذراء ولذلك نعطيها القابا وتشبيهات مع ما ذكر في العهد القديم ، فنتكلم الان كل حسب معرفته وما يعطي له الروح القدس سماحا بالكلام فمثلا كانوا يقولون ان مريم العذراء كسفينة نوح لان نوح كان رجلا بارا كاملا في بني جيله فقال له اللـه:" قد حان اجل كل البشر امامي فقد امتلأت الارض عُنفاً بسببهم فهانذا مُهلكهم مع الارض إصنع لك سفينة..... واقيم عهدي معك " تكوين 6/8ـ 22 وكما كان خلاص البشرية المختارة بالسفينة كذلك مريم كانت واسطة للخلاص من طوفان الخطيئة بقبولها حلول روح القدس عليها وتجسد ابن اللـه فيها فصارت سفينة حملته ليخلص البشرية بالفداء ويصالح البشرية مع الاب الازلي وكان العهد بميلاد المسيح وصار حمل اللـه الحامل خطيئة العالم .يوحنا 1/29 ثم تكلم اخر فقال : في مساء الاربعاء يوجد نشيد يتكلم عن مريم العذراء وفيه يقول المنشد رسم موسى هامة الانبياء في الناموس وفي النبؤة صورة الام المباركة فأشار اليها بقبة العهد وجرة المن ولوحي الناموس وبقضيب هارون الذي اورق في قدس الاقداس وبجزة جدعون وطله" ندى " وبجرة اليشاع الجديدة وبالسحب السريعة التي شاهدها اشعيا . ابنك يامريم هوذلك الخبز السماوي الذي نزل من العلى وهو الثمرة التي أكلها المائتون فاقتنوا الحياة ܀ وفي مساء الجمعة يقول المرنم" ليس بين العذارى ولا الصبايا وليس في اجيال العالم ولا في الذهب الخالص ولا في الجمال الرائع مثل جمال مريم ابنة يواقيم ܀ الاشحيم السرياني وهذا يعقوب السروجي يسميها السماء الثانية ويقول في ميمر عن مريم فيقول " هي ام ابن اللـه لانها الامرأة الوحيدة في العالم الاطهر من الجميع قاطبة " ثم يقول ان جمالها اقتنته بعد ان طهرها الروح القدس حينئذ حلت فيها قوة العلي ܀ فجعلها طاهرة ونقية ومباركة مثل حواء قبل ان تتكلم الحية معها اعطاها الجمال الاول الذي كانت تملكه امها قبل ان تأكل من الشجرة المليئة موتا. وهذا الملاك يقول لها السلام عليك يا ممتلئة نعمة وخالتها اليصابات تقول لها يامباركة في النساء .
ثم تكلم اخر فقال مريم هي سلّم يعقوب (تك 28: 12-13)، لأنّها وصلت السماء بالأرض بولادتها يسوع مخلّص العالم،. وبالمعنى عينه ندعوها "جسرًا ناقلاً بالحقيقة من الموت إلى الحياة" العلّيقة الملتهبة (خر 3: 1-16)، لأنّ الألوهة سكنت فيها ولم تحرقها، والملقط الذي حمل الجمرة الإلهيّة المطهّرة من الخطايا (أش 1: 6–7). ندعوها أيضاً في صلواتنا بألقاب متنوّعة، تظهر علاقتها بابنها الإلهي: فهي الفردوس الذي يحوي في وسطه الربّ عود الحياة (تك 2: 9)، وهي المسكن المقدّس (خر 25: 8)، وتابوت العهد الذي كان يحوي وصايا الله لأنّها حوت كلمة الله (خر 26)، وهي المائدة (خر 25: 28-30)، ومائدة الحكمة أمثال 9: 1-11، والجرّة الذهبيّة الحاوية المنّ، الغذاء النازل من السماء خر 16: 32- 34، "انا خبز الحياة اباؤكم اكلوا المن في البرية ثم ماتوا . انا الخبز الحي الذي نزل من السماء܀" يوحنا 6 / 48 ـ51 ثم تكلمت احدى الاخوات فقالت : هي المنارة خر 25: 31، وعمود النار الذي يهدي السائرين نحو أرض الميعاد خر 13: 21 لأنّها ولدت المسيح نور العالم. " انا نور العالم من يتبعني لا يمش في الظلام بل يكون له نور الحياة " يوحنا 8 / 12 هي جزّة جدعون المندّاة قضاة 3: 36-40 لأنّ كلمة الله نزل عليها كالندى وحلّ فيها. وتكلم اخر ايضا فقال : هي جبل الله المقدّس أش 2: 2؛ 30: 9؛ ميخا 4: 8؛ حبقوق 3: 1– 4. هي أورشليم الجديدة. ففي العهد القديم، كان الناس يصعدون إلى جبل أورشليم للاستماع إلى شريعة الله، أمّا في العهد الجديد فمريم هي الجبل المقدّس الذي يحوي كلمة الله. هي أيضاً الجبل الذي، حسب نبوءة دانيال، "انفصل عنه حجر، لا بقوّة اليدين"، فسحق الممالك الأرضيّة، وأنشأ مملكة لا تنقض إلى الأبد" دانيال 2: 31–45 هي الكرمة التي زرعها الله لتعطي عنقودًا إلهيًّا ثمرة الحياة مز 80: 16 وهي الأرض المباركة التي تعطي غلّة وافرة مز 67: 7.
