طال الليل وأرقُ النومِ ادهشني
مساء شتاء بارد وشمسه الى المغيب واصفرار لون سماءه كلون ذهب مصفى في كور صائغ حاذق والغيوم الخفيفة تداعب خطوط اشعتها التي تُبان كبروقٍ في السماء وانا لازلت اسير في شوارع المدينة كغريب باحثا عن عنوان هدف اقصده وكلما صادفت مارا أسأله عن المكان وأريه العنوان المسجل على ورقة من طين خزف قديم كقدم التاريخ وكل من يقف يرفع يده ضاربا الهواء ويقول اني غريب في هذا المكان و باصراري والحاحي اوقفت رجلا شهما وسألته سؤالي، نظَرَ اليَّ متعجبا ونفخ زفيرا وتحسر حسرة وقال لقد فتشتُ قبلك عن هذا المكان لأعرف سر الانسان وكلفني العمر كله وسقطت صريع التعب ومرت عليَّ الايام ، الذي احزنني اكثر ان ما تعبت من اجله سُلب مني في اخر الزمان بحيلة كانت ام باهمال، فسُرق مني بغفلة اسكرتني جرعة عدوي فترنحت ولازلت حتى الان ، فقلت له هذا كلام يشبه اسطورة ملك سومر واورك الذي حصل على عشبة الخلود ، فضحك وتركني واقفا وحدي مذهولا من أمري. وما ان تحركت قدمي عثرت بجثة اسقطتني ارضا وصوت من الجثة يعاتبني ، ما لكَ اعمى أنتَ؟ ام ماذا؟ جبلا كنتُ لا أهاب الرياح ،ففركت عينيَّ ونظرت وقلت وانت منذ متى أ… من الاف السنين انت هنا ؟ اصرعتك الالهة قديما؟ ارى جثتك لم يصبها الفناء ولا أشم رائحة كريهة منها، سكت لحظة وادار راسه اليَّ وقال ان الذي جبلني قد عطر ارضي ارض السواد باقدامه ورائحته تنفذ لتعطر كل من حولي كان صديقي واخي كلكامش يضمني الى صدره ويبكي ذارفا دموعا على جثتي حتى غسلها بتلك القطرات من عينيه ومنع دفني تحت التراب، ها انا ذلك البطل بين المصروعين. ايضا لم يعرف المكان القاصده انا ولكنه رجع وقال فتش لوحدك وبجهدك قد تصل الى نهاية المشوار. تركته واذا برجل ذو قامة طويلة وعلى رأسه تاج ويحمل مسلة صغيرة من الحجر فأوقفته سائلا عن المكان فقال انا ملك الجهات الاربعة وكل الارض ملكي، اين تريد اذهب واذكر اسمي يخافه السامع عند ذكره سيطرتُ على الشمال والجنوب وجلبت الكثير لبلدي ومنها شتلات الاشجار الغريبة كالعنب والتين والورد وزرعتها في ارضي. ذهبَ وتركني وانا منذهل من هذا المشهد واذا برجل شهم كبطل رافع راسه زاهيا بالنصر بعد معركة فسألته عن المكان الذي اقصده فقال لي كل ذلك موجود في مكتبتي التي جمعتها من اطراف الدنيا وكتبها ابناء شعبي على الواح من طين خزف محروق وكتابتها جميلة يمكنك بواسطتها التعرف على حياة شعبي. الديانة والادب والحكمة والاحداث والتاريخ ، فقلت له حياك اللـه يا ابن اسرحدون ويا رمز اشور الثقافي فقال انت تعرفني؟ فقلت له انت معروف من القاصي والداني في الارض، ونحن نتحادث مرَ علينا رجل لابسا ملابس الملوك فسلم علينا فردينا له السلام واراد صاحبي ان يرافقه ولكني اوقفت الاخير لأسأله عن المكان الذي اقصده، فقال اراك في حيرة من آمرك انظر هناك ترى جنائنا معلقة وعالية وكان لي الآمل ان اصعد الى السماء وارفع عرشي فوق كواكب اللــــــه ، اصعد فوق اعالي الغيوم واكون شبيها بالعلي. ولكن الايام لم تكمل معي المسيرة، وعلى غرة رحلت الى المجهول وعشت بين الحيوانات لاني تكبرت واردت ان الوصول الى الالهة ثم ضحك ضحكة عالية ضحكة جاهل وتركني في حيرتي، واذا بانسان يرعى غنما وعصاه بيده ويمشي الهوينا متفرسا في الارض وقد اقبل