انها بحق كانت محاورة لاهوتية وعميقة وكأننا امام ملافنة كبار يتكلمون ويصفون صفات ورموز مريم ام الرحمة ام كل من التجأ الى معونتها وشفاعتها فهي لم تخيبه بل تسرع اليه فحنانها اكثر من حنان الام التي كل منا يمدح امه باوصاف ومزايا لاتعد ولا تحصى ولا يسعنا ان نضيف كذلك تعابير اخرى نلتقطها من الكتاب المقدس ونمدح بها يسوع الرب المخلص و امنا العذراء ام المعونة وقد استشهد بها الملافنة في اشعارهم وميمراتهم وكتاباتهم على ممر العصور اذا كان جسمك بعيداً منا ايتها القديسة مريم فصلواتك تكون معنا دائما . فلتشفع لنا صلوات امنا مريم وجميع القديسين امين .
كتاب للمسيح حي مختوم بالروح إشعيا 29: 11 بنت الملك لباسها من نسائج الذهب : تزف الى الملك الى الداخل وفي اثرها عذارى وصائفها يحضرن اليك مزمور 45: 15 عرش ناري للضابط الكل دانيال 7: 9 أنبتت الوردة التي لا تذبل فيكون ثمره للطعام وورقه للشفاء حزقيال 47 :12 ومزمور 1: 3 ولدتِ التفاحة العطرة نشيد الأنشاد 7: 8 يا سوسنا نشيد الأنشاد 2 : 16 شماله تحت راسي ويمينه تعانقني نشيد الانشاد 2 /6 جنة مقفلة ينبوع مقفل وعين مختومة نشيد الأنشاد 4: 12 ولدت فتى لا عيب فيه لاويين 21: 17-18 و21 حملَت حملَ الله يوحنا 1: 29 يا صبحًا منيرًا رؤيا 22: 16 جلبَت لنا المسيحَ شمس البر والشفاء ملاخي 4: 2 يا مسكن النور مزمور 132: 13 الباب الأوحد الذي اجتازه الكلمةُ وحده " الرب وحده قد دخل منه فيكون مغلقا ".حزقيال 44/ 1ـ 2 مريم البتول هي باب مغلق حسب النبؤة به دخل الرب المسيح الى العالم وتركه مغلقا عندما يدخل الله في الباب لا يفتحه يوحنا 20 / 19 ،24 إن يسوع... الجالس بمجدٍ على العرش الإلهي إشعيا 6: 1 يسوع... وردَ على سحابةٍ سريعة إشعيا 19: 1 المائدة وآنيتها والمنارة الطاهرة خروج 31: 8 يا سلّمًا أصعدَت الجميع " فرآى حلما كأن سُلما منتصبة على الارض وراسها الى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل عليها . بها ارتقينا من الارض إلى العلاء تكوين 28: 12 يا عمقًا لا يُدرك " يعسر النظر اليه " ايوب 11 :7 يا علوًّا لا يوصف ايوب 22: 12 يا ملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر وعلى راسها اكليل من اثني عشر كوكبا رؤيا 12: 1 يا مَن خلّصت العالم من طوفان الخطيئة كسفينة نوح تكوين 7 :7 يا خِدرًا منيرًا مزمور 45: 13 يا فردوسًا حيًا حاويًا في وسطه الرب شجرة الحياة تكوين 2: 9 يا مدينةً ملِكِ الكلّ دانيال 9 :19 يا جبَلاً لم يُقتطَع منه دانيال 2: 45 أيتها الجزة المندَّاة التي شاهدها جدعون قديما قضاة 6: 38 لهيب نار من وسط العليقة فنظر فاذا العليقة تتوقد بالنار وهي لاتحترق خروج 3: 2 ان موسى أدرك في العليقة سر ولادتك يا سحابة منيرة متى 17: 5 يا كرمة حقيقية أينعت عنقودا ناضجا ـ كرمة خمر إشعيا 27: 2 يا درجًا فيه كُتِبَ الكلمةُ بإصبع الآب مزمور39: 8 وحزقيال 3 :1-3 إننا قديمًا قد تعرينا بالخديعة تكوين 3: 7 نحن... الجالسين في ظلام الزلات قد أبصرنا النور إشعيا 9: 2 يا كوكبا لا يغيب بطرس 1: 19 يا من فتحت عدنا المغلقة تكوين 3: 23-24 يا عامودا ناريا يقود البشر إلى الحياة العلوية خروج 13: 21 يا من هي وحدها جميلة في النساء نشيد الأنشاد 1: 8 من هذه المشرقة كالصبح الجميلة كالقمر المختارة كالشمس المرهوبة كصفوف تحت رايات نشيد الانشاد 6/ 9 يا تابوتًا 2 صموئيل 6: 9 و11 مقارنةً مع لوقا 1: 43 و 56 "من اين لي ان تأتي أُم ربي" تابوتًا متنفسًا حاويًا في وسطه الرب عود الحياة عبرانيين 9: 4
خالد داود يوسف 17 / 11 / 2009
المراجع 1ـ الكتاب المقدس بعهديه 2ـ تفسير الكتاب المقدس 3ـ الاشحيم السرياني 4 ـ الايام الستة ليعقوب السروجي 5 ـ ميمرات مار افرام السرياني 6 ـ الفناقيث 7 ـ تراتيل بالسورث 8ـ تراتيل وصلوات بالعربية |