الشتاء وقد حصر فكره في معيشة غنمه فأوقفته لأسأله عن العنوان الذي اقصده فقال ما لي ولك يا أخي انا ابا جمهور فتراني اترك ارض اجدادي ارض اور ارض الغنى مشرق الشمس ومركز الكون وبهجة الروح لارحل الى المجهول قاصدا ارض الميعاد فقلت له وكم يطول سفرك هذا فأجابني العمر ينتهي والسفر لا ينتهي فالعمر قصير واما الطريق طويل ونهايته السماء البعيدة حيث ترقص النجوم امام الخالق والكواكب والشموس تنير الطرق للداخلين فقلت له هل انت جدٌ من اجداد البشر العظام؟ فقال تفرس في وجهي فتعرفني من انا وركض وراء غنمه الذي انتقل الى مرعى اخر افضل من المكان الذي نحن واقفون فيه واذا برجل مهيب ورائه جمع من الرجال فانسحبت الى جانب الطريق لاوسع لهم فنظر اليَّ وقال أراك مندهشا وخائفا فقلت له يا سيدي جئت هنا ابحث عن مكان محدد وعنوانه عندي فقال لا تقلق خُذ هذا الكتاب يكون لك طريقا للوصول الى حياة مِِلئُها سلام وطمأنينة فنظرت الى اعلى الكتاب فتذكرت تلك الصورة التي قد مرت امامي مرارا، وقال انظر الى الصورة فانا احدهم وقد نشرت العدل والمساواة بين ابناء شعبي فقلت له هل انت حاكم هذه المدينة؟ فطأطأ رأسه ومشى وتركني انظر اليه وما انا متسمرا في مكاني مر فارسا راكبا حصان ابيض كالثلج ، فاوقفته بداية لم يسمع لي ولكن نظر الى الوراء ورجع ثم نزل عن حصانه وتقدم وقال ماذا تريد مني حتى منعتني من العبور بينما لم يستطع احدا ان يقف امامي من ملوك وحكام شرقا وغربا فضحكت امامه ضحكة خاملة وكأنها ابتسامة مريض وقلت له كثيرون قالوا هذا الكلام وهم الان في خبر كان وهذا كلامك يذكرني بقائد حرب قتل ودمر وسيطر على دول كانت تسمي نفسها امبراطوريات ولكنه مات على نهر الفرات وهو في رعيان الشباب وانا اتكلم ركب حصانه وصاح .... الى الاقوى.... يالها من كلمة قادت الى صراعات شديدة استمرت مدة طويلة وقبل بزوغ الفجر وانا اسير فرايت رجلا ذا جسم ضخم بعضلات قوية قد جلس القرفصاء في زاوية من بناية قديمة مهدمة فاتجهت اليه لأسأله سؤالي المكرر لكن فضولي قادني الى غير ذلك لمنظره الغريب عن الذي رايته فقلت له من انت يا بطلا في الجسم والعضلات فقال لي لايوجد انسان لايعرفني على وجهه الارض لقد ذاق طعمي الصغير والكبير الملك والعبد الغني والفقير الرجل والامراة الابن والبنت العريس والعروس وهو مستمر في ذلك وانا ساكت صامت وقد سيطر عليَّ الخوف وبدأ جسمي يرتجف من البرد ولكن جمعت اوصالي وتشجعت وسألته ما اسمك وما اسم هذه المدينة التي انا فيها فكان جوابه هزءأ بيَّ وقال بعد ايام ام سنين ستعرفني ولكني سأجيبك وقبل ان تكثر عليَّ اسئلتك هذه هي مدينتي وانا ملكها ومن يدخلها أُقيده بقيودي التي هي اقوى من الحديد فقاطعته وقلت له ومالك وانت منكمش على نفسك في زاوية مهجورة ومنسيه وحقيرة فقال لاتهزأ بيَّ لانه لم يغلبني احد الا واحدا فقط فقد حطم اسواري وانتصر عليَّ وقيدني بقيودي لانه اقوى مني واعظم ولا تعلو عليه قوة........... وانا استمع له ذهب الارق عني وسيطر النوم ... فنمت نوما عميقا كسبات في اعماق سحيقة بعد ان عشت لساعات بفزع ودهشة
ما اسم هذه المدينة؟ ومن هو ملكها؟ ومن غلب ملكها؟ ومن هم اشخاص المحاورة؟ وشكرا للقارئ........
اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للاستاذ خالد
|